قد يصادفك في اليوم مشاهد كثيرة تثير "القرف" في نفسك، تمعن في مناظر بعض الشباب وطريقة لبسهم للبنطال وهو مايعرف بموضة "اللو وست" أو أنظر إلى قصات الشعر المخزية والتي يتباهون بها في الأوساط العامة دون حياء أو خجل. تعرف على جرأة بعض الفتيات في اللباس وإلى أي مستوى وصلت الحشمة لديهن أمام هذه المناظر الدخيلة نحن أمام مشكلة اجتماعية متشعبة هي لاتخص قطراً عن آخر بل هي مشكلة في كل المجتمعات الإسلامية والعربية وهي اليوم تمثل حالة انفصال عن هويتنا الإسلامية إلى حالة انتماء لهوية الغرب.. بالتأكيد هناك حقيقة لايٌختلف عليها وهي أن من لاهوية له لاخير يرجى منه..ففي الوقت الذي تتطلع أمتنا الإسلامية إلى أبناءها ليكونوا أداة إصلاح يذودون عن قضاياها الشائكة تجدهم اليوم معاول هدم لايحملون لها أي ولاء أخشى أن يكون التشتت الذي يعاني منه أغلب المسلمين قد سلب من شباب وشابات الأمة روح الانتماء والهوية..فالصراعات الطائفية في أغلب الأحوال تحرضك على الابتعاد وعدم الولاء في حين أن التماسك يدفعك للمنافحة من أجل قضيتك والتمسك بها إلى آخر رمق هذا سبب هام في نظري و هناك سبب آخر يبدو جليا أمام حالات الانبهار بالحضارة الغربية المتطورة حين يربط الجهلة من أبناء الأمة بين واقع هذا التقدم الحضاري وبين تدني مستوى السلوك الأخلاقي لديهم..فيتخلون عن أخلاقهم وتعاليم دينهم وتبدأ ممارساتهم للتقليد الأعمى والذي وللأسف يكون تقليداً لأسوء التصرفات اعتقادا منهم من أن الثقافة الغربية هي الثقافة السائدة والتي ستمكنهم من التقدم والرقي متجاهلون حقائق ديننا والذي دعا إلى التعلم وجعل سمو الأخلاق شرطاً للتقدم العلمي والحضاري و كأنهم بذلك يريدون طمس الحقيقة والتي تؤكد للأجيال أن حضارة الغرب إنما هي حضارة مأخوذة من حضارة المسلمين. هذه أسباب عامة، وإن كانت القضية لاتقبل الاستثناءات ولكني أردت من خلالها مناقشة واقع مجتمعنا السعودي مع هذه المشكلة لنقف عند أسباب أخرى أعتقد بأن لها دورفي ذات القضية..فدعونا نبحر عبر هذا الحوار والذي يمتلئ من خلاله محمد الداود كاتب رواية " أوراق طالب سعودي في الخارج " بالحيرة والصمت حيال تفسيره لبعض الحالات التي واجهته في نيوزيلندا إبان ابتعاثه للدراسة هناك. من هذا..يبدو أنك تحلم إنه برازيلي من رأسه إلى أخمص قدميه وأيضا أنظر إلى من معه. أعدت النظر مرة أخرى..لأجده يحادث ثلاثة يبدو أنهم من تلك المنطقة، رحت أتأمله مرة أخرى..غير أن سعوديته كانت واضحة جدا.. ابتدأ من طريقة وقوفه وانتهاء بهاتف الجوال الذي أخرجه من جيبه لغير حاجة. غير أن عُذيب كان متمسكاً بموقفه لم أجادله كثيراً وبقينا نتحدث في أمور متفرقة ثم خرجنا لتناول الغذاء عندما اصطدمت بشخص لم ألمحه في البداية التفت نحوه وأنا أقول بالعربية: أسف ليرد: لاعليك.. فوجئت بأنه لم يكن سوى صاحبنا الذي كانت المفاجئة تغطي وجهه وهو يقول: ماأدراك أني عربي واضح.. كل شي يشير إلى ذلك يبدو أن كلامي لم يرق له..عندما كشفت الغطاء الرقيق الذي كان يستتر به، لست أدري لماذا يخبئ حقيقته وانتماءه. مددت يدي لأصافحه قائلاً: معك محمد من الرياض طلال من السعودية قالها بصوت منخفض وكأنه يخجل من حقيقته! اقترب منا مجموعة من الطلاب وهم يلوحون له يقول أحدهم: (جاك)..هل ستأتي معنا للغذاء سنذهب إلى المطعم اللبناني!! التفت (طلال أو جاك) نحوي وهو يقول: لقد سميت نفسي هنا (بجاك) أسهل في النطق وحتى لايعرفوا أني عربي!! وهل هناك مشكلة في معرفة ذلك ؟ قال لي وهو يغمز بعينيه ويبتسم بتبجح: ربما، وخصوصاً عندما نذهب إلى أماكن صاخبة آخر الليل مع هذه وتلك! خرج مع مجموعته بعد أن شيعته بنظرات يملؤها الازدراء والشفقة ففي نظري أن فقدان الهوية هو أشد الأمراض التي تفتك بشبابنا.