عولمة الخدمات والإنتاج والتسويق لم تترك للشركات خيارا أمام حتمية التطوير والجودة شأنها شأن الفرد إن لم يطور قدراته لن يصبح له مكان وفرص أفضل على غير ما كان عليه الماضي، وقد شهد الكثير منا ذلك الماضي وطبيعته حيث التقليدية، عندما كانت تمر سنوات وسنوات دون تغيير جوهري. وهذا ما أتناوله بعد أن تلقيت تعقيبا رقيقا من سعادة مساعد المدير العام للخطوط السعودية للعلاقات العامة الأستاذ عبد الله بن مشبب الأجهر، مشفوعا بتقرير عن أبرز التحديات التي تواجه "السعودية" على المستويين الإقليمي والدولي واستراتيجيتها في ذلك. وأشكر لحبيبنا الأستاذ عبد الله اهتمامه وتفاعله بما نشر و المعلومات التي زودتني بها ادارته، على عكس الأسلوب التقليدي الذي غرقت فيه العلاقات العامة في بعض الدوائر حيث تكتفي بالنفي لما يطرح بالنقد أو ديباجة معروفة ردا ما يطرح دون إيضاح، مع أن المعلومة مهمة خاصة إذا كانت تتعلق بحقائق وتستند إلى أرقام حتى يبني الكاتب خاصة والمواطن عامة رأيه وتصوره، ومن شأن غياب التفاعل أن يجعل الحقيقة ناقصة والنقد يشوبه القصور. لقد اعتاد الكثير من الناقدين على النقد السلبي فقط دون توازن وإنصاف وأقصد تجاهل الإيجابيات ، فيكون النقد مجحفا أحيانا، وفي أحيان أخرى يعكس النقد وجهة نظر دون أخرى أو فرصة لاستجلاء الحقيقة، وقد يكون النقد غاضبا وكأن كل شيء غير منضبط، وفي نفس الوقت ألاحظ عدم الاهتمام بالحق المقابل للشركة، ومن ذلك ما تناولته في مقال سابق عن الخطوط السعودية وحقها في المحافظة على اقتصاديات التشغيل من خسائر المقاعد المهدرة وضياع نحو 1,8 بليون ريال بسبب تخلف 3,8 مليون مسافر، رغم حجوزاتهم المؤكدة ورغم وجود وسائل إبلاغ على مدار الساعة في حال الرغبة في إلغاء الحجز أو تأجيله، فقد نفس تحملت " السعودية " ولسنوات وعقود هذه الظاهرة، حتى اعتاد المسافر على رحلاتها أن من حقه عدم السفر دون إبلاغ بإلغاء الحجز وعدم التقدير لما يسببه من ضياع قيمة المقعد على الشركة، فيما تذكرته قائمة، فكان لابد من وقف هذا النزيف الهائل لعوائد التشغيل، خاصة وأن شركات أخرى يتحمل عملاؤها نتيجة التخلف عن الرحلة المؤكدة بنسب مختلفة بما يعوض مصالحها وحقها في الحفاظ على اقتصاديات تشغيلها، وهو ما يحرص عليه معالي المدير العام المهندس خالد بن عبد الله الملحم ومساعدوه. كانت هذه إشارة سريعة لموضوع المقاعد المهدرة الذي تناولته في مقال سابق، وأعود هنا إلى تحديات أخرى أشار إليها التقرير الموجز وتتعامل معها السعودية برؤية واضحة وشفافية وخطوات مدروسة، وفي مقدمة تلك التحديات تحرير الأجواء بين الدول، والتكتلات الاقتصادية الدولية، والتحالفات الاستراتيجية بين شركات الطيران، وتحرير النقل الجوي الداخلي ودخول العديد من شركات الطيران هذا المجال وتحويل بعض المطارات الخليجية إلى محاور رئيسية لاجتذاب حركة الركاب العابرين. ناهيك عن الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على العالم. كل هذه التحديات مستجدة تتعامل معها الخطوط السعودية وفي الوقت نفسه تكمل مراحل الخصخصة. إننا نعتز بإمكانات السعودية كناقل وطني ومن حق المواطن وكل عملائها أن يطمحوا في المزيد من المزايا خاصة وأنها تنقل نحو 18 مليون راكب داخليا وخارجيا وهي الناقل الرئيسي في مواسم الصيف والسياحة ودورها هام في مواسم الحج والعمرة، كما نعتز بشفافيتها في ما لها وما عليها، ومن ذلك إيضاح نسبة انضباط مواعيد رحلاتها وتحرص على بلوغ الأفضل قدر الإمكان، وتدرك إدارتها بأن مواجهة التحديات بروح التطور وأسبابه هو أمر لا تهاون فيه ولا تأخير، ودائما يشدد عليه المهندس خالد بن عبد الله الملحم على التطوير المستمر. شكرا ل ( السعودية )على هذا الإيضاح الصادق ونتمنى أن يتفهم المسافر أهمية التزامه برحلته أو اتباع الإجراءات البسيطة المطلوبة عند إلغاء أو تأجيل سفره على الرحلة، وهذا واجب تعاقدي يستلزم احترامه مثلما نطالب الناقل الجوي باحترام كامل حقوق المسافر.. والله الموفق. * حكمة: من غضب من لا شيء رضى بلا شيء. للتواصل 6930973 02