استعرت عنوان مقالي من رسالة إلكترونية وصلتني. ومختصرها أن البريد الإلكتروني صار مُقرفاً بعد أن كان في السابق متعة. وتركِّز الرسالة على كم هائل من الرسائل تجعل كل طعام نأكله، وكل عصير نشربه، وكل شيء نمسه، مسرطِناً! والأسوأ أن بعض الرسائل تذكر أسماء شركات تجارية بعينها! فهذه الشركة تستخدم دهن الخنزير، وتلك تنتج منتجات خاصة لمنطقتنا، وغيرها من أكبر داعمي العدو .. رغم أن بعض الشركات التي يذكرون شركات وطنية!وتعرِّج الرسالة على ما يسمونه رسائل دينية، تفوح منها رائحة أحاديث مكذوبة ومصطنعة، ويختمونها بجمل من قبيل: انشر تؤجر، أو إن لم تنشرها فأنت لا تستحق ثوابها، أو يستحلفونك بأن تنشرها، أو يقولون: لا يضحك عليك الشيطان فتحذف هذه الرسالة. وقد استنتج أحدهم أن كلمة حذف (delete) مشتقة من كلمة شيطان (devil)! وصاحب الرسالة محق فيما ذهب إليه. فكل يوم نرى بضع رسائل من هذا القبيل أو ذاك. ومن الرسائل التي تدور في الإنترنت منذ سنوات حالة ولد ضائع بذل والده نصف مليون ريال لمن يجده، أو أسرة وجدت بنتاً ضائعة، ويطلبون منك البحث عن أهلها. وما دروا أنه حسب أحد المسلسلات أن البنت كبرت وزوجوها لابنهم! ومن الرسائل المزعجة طلب التبرع بالدم لمريض زمرة دمه نادرة، ويضعون لك رقم جوال قريبه. وفي إحدى المرات انطلت علي اللعبة واتصلت بالرقم فإذا بهم يغلقون في وجهي، فسألت طبيباً يعمل في المستشفى المذكور في الرسالة فضحك وقال: كل يوم يأتينا أناس يريدون التبرع لهذا المريض المزعوم. وجوابي لهؤلاء أن يطلبوا من أهل المريض أن يبحثوا في بنك الدم الإلكتروني الذي يضم معلومات عن عشرات من الناس الجاهزين للتبرع في كل مدن المملكة، بل وفي خارج المملكة. وفي الآونة الأخير انتشرت الشحادة على الإنترنت، إذ تصلك رسالة تصف حال أسرة فقيرة ويطلبون منك الاتصال برقم جوال معين لتسأل عن كيفية إيصال الصدقات لهذه الأسرة!. ومن الرسائل المزعجة تلك التي تدلك على مواقع تسب الإسلام والعرب والمسلمين، أو مواقع بأسماء إسلامية وهي مواقع عملها الأعداء لتشويه الإسلام... الخ. وجوابي على مثل هذه الرسائل هو: لو أن شخصاً كتب كتاباً يشتم فيه أهلك ونسلك وقبيلتك فهل ستقف على باب المكتبة وتقول للناس: اشتروا هذا الكتاب وانظروا إلى هذا الكاتب السفيه؟ أم ستهمله؟ وهناك رسائل تتكلم عن معجزات علمية هزت العلماء بأمريكا، ثم يظهر أن هناك منتديات توزع مثل هذه الأخبار لتجعل المسلمين ينشرونها ثم يقولون عنا بأننا نكذب! ومن الأمثلة رسالة تحمل صورة غريبة لفتاة قيل أنها مُسخت، وهي في الحقيقة صور مركَّبة بالحاسوب. وكذلك صورة قيل أنها بالقمر الصناعي لمكة والمدينة يظهر فيها الحرمان منيران في ظلام الليل، وقد تبين أن الخبر مصطنع. والأسوأ على الإطلاق هو الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قصص من رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأعطاهم تعليمات ينبغي علينا جميعاً أن نطبقها وإلا فلننتظر العقوبة الربانية. والقصة الأشهر هي قصة من يُسمى الشيخ أحمد الذي لا نعرف من هو ولا متى عاش. وقد وصلتني قصته بالبريد العادي وأنا في المرحلة المتوسطة، ولما رآني والدي رحمه الله مهتما بكتابتها لإرسالها إلى أصدقائي أخبرني أنها جاءته عندما كان في مثل عمري! وأحب أن أختم مقالي بالتحذير النبوي الكريم الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار). ومن عادتي أن أرسل هذا الحديث لكل من يرسل لي أحاديث غير مخرَّجة، وأطلب منه أن يبحث عن تخريجها، فنحن أمة الإسناد وعلينا أن نوثق الأحاديث والأخبار قبل إرسالها. والتخريج أصبح اليوم سهلاً ميسوراً على الإنترنت حيث تتوفر كثير من محركات البحث الخاصة بالأحاديث النبوية. كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز [email protected]