** إصلاح التعليم امنية، وتطويره مطلب، وبدون تعليم حقيقي لا يمكن للامة - أية أمة -أن تنافس الكبار، وأن تخرج من قمقمها إلى علياء المجد والتفوق، وإذا ما وجدت أمة خائرة القوى ومترنحة الأطراف، فاعلم أن تعليمها (على قدّها) إن من حيث الإمكانات أو الأساليب أو رسم الاستراتيجيات، وصدق ذلك الذي قال وهو يرى مجموعة من دول العالم الثالث، سادرة في براثن التخلف والتقوقع والانفكاء، قال في عبارة موجزة لها دلالاتها: (فتش عن التعليم)!! ** ولقد تابعت مؤخرا مثل غيري من اخواني واخواتي المواطنين الفرحة والامل بالقيادات الجديدة لوزارة والتعليم ضمن حزمة التبديل الوزاري والقضائي والاقتصادي، والذي شهدته بلادنا، وتابعت كذلك جزءاً من اماني ومقترحات الناس من وزارة التربية بثوبها الجديد، وهي بدون شك آراء مهمة، يمكن الاستئناس بها، وقياس الحاجة والرغبة والواقع معاً عبرها، ولانني واحد من الذين دخلوا الى ميدان التعليم لعدة سنوات فإنني أود أن أضيف ما لدي من رؤى إلى جملة ما قيل أفكار وآمال ومقترحات، ولكن قبل ذلك أظن أن من المناسب ترتيب الاولويات لدى القيادات الجديدة للوزارة، فهذا مما سيساهم في البناء بشكل صحيح، خاصة أن بدهيات التطوير والترميم والتحديث، لابد وأن تلامس أول ما تلامس الاساسات والجذور، ثم الفروع، فالاوراق!! ** اعتقد أن من المهم أولاً تنفيذ مشروع (المدرسة الجاذبة) أو (مدرسة المستقبل) وهذا مشروع ضخم ومتشعب، ولكن أساساتها تكون من خلال توفير مبنى تربوي تعليمي حقيقي، وليس عمارة مستأجرة، ودعمه بفصول فسيحة يجلس في كل فصل كأقصى حد 20 طالباً لا 50 طالباً كما هو الحال الآن، إذ إن تكدس الفصول بالطلاب، وقد رأيت عدداً منها يجلس الطلاب حتى ما تحت السبورة، بحيث لا يمكن للمعلم ان يصل الى نهاية الفصل الا بصعوبة شديدة، ومثل هذا الفصل او (علبة السردين) هذه لا ينفع معه التطوير مهما كان، ولا يجدي التغني باستخدام الكمبيوتر، ولا بأساليب التدريس الحديثة، لأن أهم المكونات الصحيحة للفصل الدراسي غائبة اصلاً، واظن ان تخفيف تكدس الفصول هو الأهم، فإن تجاوزناها في غمرة حماسنا للتطوير، نكون قد اهدرنا الوقت والجهد، فيما لا طائل من ورائه. ** ونرى أن من المهم جداً اعادة النظر في كل المناهج الدراسية الحالية، وازالة كل الحشو منها، والابقاء على المهم والمختصر المفيد فقط، وابعاد كل ما هو قائم على الاستطراد والتطويل، والثرثرة من خلال استقطاب كفاءات متنوعة في الفكر والخبرة، تضع مناهج حديثة تتفق مع العصر، ومع حاجتنا للانتقال الى قلب العالم الاول، بمناهج ذكية تهتم بالمهارات التي تؤكد أولاً على ثوابتنا وقيمناً وبما تتطلبه الحياة عندنا ومن حولنا، وبالتالي اراحة طلابنا وطالباتنا من هذه الاحمال الثقال، لمناهج متكدسة، ينساها الطلاب بعد الاختبارات مباشرة، حتى ان المعلمين يحرصون على انهائها قبل نهاية العام بطريقة (كيفما اتفق) فتكون النتيجة مجموعات من الطلاب والطالبات اشبه بالصم البكم، الذين حفظوا ونسوا ولم تتحقق عندهم الاهداف ولا المهارات. ** يتوجب ايضا تدريب المعلمين والمعلمات والكوادر الادارية على اساليب التعليم الحديثة، والتعامل مع التقنية، وبناء مهارات الحوار وتعميق المبادئ التربوية التعاملية في نفوسهم، ضمن مجهود شامل لاعادة صياغة الميدانيين ليواكبوا العصر، لا ان يظلوا اسارى التقوقع، فيصدق في حقهم (فاقد الشيء لا يعطيه) كما يجب على الوزارة ان تمنح المعلم والمعلمة والاداري والادارية حقوقهم كاملة غير منقوصة لأن هؤلاء يؤدون رسالة ويصوغون عقول الجيل القادم، وهم (يستاهلون) كل خير، بل ولابد من تحفيزهم أيضاً بحوافز معنوية ومادية، تميزهم عن باقي الموظفين، ليشعر المجتمع أن هؤلاء مكرمون، ومهنتهم مكرمة، ويتعين في هذا الصدد تخفيض نصاب المعلم من (24) حصة الى (18) حصة كأعلى تقدير، لتخف الاحمال، ويحصل الأداء النوعي. ** وأخيراً يجب تكريس مبدأ إتاحة الفرصة للكفاءات لأن تصعد إلى أعلى وفق نظم مؤسساتية لا تخالطها الواسطة والمحسوبيات التي إن أبغضها الناس، فإنها في اليدان التربوي - القدوة - أشد بغضاً، وأن يتم تأنيث إدارات تعليم البنات بالكامل، والحفاوة بالموهوبين، وزيادة جرعات الأنشطة اللا منهجية، وتأمل حال نظام الاختبارات الحالي، بما في ذلك التقويم المستمر، وانتشال المقاصف المدرسية من وضعها المهترئ. [email protected]