حصدت حوادث المرور كثيراً من ابنائنا خاصة فئة الشباب ولو رجعنا الى معرفة اسباب ذلك لوجدناها تتمثل في عدة أسباب: أولا طرقنا غير مؤهلة للسرعة العالية، حيث اغلب طرقنا بها مداخل ومخارج التي تقسم الطريق الى نصفين في حالة دخول السيارة اليه، ما يربك حركة المرور للقادمين على هذا الطريق. بالاضافة الى ما استجد في السنوات الاخيرة من تلك الشاحنات الثقيلة التي تجوب الطرقات وهي أشبه بقنابل موقوتة حيث الشوارع الداخلية والفرعيات وحتى بعض الطرق الرئيسية غير مؤهلة لهذا النوع من المركبات الثقيلة، ما يشكل خطرا على المركبات الاخرى. السائقون من فئة الشباب خاصة، عندهم وقت فراغ كبير، وهذا الوقت اغلبه يصرف في قطع الشوارع والطرقات والدوران فيها دون هدف. والشاعر قديما قال: ان الشباب والفراغ والجدة مفسدة ايما مفسدة: لو دخلنا في عقول هؤلاء لوجدنا السرعة تمثل قيمة في حد ذاتها وبطولة، وعدم احترام قواعد المرور قد يمثل رجولة هذا فيما بين تلك المجموعة او الشلة من الشباب، وقد يشتهر من يفعل ذلك بين شلته بلقب ما تتويجا له على بطولته وشجاعته، فهو يركب الرصيف ويجتاز الصف بحركات بهلوانية وغير ذلك من عنتريات الطرق، للحصول على ذلك اللقب، فهو يبحث عن الانتماء الى المجموعة، وهذه قيمها. وهذه الشلة او تلك المجموعة تتبنى ثقافة الموت بدلا من ثقافة الحياة دون ان تعي. كيف ندخل عقل السائق ونقنعه باحترام قواعد المرور. بطبيعة الحال ان الافراد يختلفون فيما بينهم في طرق اقناعهم، فارشادات المرور يجب ان تراعي ذلك، فمثلا من المناسب ان تكتب عبارات مثل: احترامك لقواعد المرور يعني احترامك لنفسك اولا. فنحن هنا ننقل الاحترام للسائق ذاته، ومن لا يريد ان يحترم نفسه، كما ان هذه العبارة لا توجد التحدي لدى البعض. واخرى: نعرف انك تريد ان تحافظ على أرواح الناس، لذا انت تحترم قواعد المرور، وبذلك نخرج لهم القيمة من هذه القواعد، فهي لم توضع للحد من حريته او للتحدي وانما له ومن اجله، ومن المناسب صياغة عبارات وفق عقلية الشباب، ليس فقط موجهة لأولياء الامور. مثل عبارة، عد لأبنائك سالما، فهي تفترض ان السائق أب وله ابناء وبطبيعة الحال لا تلفت نظر الشباب المقصودين، فهي لا تعنيه، وعبارة مثل، عد لأصدقائك سالما، اقرب اليهم، فهي تستدعي في ذهنه الاصحاب والاصدقاء والسمر معهم، وأحلى الأوقات يقضيها الشباب مع اصدقائهم، وهكذا. كما يجب ألا ننسى ان الشباب طاقة وهذه الطاقة بحاجة لأن تصرف في شيء مفيد ومناسب لهم، وإذا كانت هواية السيارات من الهوايات المحببة لأكثر الشباب، فلماذا لا يوجد لهم المكان المناسب، للتعبير عن هذه الهواية، ليس الحل فقط في اللوم والشكوى، فنحن دائما نشتكي فعلينا التفكير في حلول مناسبة لتصريف الطاقات. ورفع السن الاهلية للحصول على الرخصة احد الحلول القانونية، فإذا كانت 18 سنة لنجعلها 21، مثل كثير من الدول، واذا كان عندنا كثير من الاسر تعتمد على أبنائها في السياقة فيمكن الحصول عليها بشرط موافقة الاب أو ولي الامر لمن يريد الحصول عليها قبل 21 سنة، والفئة من 14 الى 20 يجب عدم التساهل معها في مسألة القيادة فأرواح الآخرين ليست لعبة لهؤلاء ويجب الضرب على أيديهم، والذي لا ينصلح حاله يجند اجباريا لمدة معينة كأحد الحلول. فمعالجة حوادث المرور يجب ان تكون على جميع الصّعد القانونية والثقافية والاجتماعية، وبإشراك اولياء الامور لمن في سن الشباب لتلك الفئات، وايجاد حل لمشكلة الفراغ، ونستبدل ثقافة الموت بثقافة الحياة. الراية القطرية