مما قرأناه في كتب التراث العربي عن السلف الصالح قصة ذلك الفارس الشهم الملثم الذي يمتطي صهوة جواده ويطرق الأبواب في ظلمات الليل ويلقي بكيس من الدراهم بداخل الدار ثم يأخذ طريقه إلى دار آخر و هكذا فيما تلاحقه دعوات صالحات من أصحاب الحاجات والمعوزين إنه جابر عثرات الكرام الذي يقيل العثرات بما أفاء الله عليه و دون أن يتعرف عليه أحد فلا تعلم شماله ماأنفقت يمينه لايريد سمعة ولارياء و يحتسب ما أنفقه عند من لا يضيع أجر من أحسن عملا سبحانه وتعالى و يبدو أن هناك من تأثر بمافعله ذلك العربي الشهم الأبي فاقتفى أثره ومشى على خطاه ولكن جابر القرن الحادي والعشرين في هذه المرة من بلاد العم سام وبشكل مختلف ومودرن جدا فجابر عثرات الكرام هذه المرة هو شخصية أمريكية تلبس الجنز و التيشيرت و في أعلى رأسه القبعة الدائرية المعكوفة و وسائله في إقالة العثرات مختلفة جدا بإختلاف العصر و إختلاف تقنياته و آليات التنفيذ فقد نشر شخص مجهول الهوية عبر الإنترنت إعلانا ذكر فيه عن إستعداده لتقديم المال لمن يستحقه و اشترط لتقديمه تجاوز من يطلبه لسن الثامنة عشرة و أن يذكر في رسالته الأوجه التي سيصرف فيها هذا المال المطلوب فافتتح منفذا في نيويورك و وضع فيه عددا من الموظفين و قاموا بالفعل لإستقبال الطلبات و تحديد مواعيد صرف هذه المبالغ للمستحقين فعلا وقام الإعلام الغربي بتصوير هذه الواقعة الغريبة عبر المحطات المتلفزة وللآن لم يتعرف أحد على هذا الشخص النبيل و لكنه ذكر ضمن تبريراته لهذا التصرف الغريب في بلاد مثل أمريكا بأنه نوع من المشاركة العملية لتخفيف عبء الهزة الإقتصادية التي تعرض لها ملايين الأمريكيين في الأونة الأخيرة وبالفعل إنها هزة كبيرة لايمكن تجاوزها إلا بعد سنوات قد تطول ولاتقصر فهناك أكثر من مليون شخص فقدوا منازلهم وثلاثة ملايين فقدوا و ظائفهم و أعمالهم و أقفلت العديد من المراكز التجارية و البنوك و المطاعم الشهيرة و المصانع أبوابها و فقد الكثيرون أرصدتهم و أسهمهم في البورصات العالمية. ونحمدالله أن حكومتنا الرشيدة أدام الله عزها و أطال الله عمر قائدها و حكيمها المظفر خادم الحرمين الشريفين قد جنبتنا و جنبت بلادنا ويلات هذه الهزات الإقتصادية التي عانت منها الكثير من الشعوب و الدول في الشرق و الغرب وهذه قمة المسؤولية و منتهى الحنكة و الدراية تقدمها بلادنا العزيزة دروسا مجانية لكل ساسة العالم ومنظريها الإقتصاديين لتؤكد سلامة المنهج الذي نسير عليه والذي هو بلا شك منهج إسلامي ينبع من عقيدتنا الإسلامية الخالصة ومن إقتصادنا الإسلامي البعيد عن الشبهات و بنظرة إلى مايحصل هنا وهناك نجد أن الملايين هناك يفقدون منازلهم بينما تمنح بلادنا لمواطنيها الأرض و القرض بلا فوائد ربوية بل و هناك حوافز للإنتظام في السداد بتخفيض قيمة القرض بمالايقل عن 25% و في حين يفقد مئات الآلاف وظائفهم تقوم بلادنا بتحسين أوضاع آلاف الموظفين و تعديل مستوياتهم مع دفع الفروقات بأثر رجعي و في حين تقفل المصانع أبوابها وتشهر إفلاسها هناك تشيد لدينا المدن الإقتصادية وتقام المشاريع التنموية كما حصل بجامعة الملك سعود وغيرها من المرافق حين قص خادم الحرمين الشريفين بيديه الكريمتين شريطها إيذانا ببدء العمل بها و لم يقتصر الأمر إلى عند هذا الحد بل أمتدت يد العطاء والخير إلى الأشقاء في العالمين العربي والإسلامي في حين تعاني الدول من نقص كبير في السيولة فماذا يقول الحاقدون والحاسدون بعد ذلك ؟ اللهم أدم علينا نعمة الأمن والأمان و الإستقرار والرفاه و احفظ بلادنا و قادتنا الأوفياء و شعبنا الطيب اللهم امين يارب العالمين وقفة لله درك بلد خيرك على العالمين يستاهلك يابلد حكامك العادلين ويابلد تستاهلين ... سعودية [email protected]