فِطرة الله التي فَطَر الناس عليها أن جعل الحنين والأشواق والسرور من المشاعر الوهاجة في أفئدة وقلوب الناس ،تأسر لُبهم وتُلهب مشاعرهم وتجعل الإنسان يَحار في وصفها.. فهل رأيت إنساناً استطاع أن يصف مقدار السعادة والفرح الذي يصيبه في مشوار حياته.. ربما يجيبك بفرح ممزوج بدمع سخي.. وربما لا يستطيع أن يُعبر عنها لكونها مشاعر تأخذ بخلجات النفوس وبمجامع القلوب والوجدان فصار كل ما فيه فرح وابتهاج وسرور. إذاً فكيف يكون حال هذا الحاج الذي مَنَ الله تعالى عليه ووجد نفسه يقف أمام بيت الله الحرام الكعبة المشرفة وجهاً لوجه.. وقد كان يَعُدُ الأيام والسنين لكي يَمُن الله تعالى ويشرفه بالحج والطواف بالبيت الحرام.. بل كيف حاله وقد وفقه الله تعالى للوقوف بعرفات.. مُهجٌ وأرواحٌ وأفئدة.. أنفُس وعبرات وابتهال.. دُعاء ورجاء.. يقابله رحمة وغفران من الكريم المنان سبحانه وتعالى الذي أنعم وتفضل على حجاج بيت الله الحرام بالرحمة والمغفرة.. فرجعوا من عرفات بميلاد جديد.. ونفوس نقية فطوبى وسُعدى لهم.. بشهادة الميلاد الجديدة الموثقة من رب العباد.. في الحج وفي عرفة.. ليحافظوا عليها وليبدأ كل حاج صفحة جديدة من العبادة والإحسان والإخلاص لله سبحانه.. (دعاني لبيته لحد باب بيته وأما تجلالي بالدمع ناجيته) جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فيما رواه البخاري وأحمد والنسائي وابن ماجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ).. فالتزم أيها الحاج الكريم بأحكامه وأركانه وواجباته وآدابه.. وتذكر أن الله قد مَنً عليك ووفقك لأداء فريضة الحج بينما خلفك كثير من المسلمين لم يتمكنوا من الحج.. أقعدهم المرض وضيق ذات اليد.. فاحمد الله واشكره أن نوّلك هذا الفضل . وهنيئاً لكم وفد الله بالحج.. وهنيئاً لكم برحابة وسهولة ويسر المناسك.. وهنيئاً لكم بمغفرة ورحمة من الله تعالى وقد أجبتم ولبيتم النداء : لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك . فقابلوا ذلك بمزيد من الشكر والإخلاص.. والدعاء للأمة جمعاء.. (إن الله يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج ).. فترى الحجاج يفيضون بعد دعوا واستغفروا لأنفسهم ولوالديهم وأهليهم والمسلمين أجمعين ؟! فهذه بشرى من الله تعالى وفضل منه أن أشرك الأمة أحياءً وأمواتاً في دعاء الحاج وغفر لهم بدعائه فهذا أجزل وأجل الثواب من رب العباد.. يا وفد الله تعالى.. يا حجاج بيته الحرام.. احمدوا الله تعالى على ما آتاكم من فضله واشكروه على نعمة التوفيق والأمن والأمان وعلى أداء المناسك بيسر ثم بجهود القائمين عليها وحرصهم المطلق على راحتكم ،وتقديم مختلف الخدمات والرعاية الصحية وبسخاء.. فهنا عطاء ولا مَن.. وكرمٌ ولا بُخل.. خدمة للحجيج يتشرفون بأن جعلها الله تعالى لهم.. لتتفرغوا لأداء المناسك وللتلبية والدعاء.. وللتهليل والتكبير والحمد.. فهنيئاً لكم.. وحجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً.. وعوداً حميداً قال شوقي: لكَ الدين يا ربَ الحجيج جمعتهم لبيت طهور الساح والشُرفات أرى الناس أفواجاً ومن كل بقعةٍ إليك انتهوا من غربةٍ وشتات [email protected]