ذات يوم صادفت رجلاً صغيراً في منصب كبير، وكنت وقتها أعتقدت أنه أتى برجال كبار حوله، ليغطي ضآلته ويستعين بهم، لأنهم علماء عظام ليخفي جهله وظننت أحد المعاونين الذين أتى بهم أقوياء، حتى لا يكشف الناس ضعفه.. وإذا به يفعل غير ذلك تماماً. أختار من هم أصغر منه مقاساً ومن هم أدنى منه علما، واضعف منه شأناً، وهو يتوهم أنه يتحول الى عملاق.. إذا كان الذين حوله من الأقزام ولا يستخدم سوى أصحاب العاهات الفكرية ومرت سنوات وكانت النتيجة الطبيعية أن يفشل لا فشلاً عادياً، إنما كان الفشل مركباً وكان أسرع مما قدرت له. لو كان صاحبنا هذا الضعيف قد استعان بأقوياء لغطوا عوراته الفكرية.. ويجب الاعتراف بأن المعاونين الضعفاء يكونون أسهل كثيراً من المعاونين الأقوياء.. يوافقون ولا يناقشون ينحنون ولا يعارضون.. يسكتون ولا ينصحون، وهذه عبودية تنتهي دائماً بالكارثة، فكل رجل منا في حاجة إلى مرحلة.. وإذا كانت الفرامل ضعيفة فلابد ان تصطدم السيارة وتتحطم وتتحول الى خردة والمسؤول الضعيف هو أشبه بالأخرص أمام العملاق، ان قوة العملاق تحد من سرعة الضعيف.. وهذا يحدث عندما تستعين الأمم برجال ضعفاء فهم يؤخرون انطلاقها بل يمنعونها من التقدم، وفي استطاعة الرجال الكبار ان يحولوا الأمور الصغيرة الى أمور كبيرة يستفيد منها الكثير.. ولكن الرجال الصغار قادرون على تحكيم الأمور المهمة بجهلهم وهذا هو سبب الفشل في المؤسسات التي تستعين بالرجال الصغار في مقاعد الكبار. الحمد لله في بلدنا رجال كبار، ومعاونون أقوياء وعلماء حكماء ولقد اثبتت التجارب ان الضعفاء الصغار هم سبب الكوارث إذا كانوا يتصورون ان العبقرية في الطاعة العمياء.. والانحناء الى رؤسائهم وقد اثبتت الأيام ان الجبان ليس أطول عمراً من الشجاع فالجبناء لا يعيشون طويلاً، ان النفس لامارة بالسوء ولذا كانت أعدى الأعداء ان انقاد اليها صاحبها، واستجاب لشهواتها وأوردته موارد الردى.. ومواطن الهلاك. لهذا لايغلبها إلا ذوو العزيمة الصادقة والإرادة القوية وارجو ان لا ننسى ونحن على كراسينا، انه من الممكن ان نسمع في الكلام ما يكون وقعاً من الايذاء، ومن فارس القول ما يجرح القور ويؤلم النفوس، وأهنأ الناس بالحياة من لا يعرف النفاق ويتقي شره. مكة المكرمة