كلنا نتابع النجوم في السماء.. نحاول أن نفسر رحيلها الدائم.. وان نزرع حضورها في أذهاننا.. وأن نرسمها لتكون تلك الالتماعة الموشومة بالجمال والبهاء..وقد نتعب.. ونحن نحاول ان نهرب الى هذه النجوم لتروي لنا حكاياتها مع القمر.. وذكرياتها مع التجوال الدائم.. والمستمر. واليوم جلسنا الى النجمة نحاورها فكان هذا اللقاء: سألناها: من انتِ؟ قالت: هذه الالتماعة المزدهية بالرحابة والنقاء.. سألناها: وكيف هو رحيلكِ الدائم؟ قالت: هو رحيل الهوى الغلاب الذي ينقي القلب من الاحتدام.. ويأخذ به الى مرابع الأنس.. سألناها: ولكن التماعتكِ سريعة..؟ قالت: ليس التماعتي وحسب بل كل الأشياء الجميلة.. والمدهشة.. تمر سريعاً دون أن نقدر على استبقائها.. أو حتى تأملها.. سألناها: اذاً.. لماذا تحترفين هذه الالتماعة؟ قالت: لأنها عنواني.. وهي حياتي.. وقدري.. سألناها: والى أين رحيلكِ الدائم؟ قالت: لاتنس اني حارسة القمر.. وأنني ابداً اسافر معه.. الى كل مدن العالم المليئة بالأحلام.. والأشواق.. سألناها: لكن لماذا؟ قالت: أنا نفسي لا أعرف.. كل الذي ادريه أنها حياتي.. وشؤوني.. وهواي.. سألناها: ولكن بِمَ تفسرين هذا الالتصاق الدائم بينكِ وبين القمر؟ قالت: لا تسألوني فبعض الأشياء لا تُفسر سألناها: وكيف تجدين العالم؟ قالت: غافياً على حلمه.. قليلون جداً اولئك الذين يعرضون جبهتهم للشمس قبل ان يضعوها على خد القمر سألناها: وكيف هو الإنسان؟ََ قالت: تسألون عن الانسان.. انه دائما يحتفل بالالتماعة ويجري خلفها حتى وان كانت سرابا سألناها: ولكن قد تكون واقعاً؟ قالت: لكن الانسان نفسه لا يعشق الا الحلم.. ولا يستبقي الا الحنين سألناها: واذا فعل غير ذلك؟ قالت: يبقى شامخاً.. نعم.. لكنه لا يتخلى عن الحلم سألناها: وكيف هو القمر؟ قالت: لا تصدقون ما يقوله البعض.. فان القمر سيظل دائماً رمزاً للجمال والبهاء.. سألناها: ولكن البعض يؤكدون بأن هذا وجه القمر لكن اعماقه مليئة بالكدمات؟ قالت: ابدا.. صدقوني لا يمكن لنفس متهدمة الأعماق أن تُبقي الوجه حلواً ابداً سألناها: وبعد الرحيل.. الا تتعبين؟ قالت: الذي يحترف الرحيل لا يتعب حتى ولو تعب التعب سألناها: وماذا تحبين؟ قالت: الفضاء الرحب.. والشعر.. والموال سألناها: وماذا تريدين؟ قالت: ان ابقى هذا الحضور المزدهي في عيون الناس.. كل الناس.. كلام متعوب عليه لا تغضبي سيدة زماني.. تعالي لامنحكِ هذا النبض الذي في القلب.. وهذا الهاجس الذي في الخاطر.. وهذا العهد الذي في الدم والوجدان.. اذا غضبتِ.. يتحول الكون الى مساحة صغيرة تضيق بأحلامي.. وهتافي.. ونزقي.. انتِ الرحابة الأكبر في هذه الدنيا ما رضيتِ الا وازددت جموحاً.. وصهيلا.. واصبحت كل المساحات واسعة.. رحبة.. مثل عينيك.. وقلبكِ هاتِ يداكِ.. ارجوحة من نغم.. وافرحي.. وابتهجي.. واضعي من حسنكِ قصيدة وزفيها الى مسامعي فانها تشتهي بوحكِ مثلما أهواكِ لا ترفضي التصالح معي.. فأنا.. وأنتِ.. هذا البور الذي تنتشي به الحياة.. فلايكون الا اذا كنا معا. ماذا تطلبين اكثر.. انا كل الذي تطلبين.. وتتمنين.. وتحلمين.. تعالي.. نغني للأحلام السعيدة غنوة اللقاء.. ونعلم الزمان كيف يتهجى اشواقنا حتى ينثر البهاء على الأرض لكل الناس.. يا أغلى الناس ياعمري غشقة كلما جاءت الأيام بتعب جديد.. كلما اشتدت مواقد الصبر الجميل.. مرفأ من بين آلاف الهواجس يطلع حسنكِ ليروي عطش النفس.. ويحيل جدب الزمان الى عشب أخضر كلام موزون الابتسامات ليست بأكثر من هتاف يسمعه كل الناس.. ويظل المهم من يسمع ما يتردد في الأعماق.. معنى في العيد يسأل الناس عن احبابهم.. وأسأل أنا عن نفسي أحسها بعيدة عني.. غائبة عن مؤازرتي رؤية الحرمان الحقيقي الا نستطيع أن نعيش لحظة الحب عندما تدمرنا الظنون أنتِ.. أنتِ تعلمت معك كيف يكون الصبر بوابة للفرج.. وكيف تكون الانتظارات مقدمة لقصص الفرح.. واللقيا.. أنتِ.. وحدك.. ترسمين خريطة الآتي.. وتفصِّلين بيتاً للقمر.. وتضعين هالة للبهاء. وتختارين العطر عنواناً.. بهية دنياي ما دمتِ فيها.. وشهية سطوري ما دامت تتحدث عنكِ.. كلما تصاعدت في عيون القمر رأيتك أنتِ.. أنتِ.. المتوسدة بهاء الليل.. والسهر.. والنغم.. إذا هتفت الشطآن تشكر الوحدة والظمأ.. جئتِ السحابة التي تمطر حباً.. ونشوى.. إذا جاء الليل.. ونشر الظلام نفسه في كل الأرجاء.. أشرفتِ بمجد ابتسامتك.. فيطلع النهار.. وتشرق الشموس تضعك.. الفنار.. والتاج.. السطر الأخير قال الشاعر: أرفيقة الأحزان.. عمري غابة مهجورة.. عبثت بها الأشباح ترتاح أحزان الوجود وحزننا في القلب.. لا يغفو.. ولا يرتاح ما طاب جرح غائر في أضلعي إلا وعاثت في حشاي جراح وألملم الأحلام.. بعثرها الهوى كيما تبعثرها الغداة رياح أرفيقة الأحزان هل بعد الدجى سيضيء أروقة الظلام.. صباح؟