يا مسهل يا رب .. دعاء مازالت اصداؤه ترن في مسمعي وخاطري ..وكأنها تحملني الى ماضي حبيب الى نفسي يوم لم تعرف البيوت وسائل الحياة العصرية من بوتوغازات وراديوهات ومسجلات وتليفزيونات وان عرفت بعض البيوت الكبيرة الراديو وكان وقتها احدى العجائب، ويا بخت فلان عنده راديو تناسب منه انغام عبدالوهاب في الليل لما خلى ويا جارة الوادي وعندمايأتي المساء . وسلطانة الطرب ام كلثوم في روائعها،اغان كثيرة مازالت عالقة بالذهن رغم مرور السنين لان رواء الكلمة وسحرها يحفر في الفكر المدى اللازم للمكان والزمان ..يجول في خاطري كل ذلك وتحضر شخوصه امامي كان الراديو يعمل على ا لبطارية الجافة فاذا فرغت يحملها الخادم في زنبيل ويهرول بها الى كهرباء باغفار او ابو زنادة لتعبئتها وكنا نلاحقه على صهوات احصنتنا الخشبية، وكنت واقراني نرتاد مقلى ..كان بحارة المظلوم جوار بيت نصيف والمتبولي تشتري الحمص الجوهري والفول والفصفص والتي كان يطلق عليه آنذاك " الحاجة " وبمرور الايام اصبح ما كنا نشتريه بجزء من الريال غالية الثمن واصبح اسمها المكسرات وفتحت لها المحلات بألوان واشكال . يا مسهل يارب ..رجل من البادية يحمل على اكتافه فحم القرض، ربات بيوت الامس غيرهن من ربات بيوت اليوم ..كانت المرأة تدير شؤون بيتها بكامله دون مساعدة من مربية او خادمة تستيقظ مبكرة وتعد القدور ليأتي رب الدار من النورية " الشونة " حاملاً زنبيل المقاضي من خضرة وفواكهة يعطي منها اطفال الجيران قبل اطفاله ..رحم الله زماناً هو مفخرة للسلوك والاخلاقيات ..كانت ربات البيوت يعملن جاهدات لكي لا تذهب رائحة الطعام الى المنزل الآخر وربما لم يطبخوا في ذلك اليوم . وكن يعطين جيرانهن بعض الطعام لكي يتذوقنه تخرج " التباسي " مملوءة باصناف الطعام لدار فلان وفلان، وتأتي تباسي اخرى من دار فلان وفلان ..روح نتوق اليها وتآخ فقدناه حتى اضحى الجار بالجنب لا يعرف اسم جاره ..ألم يقل سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه " . اللهم اغثنا برحمة من عندك وألهمنا الرشد والصلاح يا ارحم الراحمين ..سامحونا ص . ب 52986 جدة 21573