وسعت كتاب الله جملة وتفصيلاً.. وعملت بمقتضاه قولاً وفعلاً.. جمعت بشرية حار بشأنها كل تواق للتآلف يسعى.. فكنت بحق رائداً للتآلف والتضامن.. رحّبتّ بدعوتك القلوب الحائرة في كل قطرٍ ضاع فيها المقدام والملاّح.. فتحت باباً للتفاهم والتوادد، وقربت أدياناً ناصبتك العداء.. جئت يا صاحب التاج الأثيل بدعوة لم يسبق بطرحها إنسان، فنلت ثقة الغرب والشرق، في ليل دامس أشرق بالحوار مباركاً، وسعت فيه قلوب دعاة أديانٍ مزقتهم الأبعاد والحرمان فقربت مسافة في كل عصر يرسل الله داعياً يجدد عهداً، ويسمو بدينٍ وينثر ورداً ويقطف وداً، دعوت قلوب العالمين لوحدة الأعمال بالنيات.. فنلت أجر الله مغتنماً، فكنت بحق خادم البيتين. أعود لأقول بأنه لا شك أنها دعوة غير مسبوقة من أي زعيم أو مصلح أو رئيس دعا للتآلف والتقارب والتعاون لخير البشرية جمعاء، بدأها خادم البيتين من مكة بيت الله الحرام، وقال جئتكم من أشرف مقدسات الإسلام ومهد الرسالة ومهبط الوحي، بدعوة للتآلف والتقارب لتوحيد فكر وثقافة وعلم وتآلف وتسامح بين مفكري العالم ومثقفيه وعلمائه. لا شك أن دعوة خادم الحرمين الشريفين أوجدت جسراً للتآلف والتضامن بين قارات العالم، فكانت في نظر العالمين مناراً وإحساناً اقتطفتها أيدي العلماء والمفكرين والمبشرين بعد صراع وتشتت وهيام. جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين في وقت هام الناس بين مشكك ومصارع في قضايا العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، لأن دعوة خادم الحرمين صادرة من القلب للقلب، صادقة، أمينة، في مقتضاها ومعناها الديني والإنساني، سعى المليك بكل ثقة وأمل وإيمان لجمع شتات العالمين وتقريب وجهات النظر وتقارب الكلمة والعمل على التعاون، فهم عرفوا الملك عبد الله بن عبد العزيز بطيبة قلبه، وصدق مشاعره وحسن طباعه.. فكانت هذه الدعوة للحوار شيئاً غير عادي يحدث عالمياً وجمع قُداس وعلماء وأحبار هذه الديانات السماوية كما دعا المليك للحوار مشيراً إلى تفرق الشعوب وتصارعهم على الأرض، ومن هذا ما نحصده اليوم من الإرهاب الذي مزق وحدة العالم وشتت أفكاره وأوجد البعد بين أقطاره واجيالة وسكانه. وهذه الدعوة وجدت كثيراً من الإصغاء والاستيعاب واليقين والتأمل لحوار التضامن العالمي. فحرص الملك عبد الله أيده الله على وحدة الأمة وتدارك وضعها، وتقبل واقعها، لأن حل مشاكلها لا ينبع إلا من قلب سليم، وراعٍ أمين على مقدسات المسلمين،والمملكة العربية السعودية ذات ثقل عالمي ومركز دولي، ودولة معتدلة تتمتع بمميزات عالمية جعلت من دعوة خادم الحرمين الشريفين سلمه الله مكان ترحيب وتكريم وتشريف وحرص وتأييد على الوقوف على الوضع العالمي المتصدع، وحروبه المنبثقة من عدم التفاهم والفرقة وعدم الاقتناع، مما جعل هذا العاهل السعودي يسعى بكل إرادة وقوة وتصميم وطموح بمحاولة جادة منه رعاه الله لأن يوجد قنطرة تواصل بين زعمائه وعلمائه وشخصياته المميزة للتقليل من فجوة التصدع التي تجتاح عالمنا اليوم. فأطروحات المليك في خطابه شاملة ومتنوعة، ووضعت النقاط على الحروف، وغطت الفراغات الشاسعة بين القارات. فلم يكن المليك في دعوته هذه يسعى إلى تقريب وجهات الأديان بقدر ما هو يسعى إلى تأليف قلوب الحائرين. فالحوار كان من أجل الإنسان للإنسان، وتقارب الأفكار بين الحضارات والثقافات الفكرية والتربوية والثقافية، ولذلك نادى حفظه الله بدور الأسرة وتصحيح مفهومها الاجتماعي والتربوي في المجتمعات، كما طرح أيده الله معالجة العنصرية التي مزقت وحدة العالم وأوجدت نوعاً من التفكك الأممي والتصدع في كيان الدول والحضارات.. فحرص الملك عبد الله بن عبد العزيز على سلامة العلاقات العالمية ودورها الكبير في حل قضاياه ونمو اقتصادها وتسامح أفكارها والتقليل من تصدع بنيانها. كلمة المليك في هذا المؤتمر العالمي للحوار تصلح لأن تكون ميثاق شرف وعنوان تسامح وورقة عمل لهذا المؤتمر العالمي. الذي وضع لبنته الأولى مليكنا المفدى، وحرص بكل جدية واهتمام على أن تواصل هذه الحلقات لقاءاتها لدراسة وضع حال الأمة الفكرية والدينية والاجتماعية لحل قضاياها المعلقة والتي باتت مصدراً للتفكك والتصارع والتفرق.. فالملك عبد الله هو الوحيد الذي يسعى لتأليف قلوب العالمين. بعد الله سبحانه وتعالى. وأملنا كبير في هذا المؤتمر لتخفيف نزعة الصراعات، وحدة الاشتباكات، فهي بلا شك مع الأيام وتعدد اللقاءات سوف نرى قريباً تفكك مثل هذه العقد وهذه الصراعات واستبدالها بلغة وثقافة جديدة تحد من اختلاف الأفكار وحوار الحضارات إلى التسامح والتقارب والتوافق. فهد بن محمد علي الغزاوي