بعد أن تلقت أكثر من ضوء أخضر في مسارات عديدة لتفعيل الاستثمار مما يوصف بأنه تمهيد للخصخصة، اتجهت أربعة من أكبر أندية دوري المحترفين السعودي إلى الاستثمار في جانب آخر وهو الشماغ، وذلك بعدما أن أعلنت شركتان للأشمغة عن طرح منتجات جديدة بشعارات فرق النصر والاتحاد والهلال والأهلي، حيث ظهرت بعض الإعلانات في الصحف المحلية أشمغة لشركة "لابلين"، بشعاري الاتحاد والنصر بينما اختارت شركة "سبشل" شعاري الهلال والأهلي. وتضمنت الإعلانات شعار هيئة المحترفين كراعي لهذا النشاط الاستثماري، في حين تضمنت أيضاً عبارة تحذيرية جاء فيها "العلامة التجارية مسجلة. منتج رسمي لهيئة دوري المحترفين السعودي - جميع الحقوق محفوظة -. ويأتي ذلك بعدما سمح مجلس الوزراء السعودي في فترة سابقة للأندية باستثمار مرافقها والأراضي التابعة لها وفق ضوابط، وأتاح لها الاستفادة المباشرة من العوائد. فيما أكد محلل اقتصادي ل"الاقتصادية" السعودية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء 03-08-2010 أن هذه الخطوة "تُضاف إلى خطوات سابقة لهيئة دوري المحترفين من بينها المتجر الإلكتروني الذي ما يزال في بدايته، وأنه لابد للأندية من مضاعفة الجهد لجذب مستثمرين جدد للقطاع الرياضي خاصة في ظل تدني أعمار نسب كبيرة من السكان وبالتالي فإنهم هدف لكثير من المنتجات". وبرغم عدم وجود تصريح رسمي أو تناول للموضوع من الجهات الإعلامية في الأندية، فمن المتوقع أن تلقى هذه المنتجات بعض الرواج بالرغم من أن هناك تجربة سابقة لنادي الاتحاد السعودي لم تكن مشجعة. ويُشار إلى أن الاستثمار الرياضي الحالي يقتصر على شركات الاتصالات الثلاث الكبرى، حيث ترى شركة الاتصالات السعودية أندية النصر والاتحاد والأهلي، وترعى شركة موبايلي نادي الهلال فقط، بينما ترعى شركة زين دوري المحترفين. خطوات بطيئة وفيما يعتبر المتابعون أن هناك أسئلة صعبة تنتظر الاستثمار والسعي نحو الخصخصة فيما يخص الأندية الرياضية السعودية ومنها، لماذا لم يتم البدء بالرغم من إصدار قرار مجلس الوزراء بالموافقة على تخصيص الأندية السعودية عام 2002؟، وما إذا كانت عملية الخصخصة بحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع الحكومي المسؤول عن الشباب والرياضة وهي "الرئاسة العامة لرعاية الشباب"؟ وكيف يمكن أن يعود التخصيص بالفائدة على الجهات ذات العلاقة، على مالية الدولة من جهة، وعلى الأندية من جهة أخرى، وعلى الشركات المستثمرة من جهة ثالثة، وعلى تطور الكرة السعودية من جهة رابعة، وهل هناك فوائد في اتجاهات أخرى؟ آراء المتخصصين والاقتصاديين التي ظهرت وتظهر مابين فترة وأخرى في الإعلام المحلي بعضها متشائم مثل التوقع بكارثة فيما حصل من انسحاب الشركات الراعية حالياً لبعض الأندية، خصوصاً في ظل أن البيئة المطلوبة للتخصيص غير متوفرة بالشكل المطلوب، وأن فصل الرئاسة العامة لرعاية الشباب عن اتحاد كرة القدم هل سيساعد في تسريع الخصخصة أم في حرمان الاتحاد من الدعم، بالإضافة لصعوبة إقرار الأنظمة والتشريعات التي تحتاج إليها مرحلة البدء بالخصخصة حالياً. من ناحية أخرى، لا يعتقد الكثير أنه من السهل استخدام الأندية مرافقها الحالية المملوكة للدولة في الخصخصة وإسنادها للشركات، وكيف ستتم الموافقة على ذلك، مع صعوبة إدارة المؤسسة الرياضية للمنافسة المتوقعة بين الشركات التي ستسأل هي الأخرى عن المحفزات التي ستُقدم لها. الاستثمار قبل الخصخصة حالياً بدأ الاستثمار يظهر على خطوات فيما تغيب أية ملامح للخصخصة، بالرغم من أن الرئاسة أقرت لجاناً تعمل على ذلك، وتعاونت مع البنك الدولي الذي أمدها بدراسات لخصخصة الأندية السعودية، وتقول إنها أُقرتها ورُفعتها للجهات المختصة للبت فيها منذ أعوام ولم يتم شيء حتى الآن. وكان الدكتور علي الخضيري عضو مجلس الشورى قد أشار في مطلع العام الماضي إلى أن تخصيص الأندية الرياضية الكبيرة في السعودية أصبح أمرا ضروريا ويجب البدء فيه، وقال "تجاوزنا مسألة الدراسة ونوصي بالبدء في العمل بها". وأضاف "كل الطرق المؤدية إلى التخصيص متوافرة في ظل وجود شركات ومؤسسات وطنية ترغب في شراء ورعاية الأندية السعودية، كما تقوم شركتا الاتصالات وموبايلي مع بعض الأندية الكبيرة". فيما ذكر محمد الفويحص رئيس اللجنة الخاصة في مجلس الشورى أن أعضاء مجلس إدارات الأندية الرياضية السعودية قادرة على تخصيص أنديتها قبل دخول عام 2010، خاصة الأندية الكبيرة أوالأندية الثمانية الأولى في ترتيب سلم الدوري الممتاز. وأضاف "الدولة والرئاسة العامة لرعاية الشباب، وفرت كل الإمكانات للمجال الرياضي للدخول في عالم التخصيص، ولا أظن أن موضوع التخصيص يحتاج إلى وقت طويل لتنفيذه". وفي آذار (مارس) المنصرم، أكد تقرير لصحيفة "عكاظ" نقلاً عن الأمير عبد الله بن مساعد عضو شرف نادي الهلال ورئيسه السابق قوله "إن الرياضة أضحت صناعة ناجحة ومورداً اقتصادياً خصباً استوعب الكثير من الكوادر البشرية، ومحوراً اقتصادياً فريداً، منح الفرصة أمام جيل موهوب للظهور المحلي والدولي، إذ يعتبر المجال الرياضي الأكثر تطبيقا للسعودة، مقارنةً مع القطاعات الأخرى التي تصل نسبة السعودة فيها إلى 35% فقط، في حين تصل في المجال الرياضي إلى 90%". فيما يرى الدكتور حافظ المدلج عضو الاتحاد السعودي أن "الاستثمار أولاً والخصخصة عاشراً"، مضيفاً " في الدول الأخرى تكون الخصخصة بالاستثمار، وبما أن المملكة بيئة مختلفة، وبحكم أن الرياضة قائمة على دعم الدولة ودعم أعضاء الشرف، فتحويلها إلى القطاع الخاص بالنظام العالمي يحتاج إلى وقت". ويقول الدكتور طارق كوشك المحلل الاقتصادي "الخصخصة تعني بيع القطاع العام إلى القطاع الخاص، وعليه فإن السؤال هو هل الأندية الرياضية قطاع عام مملوك للدولة حتى يمكن خصخصتها؟ يمكن القول بأن تحويل الأندية الرياضية إلى شركات أفضل من وضعها الحالي غير المعروف قانونياً، فإن تحولت إلى شركات فالاستفادة القصوى لا محالة ستكون للأندية الكبرى". فيما أشار الأمير نواف بن فيصل بن فهد، نائب الرئيس العام لرعاية الشباب، في حديث سابق أن مشروع الخصخصة لم يتوقف، فهو قرار إستراتيجي على مستوى المملكة، ويشمل كل القطاعات ومن بينها قطاع الرياضة والشباب، مضيفاً أنه وعند صدور قرار مجلس الوزراء بهذا الشأن شُكلت لجنة برئاسته، وقامت بالعديد من الخطوات الإجرائية والتنفيذية، وتمت الاستفادة من خبرات البنك الدولي في هذا المجال، من خلال الوفد الدولي الذي أرسله البنك لزيارة المملكة، ودراسة الواقع القائم الآن في الأندية السعودية. وأضاف الأمير نواف أن قرار مجلس الوزراء السعودي الذي صدر مؤخراً والقاضي بالسماح للرئاسة العامة لرعاية الشباب باستثمار الأراضي المسجلة باسم أملاك الدولة لمصلحة الرئاسة سيفتح المجال أمام الكثير من المستثمرين للأندية الرياضية. يُذكر أن الاستثمار الرياضي في المملكة بدأ مسبقاً وحقق قفزات بالملايين، والدليل على ذلك عقد رعاية المنتخب السعودي الذي انتقل من ثمانية ملايين إلى 14 مليوناً، ثم إلى 150 مليوناً. وكذلك عقد النقل التلفزيوني الذي انتقل من عشرة ملايين إلى 100 مليون، ثم إلى 150 مليوناً في عام واحد، إلى جانب عقود رعاية الأندية التي انتقلت من مجرد الإعلان على القمصان مقابل 50 ألف ريال للمباريات المنقولة، إلى رعايتها بالكامل بقيمة 70 مليون ريال.