- أحمد العسيري- حدت المصارف السعودية من ارتفاع نسب المخاطرة في القروض الاستهلاكية بعد تنوع قاعدة محافظ التمويل الشخصي، وذلك بهدف تقليص وتقنين أحجام الطلب على القروض الاستهلاكية مقابل تمويل عقاري والسلع المعمرة والبطاقات الائتمانية، في وقت وصلت فيه نسب تعثر إجمالي التمويل إلى نحو 1.5 في المائة. وأوضح طلعت حافظ الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية ل«الشرق الأوسط» «أن البنوك لا تقوم بمنح القروض الاستهلاكية بشكل عشوائي دون أن يكون هناك نظرة ثاقبة للمخاطر التي تصاحب عملية الإقراض بشكل عام، وعملية التمويل بشكل خاص، حيث إنه من المعروف أن أعمال البنوك مصحوبة بشيء من المخاطر، مما يتطلب من البنك أن يتعامل مع المخاطر المحسوبة التي قد تقود البنك إلى مشاكل مالية لا تحمد عقباها، ومن هذا المنطلق فإن المصارف لدى منحها القروض تستند إلى ضوابط منح التمويل الاستهلاكي الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي في 2006، وتستند في ذلك إلى السجل الائتماني المفترض الذي تصدره الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمه)». وزاد: «إن إمكانية تحويل رواتب المقترضين إلى حساباتهم في المصارف يكفل للبنوك وضوح مصادر السداد، وبالتالي فإن جميع هذه الإجراءات لا تبعث بالقلق فيما يثار بشأن القروض الاستهلاكية وضخامة حجمها التي تجاوزت 277 مليار ريال (73.8 مليار دولار) بنهاية الربع الثاني من العام الماضي، وهناك من يلوم المصارف على توسعها في الإعلان عن القروض الاستهلاكية، وإن كنت لا أرى في ذلك مشكلة طالما أن البنوك تعلن بشفافية عن خصائص المنتج وهوامش الأرباح التي تتحقق عن منحها للأفراد، ويظل القرار في نهاية الأمر هو قرار المقترض وليس البنك في أخذ التمويل من عدمه». من جهته قال الخبير الاقتصادي عبد الحميد العمري ل«الشرق الأوسط»: «إن انخفاض سعر الفائدة يعود لأمرين، جزء فيه منافسات بين المصارف السعودية لاستقطاب العميل، وفي الأصل فإن معدل الفائدة متدن مقارنة بقيمة الدولار المنخفضة، ففي الولاياتالمتحدة الأميركية تطلب إنعاش اقتصادها خفض الفائدة للقروض الاستهلاكية، ونظرا لارتباط السعودية بالدولار فقد قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بخفض الفائدة، رغم أن الاقتصاد بينها وبين الولاياتالمتحدة الأميركية مختلف تماما، فلدينا نمو في السيولة كبير جدا بنحو 15 في المائة، ونسبة النمو الاقتصادي تبلغ نحو 6 في المائة». وأضاف العمري: «إن انخفاض النسبة الربحية على العميل ليس له علاقة بالإيجابية أو السلبية، ولكن العميل يلجأ للحصول على المبلغ نقدا مقابل أن قرض العقار أكثر قيمة وأقل ربحية، فبعض الأفراد يستخدمون القرض في مصالحهم غير المجدية، وعموما فإن المديونيات لا تتعدى ال11 في المائة من حجم الاقتصاد السعودي، فكم تمثل القروض من نسبة دخله السنوي؟ وهو ما يحدد خطورة الحصول على تمويل الفرد، الذي يحدده أيضا ارتفاع تكاليف المعيشة وتغطية المديونيات لدى الأفراد». وبالعودة إلى الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية أشار إلى أن «البنوك حرصت على دحض الإقراض بغرض المضاربة في الأسهم أو سوق أخرى؛ كونها تعلم أن مثل هذا النوع من الممارسات قد يحقق الكثير من الخسائر؛ فاليوم نسبة التعثر في حجم التمويل الاستهلاكي في البنوك نجدها معقولة ومتدنية نسبة إلى إجمالي المحفظة، حيث تتراوح بين 1 إلى 1.5 في المائة تبعا لتصنيف فقرة التأخر للسداد من حجم المحفظة». واستطرد: «من هذا المنطلق نؤكد أن المصارف تتبع المعايير وتقوم بالتصحيح اللازم قبل منحها للتمويل الاستهلاكي للأفراد بغية عدم الإضرار بهم، وتأكيد الحصول على مبلغ القرض الممنوح والعوائد المتحققة عنه، حيث قامت البنوك أخيرا بتنويع محفظة القروض الاستهلاكية؛ فلديها اليوم محفظة للتمويل العقاري، وأخرى للسلع المعمرة، وأخرى للبطاقات الائتمانية». وزاد: «بالتالي تنوعه قاعدة محفظة التمويل الشخصي التي تقلل بقدر الإمكان التركيز على القروض الاستهلاكية، ومن ينادي بضرورة تحجيم الإقراض الشخصي للأفراد، قد يؤدي ذلك إلى لجوء الأفراد حين امتناع البنوك كمظلة نظامية وتحت رقابة صارمة من مؤسسة النقد، إلى وسائل تمويل غير نظامية وغير مشروعة لا تحمد عقباها، فاليوم نشاهد الكثير من الإعلانات تحت أسماء مجهولة مختلفة، جميعها جهات تمويلية غير نظامية». وأضاف حافظ: «نحن في جميع الأحوال وكلجنة إعلام وتوعية في المصارف، ننصح العميل أولا بأن يأخذ القرض لسداد التزاماته واحتياجاته الأساسية، وليس لخلق الحاجات، فهنا فارق كبير بين مواجهة الأساسيات وبين خلق الاحتياجات والتوجه للكماليات». وتابع: «ندعو إلى التوجه بالقروض الإنتاجية التي تعود بالنفع على المقترض وعلى المدين المتوسط، كامتلاك وحدة عقارية يتمكن من خلالها الفرد من أن يوفر قيمة الإيجار السنوي، فهناك مصارف لجأت إلى خلق القروض التعليمية التي تعد من ضمن القروض المنتجة؛ كونها تسهم في تمويل الدراسة والتعليم الذي ينشده هذا المقترض». في المقابل قال محمد الغامدي أحد عملاء البنوك: «لقد استخرجت قرضا استهلاكيا لشراء وحدة عقارية بدلا من القرض العقاري الذي يجعل السلعة باسم البنك لحين سدادها على فترات تتجاوز ال15 عاما، بينما الآن فقد تملكت أرضا باسمي من خلال استخراج قرض والسداد على 5 أعوام».