- فارس ناصر - أعرب تجار ذهب عن مخاوفهم من أن يكون الاضطراب في الأسعار الذي يشهده الذهب هو بداية لانهيار الأسعار حذّر منه الكثير من الاقتصاديين خلال العام الماضي، مشيرين إلى أن الهبوط الحاد الذي حدث أول من أمس، والارتفاع في الأسعار أمس يؤكدان حالاً من الفوضى تشهدها الأسواق العالمية، خصوصاً الأميركية والأوروبية. فيما اعتبره تجار ذهب سعوديون مؤشراً على موسم نشط من المبيعات في فترة الزواجات التي تشهدها المملكة. وارتفع الذهب 3.6 في المئة، أول من أمس، إلى أعلى مستوى للجلسة، مسجلاً 1401.24 دولار للأوقية (الأونصة)، وذلك إثر خسارة قياسية في الجلسة السابقة، مدعوماً بالشراء في السوق الحاضرة، وتراجع الدولار في مقابل اليورو. وارتفع السعر الفوري للذهب ثلاثة في المئة إلى 1393.11 دولار للأوقية، بعد أن هبط في وقت سابق إلى 1321.35 دولار للأوقية، وهو أقل سعر منذ كانون الثاني (يناير) 2011. فيما زادت عقود الذهب الأميركية تسليم حزيران (يونيو) 2.4 في المئة إلى 1394 دولاراً، بعد أن هبطت أكثر من اثنين في المئة إلى أقل سعر في أكثر من عامين. وأوضح محمد النمر (تاجر ذهب)، أن ما يحدث في الأسواق العالمية يدعو للقلق، مؤكداً أن الجميع بات يستشعر مخاوف من حدوث انهيار في الأسعار شبهه الكثير من الاقتصاديين بفقاعة الأسعار، مضيفاً أن ارتفاع الذهب 2.6 في المئة أمس بعد أن سجل خسائر قياسية في الجلسة السابقة قد لا يعني تصحيحاً في الأسعار اعتادت عليه السوق خلال العامين الماضيين، خصوصاً أن الأسعار مستمرة في الانخفاض. وأكد أن التجار والمستثمرين يخشون مزيداً من الهبوط، على رغم الإقبال على الشراء في السوق الحاضرة للاستفادة من انخفاض الأسعار، فهم اعتادوا على المضاربات التي تحدث في السوق في حال الارتفاع أو الانخفاض، وقال: «سجل الذهب أكبر خسارة يومية له يوم الاثنين، وهو ما باغت مراهنين على ارتفاع الذهب ومضاربين ومستثمرين، لأنه جاء مع بداية الأسبوع ما يتجاوز المضاربات العادية»، وأضاف: «المخاوف لها ما يبررها، إذ نزل الذهب نحو 20 في المئة منذ بداية العام، بعد موجة صعود استمرت من دون توقف على مدار 12 عاماً، ويقل السعر حالياً 28 في المئة عن المستوى المرتفع الذي سجله في أيلول (سبتمبر) عندما بلغ 1920.30 دولار، والذي رافقه الحديث عن تكون فقاعة ستنفجر عاجلاً أو آجلاً». وأشار إلى أن الارتفاع الذي حصل أول من أمس قد لا يعكس حال السوق خلال الفترة المقبلة، بسبب مضاربين ومشترين في السوق يتعاطون مع السوق بمفهوم المضاربين وليس المستثمرين. من جانبه، أشار محسن الصايغ (تاجر ذهب) إلى أن السوق السعودية ستستفيد من الانخفاض الحاصل، خصوصاً أنه جاء في الفترة التي تسبق موسم الزواجات التي تحدث في هذا الوقت، متوقعاً حدوث انتعاش كبير في الأسواق إذا استمرت الأسعار في الانخفاض. وأكد أن الأسعار الحالية تعتبر مشجعة على الشراء، وستكون أفضل إذا انخفضت أكثر من ذلك، مبيناً أن التجار عانوا كثيراً خلال الأعوام الخمسة الماضية بسبب ارتفاع الأسعار، وإحجام الكثير من النساء عن الشراء. وأوضح أن المستهلك النهائي قد لا يشعر بالاضطراب في الأسعار، فهو يريد في النهاية سعراً مناسباً للشراء، وسيحجم إذا لم يناسبه، خصوصاً أن الذهب هو من السلع الكمالية التي يستطيع الإنسان الاستغناء عنها، وثبت هذا الأمر خلال الأعوام الماضية. وحول انخفاض الأسعار الذي حدث أول من أمس، أشار محمد البقشي (بائع ذهب) إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تناقلت خبر انهيار في الأسعار، وأن الكثيرين أبدوا رغبتهم في الشراء، وكانوا يتساءلون عن إمكان أن تنخفض الأسعار أكثر من ذلك. وأضاف أن الغالبية منهم متفائلون بمزيد من الانخفاض. من جهته، أشار الاقتصادي نظير العبدالله إلى أن التدهور الذي سجلته أسواق الذهب أول من أمس كان تاريخياً، وكان الأكبر منذ ثلاثين عاماً، وقد يكون سببه تباطؤ النمو في الصين، ومعلومات عن سعي قبرص لبيع احتياطها، والأوضاع الاقتصادية في أوروبا في شكل عام. مضيفاً أن «الجميع يتوقع أن يستمر مسار الانخفاض خلال الفترة المقبلة». وأشار إلى أن ما حدث في نيويورك أول من أمس يدفع باتجاه القلق من انخفاضات كبيرة تحصل للأسعار، فقد تراجع أكثر من 9 في المئة عما كان عليه مساء الجمعة. وخسر خلال الجلسة 10.9 في المئة في أكبر تراجع يسجله منذ 1983، وأغلق على 1360.60 دولار، وهو ما لم يكن متوقعاً. مضيفا أن «السوق لم تشهد يوماً مثل هذا الحجم من المبادلات في جلسة واحدة منذ كانون الأول (ديسمبر) 1974، إذ بلغ حجم المشاركة في السوق أكثر من 620 ألف عملية تبادل لعقود، وهو رقم تاريخي». وأضاف أن الحديث عن انفجار فقاعة أسعار الذهب ليس جديداً، فهو يتكرر منذ 2011، وخلال السنتين الماضيتين عاش المعدن الأصفر حالاً من الفوضى السعرية بسبب انتشار «حمى الذهب» التي يروج لها المستثمرون أو المضاربون. مبيناً أن انفجار الفقاعة يحدث عندما تنعكس العوامل المسؤولة عن تكونها، وهي استعادة مستويات النشاط الاقتصادي في الدول الصناعية، وانخفاض مستويات المخاطر التي تحيط بالاقتصاد العالمي، وعودة معدلات الفائدة إلى مستوياتها قبل الأزمة مرة أخرى.