- فارس ناصر - اتهمت لجنة تحقيق صومالية قوات الاتحاد الأفريقي (أميسوم) بارتكاب "مجزرة" بحق مدنيين صوماليين، بوقوفها وراء حادث مقتل وجرح خمسة عشر مدنيا أكثرهم أطفال في الخامس عشر من يناير/كانون الثاني الماضي بالقرب من مدينة ليغو على بعد 120 كيلومترا غرب العاصمة مقديشو. وطالبت لجنة التحقيق -في مؤتمر صحفي عقدته أمس في مقديشو- القوات الأفريقية بتحمل مسؤوليتها عن الحادث وتقديم تعويضات لأهالي الضحايا. وقالت اللجنة التحقيقة إن الأدلة -التي جمعوها في بلدة جيروياسين التي وقع فيها الحادث برفقة فريق تحقيق من قوات الاتحاد الأفريقي واللقاءات مع سكان البدو في المنطقة- أثبتت أن الضحايا المدنيين وأكثرهم أطفال من طلبة القرآن كانوا قد سقطوا برصاص القوات الأفريقية. وقال النائب طاهر أمين جيسو -من البرلمان الصومالي والعضو في لجنة التحقيق- للصحفيين إن الرصاص المستخدم في الهجوم يعود إلى القوات الأفريقية، وإن الهجوم كان من طرف واحد ما يعني أن عناصر حركة الشباب المجاهدين الصومالية لم يتواجدوا أصلا في الموقع حين وقوع الحادث، مشيرا إلى أن ذلك أثبت بشهادة سكان البلدة وبالأدلة المادية. ووفق جيسو فإن القوات الأفريقية استعانت بشخصين من سكان البدو زودوها بمعلومات مضللة لتنطلق قوة أفريقية مكونة من 300 جندي ليلا ومشيا على الأقدام من موقعها الذي يبعد عن بلدة جيروياسين بحوالي عشرين كلم، وقامت بتطويق منطقة سكنية صغيرة وأطلقت النيران بكثافة على أطفال كانوا يتدارسون القرآن حول نار يستضيئون بها. وظنت القوة الأفريقية استنادا إلى المعلومات المضللة أن الأطفال هم عناصر من الشباب المجاهدين كانوا يطبخون طعامهم، وأطلقت عليهم النيران مما أسفر عن مقتل ستة أطفال من طلبة القرآن وشيخ، إضافة إلى إصابة ثمانية آخرين بجروح أكثرهم أطفال بعضهم كانت إصابتهم خطيرة ونقل أحدهم إلى كينيا المجاورة لتعذر العلاج داخل الصومال. كما أسفر الحادث عن نفوق 131 رأسا من الغنم وجمل واحد. ومن جانبه، ذكر العضو في لجنة التحقيق علي آدم حسن أن القوات الأفريقية هاجمت منطقة آمنة وتعمدت قتل المدنيين وارتكاب ما سماها المجزرة بسبب أنها لم تستعن في هجومها بالقوات الحكومية الموجودة هناك والملمة بطبيعة المنطقة وسكانها، كما أنها لم تبلغ المسؤولين الحكوميين لمدينة ليغو بالهجوم. وأضاف علي آدم أن كل الدلائل على الأرض أثبتت عدم وجود أي من مقاتلي حركة الشباب في بلدة جيروياسين التي تعرضت للهجوم، وأن السكان البدو في المنطقة أكدوا بحضور فريق تحقيق مشترك أفريقي وصومالي أن القوة الأفريقية هي التي هاجمت البلدة وحدها وأطلقت النيران التي تسببت في سقوط الضحايا المدنيين من جانب واحد. غير أن القيادة الأفريقية لم تتعاون -حسب علي آدم حسن- مع لجنة التحقيق الصومالية في إبراز نتائج التحقيق ولا تريد أن تتحمل مسؤولية ما حدث وتقدم الاعتذار لأهالي الضحايا، مشيرا إلى أنها لا تزال تصر على أن الضحايا سقطوا في اشتباك بين قوة أفريقية ومقاتلين من الشباب، واتهم الحكومة الصومالية بالتقصير في محاسبة القوات الأفريقية على هذا الحادث و"دماء الأبرياء التي سفكت والمواشي التي قتلت". أما النائب السابق وعضو لجنة التحقيق الصومالية أبوكر حسن علي، فقال في المؤتمر الصحفي إن من مسؤولية القوات الأفريقية التفريق بين عدوها والمدنيين عندما تنفذ عمليات أمنية، لكن "أن تطلق الرصاص على من يصادفها فليست من صلاحيات التفويض الممنوح لها". ودعا أبوكر حسن علي الحكومة الصومالية -التي قال إنها ساعدت جرحى الحادث- إلى تحمل مسؤولياتها واتخاذ الإجرءات المناسبة لمحاسبة القوات الأفريقية التي تمتنع - حسب قوله- عن تحمل المسؤولية الكاملة والوقوف إلى جانب أهالي الضحايا بغية أن يحصلوا على تعويضات على ما فقدوه من أبنائهم ومواشيهم. وكانت قوات الاتحاد الأفريقي ذكرت في بيان صحفي في الخامس عشر من يناير/كانون الثاني الماضي أن مدنيين بينهم أطفال قتلوا وأصيبوا في تبادل لإطلاق نار بين قوة أفريقية ومقاتلين من الشباب المجاهدين بالقرب من منطقة ليغو، وأنها سوف تحقق في الحادث، غير أنها لم تقدم حتى الآن نتائج التحقيق بشكل رسمي والحكومة أيضا كلفت لجنة وزارية بمتابعة الحادث.