- يحتفل السعوديون هذه الأيام ب«أسبوع الشجرة» عبر نشاطات تنظمها بعض البلديات لزراعة أشجار تحت شعار «الشجرة حياتنا»، فيما يبدي كثيرون منهم مخاوف من انحسار المساحات الخضراء من البلاد خلال سنوات قليلة. وتقدر هذه المساحات بعشرة في المئة، إلا انها بدأت تتقلص بنسبة 1.1 في المئة سنوياً، نتيجة العواصف الرملية والزحف العمراني، وأيضاً عشوائية المشاريع في بعض المناطق الريفية. وتشكل الأراضي الصحراوية 90 في المئة من إجمالي مساحة البلاد التي تتجاوز مليوني كيلومتر مربع، ما يجعل ظاهرة الجفاف والتصحر أشد خطراً، بتهديدها باقي مساحاتها الخضراء ومظاهر الحياة فيها، الأمر الذي يخلف تداعيات بيئة واقتصادية وحضارية خطرة. وظهرت آثار التصحر في غالبية أرجاء المملكة، خصوصاً بعدما تسببت ندرة الأمطار وزحف الرمال (تشكل 28 في المئة من أراضي السعودية)، في تحول مناطق زراعية وأودية عدة إلى أراضٍ قاحلة. وزادت وتيرة «غزو الرمال» في الآونة الأخيرة مع «الاستنزاف الجائر» لمصادر المياه والتحطيب، وهجرة كثير المزارعين إلى المدن، ما أدى إلى تدهور الأراضي المنتجة، إضافة إلى أن استخدام بعض السكان للحطب والفحم النباتي أدى إلى تعرية مناطق واسعة، خصوصاً المحيطة في المدن والقرى والهجر والطرق المعبدة. وتعالت نداءات خلال السنوات الأخيرة تحذر من زحف التصحر وتآكل الغطاء النباتي، فيما توقعت تقارير صدرت العام الماضي زيادة التآكل سنوياً إلى 13.712 هكتاراً خلال السنوات الست المقبلة، بعدما كان يبلغ 3376 هكتاراً قبل حوالى العقد. ونفذت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية العام 2009 دراسات لبحث أسباب التصحر في المملكة، ومعرفة درجة انتشاره، وتحديد مؤشراته، والعوامل المسببة له، إضافة إلى تحديد المناطق المعرضة له، نظراً إلى خطورته وما يمثله من تهديد لمظاهر الحياة. ووفقا لصحيفة الحياة حذرت دراسات «المساحة الجيولوجية» من تداعيات التصحر في انخفاض إنتاج الحياة النباتية، مشيرةً إلى أنه يؤثر في الحال الاقتصادية في المنطقة العربية، ويؤدي إلى خسارة تصل إلى 40 بليون دولار سنوياً في المحاصيل الزراعية وزيادة أسعارها. وأبانت الدراسة أنه على رغم سقوط الأمطار بغزارة في مناطق عدة من المملكة، إلا أن آثار التصحر تظهر بشدة فيها، مثل أودية فاطمة ونعمان في منطقة مكةالمكرمة وأودية بيشة وتثليث في المنطقة الجنوبية. وصدرت تحذيرات عدة من التصحر في مناطق المملكة عموماً، أو في مناطق ومحافظات منها على وجه الخصوص، إذ توقعت رئيس قسم الاتصال وتقنية الإعلام في كلية الآداب بالدمام الدكتورة باسمة الغانم، اختفاء الرقعة الزراعية من محافظة القطيف خلال عقدين إلى ثلاثة، بعد دراسة ميدانية أجرتها على 56 موقعاً فيها. وكشفت الغانم أن نسبة التصحر بلغت حوالى 56 في المئة في بعض أجزاء المحافظة التي فقدت حوالى مئتي هكتار من الأراضي الزراعية خلال عشرة أعوام. وأمام هذا التهديد، اضطرت المملكة خلال السنوات الأخيرة إلى إعفاء المزارعين في مناطق عدة من سداد حوالى 50 في المئة من قيمة قروض عليهم، لقلة المياه وانتشارالجفاف في أراضيهم، بينها محافظة بيشة، إذ تشير التقديرات إلى أن مزارعيها فقدوا حوالى ثلاثة ملايين نخلة بسبب الجفاف. وترك التصحر تداعيات خطرة على حياة السعوديين، إذ أدى تآكل المساحات الخضراء إلى تراجع الإنتاج الزراعي المحلي، في حين قابلها تزايد كبير في أعداد السكان، ما يهدد أمن البلاد الغذائي التي تستورد كميات كبيرة من الأغذية من الخارج. وحذرت «منظمة التغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة» (فاو) قبل أعوام، من تدهور بين 40 إلى 50 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة في المنطقة العربية، في الوقت الذي تتعرض فيه 70 في المئة من مساحة المنطقة إلى خطري التصحر والجفاف. وشجعت المملكة زراعة 12 مليون شجرة زيتون في الجوف، في محاولة منها لهزيمة التصحر، فيما حققت الزراعات العضوية نجاحات في تحويل كثير من الأراضي الصحرواية إلى حقول زراعية في القصيم، وزرعت حوالى 60 ألف شتلة لمقاومة الزحف الصحراوي فيها. يُذكر أن السعودية رصدت في العام 2012، أربعة بلايين دولار لتنفيذ عشرة مشاريع زراعية لمكافحة التصحر على مدى ثلاثة أعوام، ستتركز في المنطقة الشمالية. وعملت المملكة خلال السنوات الأخيرة على تأهيل المواقع المتدهورة المراعي والغابات ووضع خطط للتنمية المستدامة فيها، لرفع إنتاجيتها والمحافظة على التنوع الإحيائي فيها، واستزراع ما يقارب 100 موقع من المراعي والغابات، إضافة إلى تنفيذ مشاريع تثبيت الكثبان الرملية لمنع زحف الرمال على المناطق الزراعية. وعقدت وزارة البيئة والمياه والزراعة الأسبوع الماضي، ورشة عمل عن برنامج زيادة الرقعة الخضراء في المملكة، أقيم بالتعاون مع «فاو»، حضره أكثر من 20 خبيراً حكومياً وأهلياً.