- في رمضان يبدأ التنافس المحموم بين السيدات السعوديات بالتفنن والإبداع في تحضير موائد الإفطار وتزيينها بالفوانيس الرمضانية، وما إن ينتهي الإعداد للسُفرة حتى تنتقل السيدات لتطبيق سناب شات لالتقاط الصورة النهائية لعرضها على صديقاتها، وإظهار قدرات الإبداع لديها. "هافينغتون بوست عربي" التقت عدداً من سيدات المطبخ السعودي؛ لمعرفة الغرض من تصوير النساء للطعام وهدف السيدات السعوديات من ذلك. سناب شات والكلمة الطيبة "سناب شات يجبر خاطري وكأنه يقدم لي الشكر والتقدير"، هذا ما قالته أم سعود وهي في العقد الثالث من عمرها. وتضيف، "حينما أصوّر الطعام وتجهيزاتي لرمضان وأعرضه في حسابي على سناب شات تنهال عليّ الكلمات الطيبة والإشادة بطبخي وتزييني للسفرة وتنسيقها، وهذا ما نفتقده في العائلة، حيث يبدأون في تناول الطعام وينتهون دون تقديم أي شكر أو تقدير". تنافس الرجال بزوجاتهم أما أم عبد المحسن، فقد اهتمت بالتصوير بعد أن رأت زميلاتها يستعرضن إبداعاتهن المطبخية في سناب شات وإنستغرام. وتقول، "الرجال يتنافسون فيما بينهم بشأن أكثر الزوجات إبداعاً، ونحن السيدات نضطر إلى أن نصوّر ونخرج كل ما لدينا بغرض أن ينال إعجابهم، وأن ترى الأخريات ما فعلته الأخرى وتستعد في اليوم الذي يليه كي تعمل أفضل منها". التصوير اخترق خصوصيات المنازل شهد العسكر المحاضِرة في علم النفس بجامعة الأميرة نورة، ترى أن هوس تصوير الأطعمة من خلال سناب شات أصبح في ازدياد مستمر، وهو ليست حكراً على الأطعمة بل لقد اخترق خصوصيات المنازل وأخرج أسرارها لكل المتابعين. أما المسببات التي تقف خلف هذا الهوس – بحسب العسكر – فتبدأ بالعامل الديني، الذي ما إن تسأل الفرد لماذا كل هذه الأطعمة وهذا العرض؟ إلا وتجده يستدل بقول الله في القرآن الكريم: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}، حيث أصبح هؤلاء يستدلون بهذه الآية وهم لا يعرفون فيها المعنى الحقيقي وهي أن تعرض نعمك دون تبذير أو تفاخر، بحسب قولها. وتضيف، "هناك العامل البيئي التربوي، حيث أصبحت بعض الأسر تربي أفرادها على المفاخرة فيما بينهم: أيهم يعرض أطباقاً أكثر وأشهى وألذ، وكأنها مسابقة يعلن الفائز فيها، والأمر لا يقف عند هذا الحد بل إن هناك من الأسر من تشتري قبل رمضان أطباقاً جديدة ومميزة ليس الغرض منها التغيير أو استبدال أوانٍ جديدة بأخرى قديمة، بل حتى تكون محط الأنظار وتنهال عليها كلمات المدح والثناء على طريقة العرض التي قدمت بها". الغيرة بين الأوساط النسائية وتقول العسكر، "قد تكون إحدى الدوافع التي تدفع للتصوير هي الغيرة التي تكون بين الأوساط النسائية أو الذكورية، مشيرة إلى أنه لو تعلّم الفرد مبدأ الرضا واختيار ما يتناسب معه لا مع من يعرض لهم لوجد أنه لا قيمة حقيقية لما يقوم به ولشعر بسعادة حقيقية غير مصطنعة". وتابعت: "هناك بعض العائلات تعيش هذا الهوس لإغاظة عائلة أخرى، وهذا للأسف جعل الغيرة والحسد يكثران في القلوب وقطع صلة الأرحام، وإن تزاوروا فإن أجواء الزيارات يغلفها الطابع الرسمي البعيد عن رفع الكلفة، وبعضهم يعيش وقت فراغ كبيراً جداً لا يملأه إلا من خلال التصوير والعرض الزائف لعله يجد نفسه بين هذه الجموع". نقص الثقة بالنفس واعتبرت العسكر أن كثرة التصوير هو تعويض نقص الثقة بالنفس من خلال التصنّع والتظاهر بعرض هذه المظاهر، وهذه ليست وسيلة جيدة لإثبات الذات لأنها فقاعةٌ ما تلبث أن تتلاشى.