حلل الكاتب محمد برهومة الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية، والتي قال إنها تأتي وسط تحولات مهمة تشهدها المنطقة، الأمر الذي يجعل هذه الزيارة تكتسب أبعادا ومعاني مختلفة في سياق العلاقات الأميركية-السعودية. ويقول برهومة في مقال نشرته صحيفة الغد الأردنية : أولاً، الرياض تنهج اليوم سياسة وطنية أكثر استقلالا عن الحليف الأميركي، عقب الإحباط الذي ولّده التردد والتخاذل الأميركي عن فعل شيء جوهري لوقف معاناة الشعب السوري ومأساته الرهيبة. ثانيا، الرياض حسمت أمرها فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والتصدي للجماعات الإرهابية، من قبيل "القاعدة" وإخواتها؛ مثل "داعش" و"جبهة النصرة"، وغيرها. ثالثا، أعلنت الرياض عن موقفها الواضح مما يجري في اليمن، بوضع الحوثيين على لائحتها الوطنية للجماعات الإرهابية، وذلك بعدما أفشلت مشاريع تطويقها من البوابة اليمنية. رابعا، السعودية في ثوبها الجديد حسمت سياستها تجاه جماعة "الإخوان المسلمين"، فحظرت جميع نشاطاتها وأعلنتها تنظيما إرهابيا. وهي بذلك تقرر سياسة أمنية مختلفة على المستوى المحلي السعودي من جهة، كما أنها من جهة ثانية تزيل اللبس والغموض عن جذور خلافها مع الدوحة، وتوضح من جهة ثالثة حدود تحالفها مع القاهرة وترسم آفاق التعاون الاستراتيجي السعودي-المصري ومستوياته. خامسا، السعودية، وفي سياق تنويع سلة تحالفاتها الدولية، سياسيا واقتصاديا، وتخفيف الضغوط الغربية عليها إزاء مواقفها وسياساتها من أحداث المنطقة، تتجه شرقا؛ إلى الصين وباكستان والهند واليابان. كما سعت الرياض، من خلال الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إلى الرياض في مؤخراً إلى نسج تحالفات عسكرية ونووية أكثر فاعلية مع باريس التي تقترب من الرياض أكثر من غيرها فيما يخص المقاربة تجاه الملف السوري، واللبناني تباعا. سادسا، شعرت الرياض عقب الاتفاق النووي المؤقت بين إيران ومجموعة "5+1″ أن مصالحها تقتضي عدم وضع ثقلها كله في التحالف الاستراتيجي مع الولاياتالمتحدة فقط. وهي لذلك، أعادت ترتيب تحالفاتها الإقليمية والدولية، وحددت بشكل أكثر وضوحا، وبعيدا عن المواربة والالتباس، لائحة الحلفاء والخصوم والأعداء والمنافسين الإقليميين. ربما يعني ذلك كله أن زمن التعويل شبه الكلي على الولاياتالمتحدة لحفظ أمن الخليج وصيانة مصالح دوله، يتم تخطيه اليوم، على الأرجح. ولأول مرة، تبدو زيارة الرئيس الأميركي إلى المنطقة وإلى الحلفاء الخليجيين زيارة عادية جدا. وهذا الأمر لا يخلو من أن يكون متعلقاً بالخطوات الاستباقية السعودية، والتحوّط من مفاجآت الحليف الأكبر (أميركا) تجاه شؤون المنطقة وملفاتها الحساسة وقضاياها الجوهرية، وإعادة رسم خرائطها وتوازناتها. هذا يعني أن الرئيس أوباما سيزور سعودية مختلفة، تحافظ على تحالفها الاستراتيجي التاريخي مع الولاياتالمتحدة الأميركية، ولكن بشكل مختلف، وبمضامين مختلفة أيضا، تقول: إن إمكانات التغيّر لا تقتصر على الحليف الأميركي وحده. المصدر المواطن