✒شهر رمضان حصاد السنة، وثمرة المجتهد، وبلاغ الموفق، تتظافر فيه الأعمال، وتطيب فيه الأقوال، وتتسابق النفوس؛ لتلقى الفوز والقبول، وفي ظل المنحة الربانية الموفق من وفقه الله، فنحتاج لرفع أكف الضراعة والتوسل نطلب الله فيها القبول ومن ثم النجاة والفلاح، وهذا لا يكون إلا بالدعاء، فالدعاء مخ العبادة، وملازمٌ لكل عبادة، ولحكمته العظيمة ومقاصده البليغة، أمر الله عباده بالدعاء وأرشده إليهم في محكم تنزيله في قوله تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [سورةالبقرة:186]، وهذه الآية جاءت بعد أحكام الصيام حيث إن المرء وهو صائم دعوته تكون أحرى بالإجابة، ويعضده قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث لا ترد دعوتهم : الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم). فالدعاء زاد المؤمن، ودرعه الواقي، ووصله الأقرب، فعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السموات والأرض). فالتوجه بالدعاء، وقبوله من خصائص الله تعالى التي تدل على كمال وحدانيته وألوهيته: لا تسألن بن آدم حاجةً وسل الذي أبوابه لا تحجبُ الله يغضبُ إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسئل يغضبُ ومن فضائل شهر رمضان ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضله فقال : (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين) . ويكون المرء بالإضافة إلى فتح أبواب الجنة وغلق أبواب جهنم، مقبلاً على الطاعة، مُجتنباً المعاصي، وما عليه بجانب أعماله، وكرم الخالق، إلا أن يتوجه خاشعاً متذللاً طالباً خالقه موقناً بالإجابة. وفي شهر رمضان يبلغ الدعاء ذروته، فنشاهد الصغير والكبير، والغني والفقير، والصحيح والعليل، يعلمون فضل رمضان، يسألون الله القبول؛ لأنه إن قبل رضي، وإن رضا أعطاك بلا حساب. وفي ليلة القدر تتجسد عظمة الدعاء، فتجتمع العبادات، وفي كل عباده يلتقي الدعاء معها من صلاة وصيام وصدقة وغيرها من الاعمال الصالحة فكان الدعاء من العبادات التي تحمل الطابع المشترك التي يحتاجها الخلق، ويفرحُ بها الخالق. والناظر لمشهد الداعين في شهر الله الفضيل، فذلك منظرٌ تقشعرُ له الأبدان، وتلوحُ عنده الخواطر. اللهم علينا اليقين، وعليك الإجابة يا أرحم الراحمين.