غَرقتُ بينَ الأفكار كي أجد فكرة أصف فيها أهمية علامات الترقيم ! فعدت إلى خيالي الذي لم يخذلني أبدًا، فقررت نقلكم معي إلى الخيالِ الذي تشكّلَ داخلي . شَامَاتُ كَلام في العصرِ القديم كان هناكَ فتاةٌ عذراءُ، كحلاء، حَصَانٌ، رزان ... اسمها ( كَلام ) لم يستطع أي بشرٍ أن يحصرَ جمال كلام هذه، فلا قرائحُ الشعراء تكفي ولا حتى قصائدهم، ولكنّ الجمال غَزُر وعجزوا شعراء زمانها في وصفها، فقسموها العرب إلى أقسامٍ كي يتفننوا في قصائدهم والغزل في كل قسمٍ على حدة : - فكان ذراعها الأيمن اسمه ( جملة فعليّة ) - وذراعها الأيسر يسمّى ( جملة اسمية ) بينما تتوزع الحروف على عدد أصابعها... - فالخنصر اسمهُ ( على ) - والسبابةُ اسمها ( في ) وهكذا أما علامات الترقيم فتوزعت متجمّلة على شكلِ شاماتٍ في أنحاءِ جسدها، متبخترة هذه الشامات، قد استخوذتها الأنَفَةُ والاختيال؛ لأنها أكثر ما يصف ويتغزل فيه الشعراء . كانت النقطة العظيمة جاثمة على عرش خدِّ كلام فما إن تخيلتُ تلك النقطة في تلك الوجنة حتى أخذتُ أردد ( أوّاهُ من خالٍ توسطَ خدّها ) ! وهذا شيء عظيم في ذلك العصر . أما في وصف جسمها فلم أتذكر سوى وصف كعب بن زُهير في معلقته : هَيفاء مُقبِلَة عَجزاء مُدبِرَة لا يشتَكى قصَرٌ مِنها وَلا طولُ ولكنها أتت اللحظة الأدهى والأمَرّ ! وهو أنّ هذه الشامات بدأت بالاختفاء شيئًا فشيئًا مع مرورِ الوقت ! وشعراءُ كلام بهت إعجابهم، وركدت قريحتهم ! ما دفعني للإعجاب هنا ! هو كيف لتلك الشامات أن تجمّل كلام إلى هذه الدرجة، كيف لها أن تلفت الأنظار والانتباه هكذا ! كيف لشامةٍ واحدة أن تُرتبَ أفكار شاعرٍ صَلدٍ هكذا ! وأن كلام بدون شاماتها شاحبة، عادية . عندها تيقّنت أن من كمّل كلام هو شاماتها وأن الشامات هي ما يُلفت ويحسّن من جمال كلام وإلّا فإن كلام شيءٌ عادي . "الكل لديهِ كَلام، ولكن ليس للكل شاماتها، فتجمّلوا" إيلاف .