لابد لنا أن نسترجع الذكريات الجميلة ليس لنستريح فقط بل لنبحر في بحر المتعة الماضية التي لايوازيها متعة لا أدري لماذا يكون الماضي القريب بالنسبة لي هوالجمال بعينه وهو الحياة المثالية الخالية من الهم (والكلسترول) كماهي في بعض حاضرنا. الماضي متشبع بالبساطة والبساطة عادة تجلب السعادة والأنس ونلمح دائماً في الماضي أنه لايوجد غير المتميزين* لإنه لايوجد من يزين القبيح ويبروزه إما لإن الذائقة مرتفعة أوأن الدخلاء التافهين ينتظرون الزمن المناسب للإنقضاض! بالإضافة أن قنوات السخف والعبط والتبجيل لمصلحة أومال وفيرليست في أجندة وتفكير الأنقياء في الماضي فالفضائيات والتواصل الإلكتروني السلبي ليس لها وجود كماأن الإعلام المرئي والمسموع في الماضي لايحتمل مثل هذا السخف مثل ماهو في بعض حاضرنا وربما في مستقبلناالأدهى والأمر فلو دققنا النظر في شخصيات الماضي الجميل لوجدنا الإبداع والمثالية جنباً إلى جنب كلاً فيما يخصه فبداية من محيطك الصغير فالأب منتهى الود عندما يعود من عمله وتعبه وباب رزقه فإن لم يحمل في يديه مايفرح به صغاره فإبتسامته رغم تعبه تسعد من في البيت وتبهجهم لتحييه الزوجة تحية الأبطال المنتصرين وهو كذلك في نظرها فهو زوجها ونصيبها وحبيبها وراعي البيت وعموده ولو نظرنا لخارج بيت الطيبين فالجار يتمنى الخير لجاره وأخوه الذي لم تلده أمه وعندما تدير الجهاز الوحيد في البيت وربما الثاني لتجد المبدعين دون غيرهم من أرباب الإعلام الأفذاذ الذين لم يظهروا لوسامتهم وتصفيف الشعر اللامع المزيف! الماضي الجميل لا وجود لترتيب التطبيقات الإلكترونية لتبدأ بمن وتنتهي بمن وفي الأخير لاتجني غير الصداع المزمن الذي لايوقضه غير بكاء طفلك المشغول أيضا بالجهاز المجنون الذي نظر اليه أخوه وهو ملكه الخاص ولا يستطيع أَياً كان أن يلامسه من وجهة نظره! في طفولتنا البرائة تملئناونملئها باللعب الحركي ولولم يكن هناك ألوان يسعد عادة بها الصغار فقليل من حجارة خارج البيت وأعواد شجر فرح بإستطاعتها أن تقضي على كل العلوم الحاضرة لنفسية الطفل وما يجب أن يتوفر لها لتستقر نفسياً! إن الماضي بالنسبة لنا نحن الأربعيون وماجاورها رائع فقد لامسنا أطراف حياة الأشقياء السعداء الأولين ولكن بلا تعب. لقد انغمسنا في الطفرة ونحن ننظر من النافذة المطلة على قطيع الغنم الخالي من الشعير الكيماوي والذي يرعاه صاحبه بكل عنايةوقبل أن يلوثه الأجيرالقادم من* بعيد والنافذة نفسها هي من جعلتنا نرى أواخر جيل فرح الأعراس في البيوت بلا قصر وبلا (مكروفنات) مزيفة للفرح. في نافذتنا المهترئة الطيبة ونحن صغاراستطعنا أن نرى (المزاويم) وهي تكبر أمام أعيننا بقدرات وطنية خالصة! ورأينا الأمهات يسطرون أجمل صور العمل وهم (يموضون) الحليب ليصبح لبنًا لذةً للمنتظرين نحن المتوسطين بين المرحلتين سعداء حقاً لإننا أخذنا من الماضي بساطته وعفويته وصفائه فعشنا قانعين برضا بغظ النظر عن النكسة الأولى لعروبتنا فلاذنب لنا سوى أننا سمعناها من الكبار ولم نصدُّقها فتوالت النكسات! * وفي المقابل فقد امتلكناالحاضر وغصناه وتذوقنا (الهمبرجر والبيتزا)والخصومات ولازلنا برباطتناوقوتنا وشبابناأظن ذلك!