✒عامُ مضى ماكأنه إلا الأمس القريب روحانيته لازالت عالقة بروحي ونسائم الرحمة في أيامه لازال عبقها يلفني، وتفاصيل أحداثها تجول بذاكرتي.. الله أكبر الله أكبر مع بداية أيام العشر في العام الماضي رددتها وأنا على يقين أن الأحزان سترحل وأن الكسر سيُجبر .. كيف لخير أيام الدنيا أن تمر بنا دون أن نزداد إيمانًا و ننتشل أرواحنا من وحل عام* كامل لنغتسل في نهر الطُهر والنقاء.. في اليوم السابع أذن الله لي أن أكون ممن يلبون حُبًا وفرضًا : إليك إلهي قد أتيت مُلبياً فبارك إلهي حجتي ودعائيا قصدتك مضطراً وجئتك باكياً وحاشاك ربي أن ترد بكائيا تكبيرات الحجاج تملأ المكان ومرشات الماءألبست الجو حلة من الرطوبة ، منظمين المخيمات يعملون بدأب وانشراح .. كأنني أعرفك من عشرات السنين و أنت كذلك (هذا شعار التعامل هناك )، أصوات المفوجين تثير استعدادي للانتقال إلى الشعيرة الأخرى. مطر غزير وأصوات بكاء الحجاج ودعواتهم سبقت صوت الرعد فأصبح مخيم (عرفة) يتجلجلُ بالتكبير والتهليل.. في كل زاوية سجادة وكتيب دعاء و سبحة لحاجة تناجي بدمعات وتدعو بدعوات أعدتها لذلك اليوم العظيم. لا أحد يحدثك جميعهم يحدثون ربًا واحدًا يسمعهم في وقت واحد (ما أعظمك يا الله) وقد قيل أن أعظم الدعاء دعاء يوم عرفة يقول أحد الصالحين : والله ما دعوتُ دعوةً يوم عرفة وما دار عليها الحول إلا رأيتها مثل فلق الصبح.. كنت أراهم عبر الشاشات وهم يتوسلون ويدعون، و يتنقلون بشوق بين المشاعر، ويستشعرون لذة العبادة ولكن بعد وقوفي معهم عرفت كيف هي عظمة الحج ولماذا يعود الحجاج كيوم ولدتهم أمهاتهم.. أي مشاعر طغت علىّ حين خروجي من مكة عائدة إلى حيث أقطن، وأي بركة خلفّها الحج في قعر قلبي وأي طمأنينة سكنت روحي وأيّ إيمان سرى في فؤادي، فذلك كله من فضل ربي. كفاني فخراً أنني لك عابد فيا فرحتي إن صرت عبداً مواليا أكتب الآن ودعوات عرفة في العام الماضي أراها أمامي تلوح كنجمة براقة في سماء حياتي، الرب كريم عطائه لا ينتهي ورحماته لا تنفذ. شمروا عن قلوبكم واطرحوا بين يدي الله دعواتكم تجدونها نورًا وضاءاً في قادم أيامكم. قال ابن القيم - رحمه الله تعالى : " ومن أنفع الأدوية : الإلحاح في الدعاء " ادعوا لحيكم وميتكم فوالله ما رأت عيناي النور إلا بالدعاء الصادق والظن الحسن.