قد نحتاج إلى مؤشر دولي في هذه المرحلة لكي نعرف، أين يقف مؤشر الحرب الأميركية - الصينية بين صعود وهبوط؟ حتى أصبح معها مؤشر الأسواق والبورصات يتحرك يومياً بين صعود وهبوط تبعاً لتطور الأحداث، وعلى الأدق طبقاً لما يقرره الرئيس الأميركي الذي يفرض بين فترة وأخرى رسوماً جديدة على الصينيين، حتى إنه تذمر وطالب الصينيين بشراء المنتجات الزراعية الأميركية، حيث أصبحت معها الحكومة الأميركية مضطرة إن لم تكن ملزمة بتقديم الدعم للمزارعين، حتى تجاوز مستويات 30 مليار دولار، والصين ترفض الشراء بل والحد منه، فأميركا والرئيس الأميركي يعتبران أن ذلك تصعيداً من قبل الصينيين، والصينيون يرون أن الأميركان يمارسون التصعيد والعقوبات ويزيدون عليها بأن عليهم شراء المنتجات الأميركية؛ فأميركا ترى كل الحلول بيد الصينيين "سنزيد الرسوم، واشتروا من منتجاتنا الزراعية" !!.. الصينيون لجؤوا لخفض العملة "الصين تقول: إننا لا نتدخل بسعر الصرف"، الرئيس الأميركي يتهم الصينيين بالتلاعب بسعر الصرف للعملة لكي تبدو أقل من قيمتها، البنك الدولي يقول: إنه لم يجد ما يوحي بتلاعب بسعر الصرف، وإنه أقرب للعدالة بسوق الصرف لليوان الصيني. هذه الحرب "الفعلية" التجارية بين الأميركان والصينيين، ليست مقفلة على الدولتين، بل هي تربط هذا العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه، فنحن نتحدث عن أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، دول يتعثر بها النمو ويزداد التباطؤ الاقتصادي، التقديرات تقول: إن خسائر الاقتصاد العالمي تتجاوز 700 مليار دولار بسبب هذا التباطؤ والتخوفات الاقتصادية، فضعف النمو في الصين أو تراجعه في أميركا يعني أن الدول المصدرة لهما سوف تتراجع مستويات التصدير لها، ومنها الاستهلاك ومعها الأسعار، ويقل الإنتاج وتزيد البطالة إلى آخره من التبعات الاقتصادية. لكن هل هنا رابح من هذه الحرب التجارية؟ وهل هناك خاسرون؟ الأقرب - وهو ما يتضح - الخسارة على مستوى العالم ككل، بتراجع النمو الاقتصادي مما يحتم أن تخفض الفائدة لضخ أموال جديدة في الاقتصاديات، حتى إن البنوك أصبحت تقدم فوائد "سلبية" للودائع، فهي لا تريد السيولة لعدم قدرتها على تحقيق الاستثمار والعوائد المجزية التي تدفعها لطلب المزيد من السيولة حتى من البنوك المركزية، العالم أمام أزمة "التباطؤ الاقتصادي المصطنع" بسبب الحرب التجارية، وليست لأسباب اقتصادية صرفة من ضعف الطلب أو عدم القدرة على النمو، بل نحن بحاجة لمزيد من الحوار لحلحلة كل المعوقات الاقتصادية، وأن تظل الأبواب مفتوحة دوماً