* التكافل والتراحم والتعاون أمور خيرية إنسانية حثنا عليها ديننا الحنيف فقد قال عز من قائل في محكم كتابه: (وتعاونوا على البر والتقوى) وقال في آية آخرىلا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروفٍ أو إصلاح بين الناس) وقال نبينا الكريم عليه الصلاة والسلاممثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ومن هذا المنطلق نجد أن المبادرات التطوعية الخيرية تعد ترجمة عملية للقيم السابقة التي حثنا عليه ديننا العظيم. التطوع هو الجهد الذي يبذله أي شخص لخدمة مجتمعه دون أي مقابل، وبذلك يكون المتطوع ضمن المبادرات التطوعية هو الشخص الذي يسخر نفسه طواعية ودون إكراه لمساعدة الآخرين بقصد القيام بعمل خيري يتطلب تظافر الجهود وتعدد القوى وتوجيهها في إتجاه واحد لإنجاح هدف المبادرة ومن هذا المنطلق فإن المبادرات التطوعية الخيرية تعد سلوك حضاري متقدم يعبر في المقام الأول عن فكر المجتمع ووعي ابنائه الذين يتم توجيه طاقاتهم ضمن هذه المبادرات نحو عمل الخير وخدمة الوطن ومد السواعد بالعطاء لتجسيد قيم التكافل والتراحم والتعاون وكل المعاني الإنسانية النبيلة، حيث وهذه المبادرات لا تنظر لأي عوائد مادية وكذلك نفعها يعود غالبا على الشرائح الضعيفة والمتعففة ومن ثم المجتمع ككل. نستنتج من ذلك أن حجم انخراط أفراد المجتمع في العمل التطوعي يعد مؤشرا على مدى وعي هذا المجتمع وتقدمه ورقي أفراده، فالعمل التطوعي يعد من أهم الأعمال الإجتماعية الإنسانية في عصرنا الحاضر بسبب تطور الأساليب المعيشية وتعقدها نتيجة للتغيرات الكبيرة اجتماعيا واقتصاديا وتقنيا، الأمر الذي فرض أوضاعا وظروفا تحتاج إلى تظافر الجهود الرسمية والشعبية لمواجهتها، ومن هذا التحالف والتكاتف بين القطاع الحكومي والقطاع الأهلي المتمثل بهذه المبادرات الخيرية تتشكل منظومة رائعة لتحقيق عملية التنمية الشاملة والإسهام في تعزيز وعي وثقافة المجتمع بأهمية هذه المبادرات الأمر الذي يسهم في تعزيز ثقافة التطوع والعمل الخيري وبالتالي تزداد المبادرات والأعمال الخيرية التطوعية وتتنوع وتتعدد مجالاتها. من الملاحظ أن مبادرات العمل التطوعي قد شهدت تزايدا مطردا وتنوعا في كافة الجوانب فمن تقديم المساعدة للفقراء والمساكين إلى التدريب والتأهيل إلى المساعدات الصحية والإصحاح البيئي إلى المبادرات الثقافية والتوعوية والإرشادية حيث تعود هذه المبادرات بأشكالها المختلفة على المجتمع بالفائدة والنفع وتزيد من التآلف والتآزر بين فئاته المختلفة وبالتالي تسود روح الألفة والمحبة فينتج عن ذلك جو من الاستقرار العام وتنتهي الكثير من المشاكل الاجتماعية. التطوع والمبادرات التطوعية*تعد في المقام الأول خدمة وطنية وإنسانية ففي بعض الدول يعتبر التطوع إلزاميا للذين لا تنطبق عليهم شروط الخدمة العسكرية من الشباب، فالمبادرات التطوعية قد تكون قادرة على تقديم خدمات يصعب على الإدارة الحكومية تقديمها وذلك لما تتسم به الأعمال التطوعية من مرونة وقدرة على الاستجابة السريعة والتعامل المباشر مع من تستهدفهم بأعمالها الخيرية. وعلى كل فالعمل التطوعي هو العطاء بحرية لصالح المجتمع وبذلك يتيح الفرصة أمام الجميع للمشاركة فيه، وبالنظر إلى واقعنا التطوعي نجد أننا قطعنا شوطا كبيرا في هذا المجال لكننا ما زلنا بحاجة إلى توافر برامج أكثر لتدريب المتطوعين، وبالتالي تطبيق الأساليب العلمية ومحاولة الإطلاع على تجارب الآخرين في هذا المجال والاستفادة منها مما يجعل مجتمعنا سباقا في هذا المجال وكل المجالات التي تعود عليه بالخير والازدهار والتقدم.