هذا العنوان جزء من حديث نبوي شريف على صاحبه صلوات ربي وسلامه. وهو يحكي لنا تفاصيل موقف مهيب ! يشيب له الرأس ؛ كيف لا وهو وقوف بين يدي عالم السر وأخفى ، من عنده علم كل شي صغيراً كان أم كبيراً عظيماً أم هيناً - فاللهم لطفك ورحمتك - في هذا الموقف سيُسأل العبد عن جزء مهم وهبه الله إياه ليرى كيف يصنع فيه ! إنه الوقت الثروة المهدره: الوقتُ أغلى من الياقوتِ والذهبِ *** ونحن نَخسرهُ في اللهوِ واللعبِ وسوف نُسأل عنه عند خالقِنا *** يوم الحسابِ بذاك الموقفِ النّشِبِ وهذا الجزء هو حياته وأيامه ولياليه ! بساعاتها ودقائقها ولا تخفى ثوانيها ! قال الله تعالى ( والعصر * إن الانسان لفي خسر * الا الذين امنوا وعملوا الصالحات ) في هذه الآيات أقسم المولى جل وعلا بالعصر ! تعظيماً له وتشريفاً وهو بمثابة الوقت ؛ وأقسم أن الإنسان في خسارة لوقته وحياته يمضيها كيف ما شاء دون حساب وتبع نفسه هواها في كل وادي ! إلا !! وهنا إستثناء كريم ! إستثناء من الله تبارك وتعالى من هذا الخسران لعبادٍ له وصفهم بصفات عظيمة جليلة وهي: أولاً: الإيمان الصادق به سبحانه وتعالى. ثانياً : العمل الصالح ولا يكون صالحاً إلا بشرطين : 1/ الاخلاص لله عزوجل . 2/ متابعة هدي النبي ﷺ فيه . ثالثاً : التواصي بالحق والخير بين هؤلاء العباد المكرمين . رابعاً : التمسك بالصبر بأنواعه والتواصي به. و نزلت هذه الآيات لتعلمنا أهمية أوقاتنا التي هي وللأسف أهون شيء علينا ونستسهل ضياعها دون أدنى فائدة تُذكر ! بل والأعظم أننا نسعى لتضييعها بكل إصرار وعزيمة وكأن هذه الأوقات ستعود لنا عند حاجتنا لها.. هي فعلاً ستعود !! لكن ستكون شاهدةٌ لنا أو علينا: نلهو ونلعبُ والأيامُ مدْبِرةٌ *** تجريْ سراعاً تُجِدُّ السيرَ في الهربِ والفوتُ مقترِبٌ والموتُ مرتقِبٌ *** والحالُ منقلِبٌ والناسُ في لعبِ ومن أبرز طرق ضياعها وبكثره ! مايسمى بوسائل التواصل الإجتماعي والانغماس فيها وتتبع يوميات الناس ومافيه من خطر ( كفران النعم الموجودة وإمتداد العين لما عند الغير و ما يلحقها من غيبة وغيرها ) فيجب استغلال أوقاتنا المهدرة خاصة أننا الآن في أعظم نعمة - إن أحسنا استثمارها واستشعرناها - وهي الإجازة الصيفية المقتطعة من أعمارنا والتي تتسرب من بين أصابعنا دون أي إحساس بها. فإن علمنا أن الإجازة من أعمارنا وأخذنا ذلك بعين الإعتبار وجعلناه أمام أعيننا سنفوز بإذن الله تعالى في استثمارها وجعلها تسبقنا الى موازين الحسنات ونحن في سعادة وطمأنينة ودون أي حسرة أو ندامة على ما فات أو تأنيب للضمير ! ومن وسائل استثمار الإجازة الصيفية والإنتفاع بها : 1/ التخطيط لها وتحديد الاهداف فيها . 2/ تطوير الذات . 3/ الالتحاق بالدورات التدريبية والان من فضل الله ان بعضها عن بعد ! او عن طريق وسائل التواصل المختلفه . 4/ الاهتمام بالجانب الروحي وتغذيته بكثرة الذكر وتلاوة القرآن وتغذية العقل والقلب معاً والتمتع بقراءة الكتب بشتى أنواعها ففيها بناءٌ للعقل واستزاده من الخبرات والتجارب . وفي نهاية المطاف أقول ما أجمل العناية بالأوقات فيما يقربنا من الله عزوجل: والوقت أجمل ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ماعليك يضيعُ فلو أن أحدنا رُزق بمبلغ مالي - حتى وإن قلّ ! - لحرص أشد الحرص على استثماره والمحافظة عليه ولبلغ أشده في سعيه هذا حتى لا يخسره فكيف سعينا للمحافظة على أوقاتنا التي أغلى من أموال الدنيا بأكملها !! .