المرأة العصرية والمرأة التقليدية مصطلحان أفرزتهما الدعاية الاستهلاكية في عالمنا المتحضر للعنصر النسائي من خلال الوسائل الإعلامية المتعددة لاسيما بعدما أضحى التعامل مع المرأة على أنها وسيلة لجذب المعلن السخي وعين المشاهد المتضور للإيحاءات اللفظية والإيماءات العملية التي لا يجيدها سوى المرأة العصرية وليدة الشاشات والمجلات الناقمة على بنات التقاليد والعُرف والأصول . دعائم هذا التصنيف المخادع للمرأة التأسي بالتجربة الغربية التي ما زالت تحقق الثروة والسطوة على حد سواء بعد أن نزعت عباءة الدين ، حيث يطمع المتأثرون بها أن تحذو الفتاة المسلمة حذو نظيرتها الأوروبية بالتخلي عن كل قيد يمكنه أن يحول بينها وبين تحقيقها للثروة والشهرة جنباً إلي جنب مع المؤسسات الإعلامية المستهلكة لجسدها ومفاتنها التي يبدو أنها تمكنت أخيراً من السيطرة على عقلها ووجدانها لا سيما بعد سيطرتها على الإعلام وخنوعها لابتزاز المعلنين في الشركات العالمية التي يصر وكلاؤها في الشرق الأوسط على تقويض كل ما من شأنه عرقلة تحقيق أهدافها الربحية حتى لو كان الأمر يتعلق بالعقيدة والهوية والانتماء ، كما أن المؤسسات الإعلامية نفسها تعد مؤسسات تجارية تسعى للربحية المفرطة على حساب القيمة والمجتمع التي لا سبيل لتحقيق تلك الأرباح بغير اقناع المرأة بجمالية السلوك العصري بالمعايير الفرنسية وقبح السلوك التقليدي ذي المعايير الإسلامية ، فما من برنامج يذاع عبر تلك الوسائل إلا ويأتي توصيف المرأة التي تتخطى حواجز الثقافة والدين في مجتمعها بالمرأة الذكية أو القوية أو العصرية ، بينما التي تتمسك بتعاليم الدين والقيم المجتمعية المحافظة توصف بأنها منغلقة على ذاتها منكفئة على نفسها وطموحها لا يتجاوز أرنبة أنفها متجاهلين ما تقوم به من دور استراتيجي في بيتها تجاه ذويها وأسرتها وتجاه تربية أطفالها التي لو اجتمع ألف عارضة وألف مذيعة حاسرة مع آلاف الراقصات والغواني ما أتين على فضل وجبة واحدة تقدمها سيدة أمية لطفلها قبل خروجه لمدرسته ، فضلاً عما تقوم به لأجل وطنها حينما تنشئ له جيلاً صالحاً يكمل مسيرة البناء والنماء . وليت الأمر يتوقف عند التوصيف فقط ، بل يتعداه إلي مسألة التفضيل ، فالمرأة العصرية في نظرهم هي الأفضل كونها تقدم الوطن للعالم الغربي التقديم الحضاري المتجرد عن العقد والقيم مثلها مثل المرأة الغربية المتحررة وربما تتفوق عليها ، بينما توضع المرأة التقليدية أو البيتوتية في أبشع الصور وأقذع القوالب لأنها ارتكبت ذنب التستر عن أعين المشتهين وجريمة التعفف عن مزالق المادحين للتبرج والسفور . عبدالرحمن ظافر الشهري [email protected]