من منا لم يجرب تخفيض وزنه عن طريق رجيم معين، هل تساءلت عزيزي القاريء لماذا لانحقق أهدافنا في تخفيض الوزن والغالبية منا تفشل مع المحاولات المتكررة وباستخدام عدة أنواع مختلفة من الرجيم، في هذا المقال يسلط الدكتور ناصر الصانع الضوء على أكثر الأسباب شيوعاً لفشل الرجيم أو تخفيض الوزن ويبين الفروقات الجوهرية مابين المرأة والرجل ويختم بالمبادئ التي تضمن النجاح في تخفيض الوزن زيادة الوزن أصبحت في عصرنا أهم مرض يصيب البشرية، فهي أهم من أمراض ترعب المجتمع كالسرطان وأمراض القلب والشرايين وداء السكري والضغط، لا بل إنها السبب الرئيسي لكل تلك الأمراض حسب الأبحاث الطبية الحديثة، فالمرأة المصابة بمرض السمنة أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي والضغط وداء السكري، أما الرجل فإنه أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم والضغط وداء السكري وجلطة الدماغ والقلب والشرايين، لقد أصبحت زيادة الوزن أهم مستنزف للموارد المالية في أي نظام صحي سواء كانت الدولة فقيرة أو غنية، نامية أو متقدمة، منظمة الصحة العالمية بدأت تشجع على استخدام مصطلح داء السمنة بدل من كلمة السمنة فقط لتدلل على أن السمنة ليست مجرد تغيير في المظهر ولكنها تغيير في جميع أنحاء الجسم بمايتبع ذلك من مضاعفات تؤذي صحة الإنسان. المجتمع السعودي ليس بمعزل عن هذا كله فنسبة السمنة بين النساء تبلغ مايقارب 50% وهي أقل قليلا بين الرجال حيث تبلغ 40% وقد أتى ذلك من عدة دراسات أجريت على الآلاف من المواطنين في المنطقة الوسطى والشرقية والغربية، ويصاحب هذا كله ارتفاع ملحوظ في نسبة الإصابة بداء السكري وسرطان الثدي وسرطان القولون مما يثبت ماتوصلت إليه الأبحاث العالمية، وقد تصدرت الوفاة نتيجة جلطة القلب قائمة أهم أسباب الوفاة في المملكة بعد حوادث المركبات مما يزيد من صدقية الأبحاث العلمية الأخيرة التي تثبت خطر السمنة. السمنة ليست نوعاً واحداً فهناك السمنة التي تتوزع على جميع أنحاء الجسم وهناك من يكون وزنهم طبيعي ولكنهم يصابون بداء السكر والضغط وارتفاع الكوليسترول وعند البحث في هذه الفئة من الناس وجد أن لديهم سمنة الجذع أو سمنة تتركز حول البطن أما بقية أنحاء جسمهم فهي ضعيفة أو طبيعية، إذا عزيزي القاريء كون وزنك ملائم لطولك لا يمنع من أن تكون مصاب بداء السمنة فوجود كمية من الدهون حول البطن سبب للقول بأنك مصاب بداء السمنة. ومن الطريف أن السمنة تظهر بصورة أكبر عند المرأة منها عند الرجل حتى وإن تماثلوا في الوزن فالمرأة تجمع الشحوم تحت الجلد مما يجعلها ظاهرة للعيان أما الشحوم عند الرجل فتتجمع داخل تجويف البطن وعندما يمتليء التجويف تبدأ في التجمع تحت جلد البطن ولذلك يمكن القول بأن الرجل عندما يبدأ رجيماً فإنه يفقد الشحم من الداخل للخارج وهذا معناه أنه لن يري عضلات جدار البطن أو ما يطلق عليه (6 Pack) إلا بعد رجيم مضني وطويل مما يجعل الكثيرين من الرجال ييأسون من الرجيم لأنهم لايرون له نتيجة تذكر على شكلهم الخارجي في حين أن المرأة تفقد الشحوم من الخارج للداخل وبالتالي تظهر عضلات بطنها في بداية الرجيم مما يشعرها بفاعلية الرجيم. الشحوم تتراكم لدى المرأة في الأرداف وهذا نتيجة هرمونات الأنوثة التي تحدد أين تتراكم الشحوم في الجسم، ولكن نفس المرأة عندما تتوقف لديها الدورة في سن اليأس فإنها تبدأ في نقل تلك الشحوم من أردافها إلي منطقة البطن مما يجعل مظهرها يبدأ في مقاربة شكل الرجل السمين الذي تتراكم الشحوم أيضاً لديه عند منطقة البطن. كان من المهم عرض تلك المعلومات لإستعراض أسباب فشل الرجيم لدى الغالبية حسب الإحصاءات العالمية والمحلية، فنسبة من ينجح لديهم الرجيم في تخفيض وزنهم والمحافظة على هذا الوزن تقترب من 10% فقط وهذه نسبة منخفضة جداً، وهي سبب يأخذه جراحو عمليات مكافحة السمنة لإقناع المصابين بداء السمنة باللجوء للتدخل الجراحي، ولعل السبب في هذه النسبة المنخفضة للنجاح في تخفيض الوزن يعود لاعتماد كل أنواع الرجيم على مبادىء أثبتت الأبحاث مرة تلو مرة فشلها لكن الناس يغريها الصور والقصص التي تصاحب تلك الأنواع من الرجيم فيقبلون عليها، فهناك آلة صناعية وشركات تسويق يعتمد وجودها على تسويق فكرة أن هذا الرجيم أو ذاك ناجح جدا، ولا توجد شركة مسوقة لرجيم معين تذكر لزبائنها نسبة نجاح الرجيم على مدى 5 سنوات ولا توجد شركة تذكر ماهي المبادىء المهمة لنجاح الشخص في الرجيم فهذه أسرار المهنة وإفشائها معناه فقدان زبائن سوف يعاودون مرة تلو الأخرى في استخدام أنواع الرجيم المختلفة وبالتالي زيادة أرباح الشركة. أهم سبب لفشل الرجيم هو أن الرجيم يجبرنا على عدم أكل غذائنا الطبيعي اليومي ويجعلنا نأكل غذاء في كثير من الأحيان غير واقعي مثل رجيم البروتين والذي يطلب من المرء عدم أكل نشويات والاكتفاء بأكل اللحوم، فمن منا يمكنه أن يعيش على اللحوم فقط طوال حياته، رجيم البروتين يؤدي لهبوط الوزن بصورة جيدة لكن بمجرد البدء في أكل نشويات بعد الوصول للوزن المطلوب يبدأ المرء بتراكم الشحوم مرة أخرى، هذا بالإضافة لأن رجيم لايمكن الالتزام به على المدي الطويل أي طوال العمر هو رجيم غير واقعي السبب الثاني لفشل الرجيم هو أن كل أنواع الرجيم مؤقتة ومرتبطة بهدف محدد وليست دائمة، وهذا معناه أنه بمجرد تحقيق المرء لهدفه من الرجيم فإنه سوف يتوقف عن اتباعه وبالتالي يبدأ وزنه بالتزايد ويبدأ الشحم بالتراكم لديه، وهذا ينطبق على الفتيات فأهم هدف لديهم لتخفيض الوزن هو الظهور يوم الزفاف بجسم رشيق وبمجرد انتهاء الزفاف تنتفي الحاجة للرجيم ويعود الوزن الزائد. السبب الثالث أن الرجيم لا يصاحبه تغيير دائم في نمط حياة الشخص وبالتالي متى توقف الرجيم يبدأ الوزن في الزيادة لأن الأسباب المؤدية لهذه الزيادة لم يغيرها الشخص فعدم ممارسة الرياضة والابتعاد عن الأكل الغني بالسعرات الحرارية مثل النشويات البيضاء والدهون هي أسباب رئيسية لزيادة الوزن وبمجرد توقف الرجيم والرجوع لهذه المأكولات يبدأ الوزن بالازدياد. السبب الرابع أن الرجيم الذي يخفض كمية السعرات الحرارية بصورة شديدة يؤدي لتقلبات في المزاج والشعور بالإرهاق مع فقدان الجسم للعضلات وليس الشحوم ويضاف لذلك شعور قوي بالجوع الدائم يجعل الشخص يفقد سيطرته بصورة متكررة أثناء الرجيم ليقبل على الأكل بنهم. السبب الخامس عدم ممارسة الرياضة لمدة ساعة إلى ساعة ونصف يومياً، الرياضة مهمة للمحافظة على الوزن بعد تخفيضه بالرجيم. إذا ما السبيل لتخفيض الوزن والنجاح في ذلك؟ القبول أن عملية تخفيض الوزن هي عملية دائمة وليست محددة بزمن معين ولتحقيقها يجب عمل تغيير دائم في الغذاء والنشاط اليومي، وهذا معناه أن الهبوط في الوزن عملية مستمرة. الغذاء السعودي وليس فقط الوجبات السريعة يساعد على تراكم الشحوم، فالغذاء السعودي يعتمد على الأرز والمكرونة والخبز الأبيض ويجب تغيير ذلك فلا يتناول الأرز إلا مرة في الأسبوع والاستعاضة عنه بالأرز البني أو الجريش (ويطبخ كالرز) والقرصان ويستعمل الخبز الأسمر بدلاً من الأبيض. تناول الخضروات قبل الوجبات لتقليل الشعور بالجوع وبالتالي تقليل السعرات الحرارية المتناولة. تناول الفواكه مابين الوجبات وليس معها والابتعاد عن الفواكه الغنية بالسكريات والنشويات كالعنب والبطيخ والموز وتناول فواكه قليلة السكر كالجريب فروت والفراولة والكيوي مثلا وعدم أخذ الفواكه كعصير بل تناولها طازجة. أكبر وجبة يجب أن تكون الفطور وأصغرها يجب أن تكون العشاء والغداء هو مابينهما. الابتعاد عن النشويات والفواكه بعد السادسة مساء ممارسة الرياضة بعد 6 ساعات من آخر وجبة حيث أن ممارسة الرياضة بعد الأكل فكرة خاطئة فالرياضة هنا سوف تصرف طاقة من الأكل الموجود في المعدة وليس من الشحم المتواجد في الجسم وبالتالي أفضل وقت للرياضة صباحاً قبل الفطور حيث أننا طوال النوم صائمون عن الأكل والوقت المناسب الآخر هو 6 ساعات بعد الغداء حيث أننا لن نأكل نشويات مساء بعد السادسة مما يجبر الجسم على صرف الطاقة من شحوم الجسم، ويجب ممارسة الركض وحمل الأثقال بصورة متبادلة كل يوم، حمل الأثقال يؤدي لفقد كمية أكبر من الشحوم من الركض وخاصة بالنسبة للسيدات. شرب كمية عالية من المياه 6 - 8 كؤوس من الماء يوميا. أكل علبة زبادي مرتين يوميا فالكالسيوم يساعد على هبوط الوزن. النوم 8 ساعات يوميا مهما كانت الظروف فقلة النوم أحد أهم أسباب السمنة حسب الأبحاث الحديثة. كسر هذا الروتين يوم كل أسبوع لأن الجسم يتميز يقدرته على مقاومة فقدان الشحوم كلما خفضت كمية السعرات الحرارية المأكولة ولكن عند كسر روتين الرجيم فإن الجسم يخفض من مقاومته لفقدان الشحوم. معدل فقدان الوزن هو ربع لنصف كيلو كل أسبوع. وهذا الذي سبق هو نمط حياة دائم وليس مجرد رجيم لعدة أشهر وهذا أساس النجاح في تخفيض الوزن. * قسم جراحة القولون والمستقيم