تدافع وزارة الشؤون الاجتماعية أمام المحكمة الإدارية بديوان المظالم اليوم عن قرارها برفض الترخيص بإنشاء جمعية خيرية لتقديم المساندة القانونية للمحتاجين، وذلك بمبررات رآها ممثل مؤسسي الجمعية المحامي عبدالله الناصري مخالفة لأنظمة الدولة والاتفاقيات الدولية، وذلك ردا على دعوى أقامها 25 محاميا مؤسسا لهذه الجمعية ضد "الشؤون الاجتماعية" بدعوى تعطيلها الترخيص الخاص بمزاولتهم لنشاطهم لمدة خمس سنوات، لتقديم العون القانوني لمن يحتاج له من الفئات المحتاجة داخل المجتمع، بشرط أن يكون استقبالها عبر قنوات الأجهزة الرسمية، لدرجة طالت وامتدت إلى أن وافت المنية أحد المحامين المؤسسين، واعتذر آخر لظروف انشغاله. وكان مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية قد أشار في وقت سابق إلى تعثر مشروع ترخيص الجمعية، لوجود عدد من الإشكالات حوله. وفيما يستعد ممثل المحامين وممثل "الشؤون الاجتماعية" لاستكمال مسار الدعوى، في الجلسة الخامسة صباح اليوم أمام الدائرة الثامنة ب"المظالم"، رصدت تبريرات رفض الوزارة المقدمة ضمن مذكرة جوابية للدائرة الإدارية الثامنة، والتي تتمثل في أن المدعي ممثل المحامين ال 24 خالف إجراءات وقواعد التقاضي أمام ديوان المظالم، وأن الوكالات المقدمة من المدعي لشخصين ولائحة الجمعيات تعطي الحق لعشرين شخصا فأكثر، وأن التقاضي أمام الجهات القضائية مجاني ولكل فرد اللجوء إلى القضاء دون الحاجة لمحامٍ، فضلا عن كون "الشؤون الاجتماعية" غير مختصة بمثل هذه التراخيص؛ مبررة حصر المادة الثانية من لائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية لاختصاص "الشؤون" بالنواحي الاجتماعية والتعليمية والثقافية والصحية فقط التي تدخل تحت الخدمات الإنسانية. من جانبه، أشار ممثل المحامين المحامي عبدالله الناصري إلى عدم تضمين مذكرة "الشؤون الاجتماعية" لبيان وافٍ بأسباب الرفض، معقبا بأن الدفع في هذه الحالة "يكون مجرد كلام إنشائي غير منتج ولا أثر له، ولا يستوجب منا التعقيب والرد، وهو جدير بالإهمال". وانتقد الناصري الخلط الذي وقعت فيه "الشؤون الاجتماعية"، في دفعها بافتقار الوكالات المقدمة في دعوى المحامين للحد الأدنى المطلوب وزعمها لاقتصار الوكالات على شخصين، في حين تشترط لائحة الجمعيات حدا أدنى لا يقل عن 20 شخصا. وقال إنها "خلطت بين شروط التقدم لوزارة الشئون الاجتماعية بطلب تأسيس جمعية خيرية وفقا للنظام، مع شروط التقدم للمحكمة الإدارية بدعوى إلغاء قرار إداري"، موضحا أن هذه الدعوى تحكمها قواعد المرافعات أمام ديوان المظالم. وأكد أنه من الثابت أن المدعي ومعه بقية طالبي التأسيس سبق لهم التقدم للمدعى عليها بالملف المطلوب المستوفي لكافة الاشتراطات قبل خمس سنوات وتحديدا في 19 جمادى الآخرة 1426، متضمنا وثيقة تشتمل على توقيعات ل 25 محامٍيا أبدوا رغبتهم جميعا في المشاركة بتأسيس الجمعية. وأوضح الناصري أن الملف المطلوب قُدم بناءً على طلب من جهة الإدارة المدعى عليها بموجب خطابها الموقع بتاريخ 24 صفر 1426 المتضمن التنبيه على طالبي التأسيس باستكمال الإجراءات اللازمة. وأضاف الناصري أن استكمال شروط "الشؤون الاجتماعية" يترتب للمؤسسين حق مكفول بموجب نظام الجمعيات الخيرية ويتعين على الوزارة الوفاء به، من خلال صدور قرار كاشف بالموافقة على إنشاء الجمعية. وأكد الناصري ثبوت امتناع "الشؤون الاجتماعية" عن إصدار قرار بتأسيس الجمعية رغم اكتمال أوراق التأسيس دون إبداء الأسباب، ويتحقق امتناعها بموجب قرار سلبي نتج عن فوات المدة، التي يجب على جهة الإدارة الرد خلالها، موضحا أنه بموجب قواعد المرافعات أمام ديوان المظالم وما استقر عليه القضاء الإداري، يحق لجميع المتضررين أو أي منهم الاعتراض على هذا القرار السلبي المتعلق بتأسيس الجمعية، ويحكم الدعوى في هذه الحالة تحقق شروط الصفة والمصلحة، مؤكدا توافرهما للمدعين. وردا على رفض "الشؤون الاجتماعية" الترخيص بالجمعية بحجة مجانية التقاضي وعدم حاجة الأفراد إلى الاستعانة بمحامين، أكد الناصري أن الوزارة تخالف بهذه الحجة توجه الدولة والجهات التنظيمية التي أصدرت نظام المحاماة وأنشأت لها إدارة تابعة بوزارة العدل، ورخصت لمئات المحامين في المملكة، إلى جانب مخالفة اتفاقيات دولية وقعت عليها المملكة وتستوجب توكيل محامٍ عن كل متهم، وتضمن لكل منهم حدّا أدنى من الحقوق على رأسها حقه في توكيل محام يدافع عنه ويعرض وجهة نظره. وعلق الناصري على تحجج "الشؤون الاجتماعية" بذلك، بأنه "يقدم صورة سلبية عن الدولة ونظرتها لحقوق الإنسان" وهو تبرير لا يصادف حقا للوزارة، مؤكدا أنه ليس من شأنها رفض تأسيس جمعية للمساندة القانونية استنادا إلى مجانية التقاضي، لأن المساندة القانونية حق من حقوق الإنسان مكفول بموجب النظام الأساسي للحكم، ومكفول بموجب أنظمة المحاماة والإجراءات الجزائية. ورد الناصري على ادعاء "الشؤون الاجتماعية" بعدم اختصاصها بإصدار التراخيص، مؤكدا أن الوزارة مختصة نظاما بالترخيص للجمعية؛ مرجعا ذلك إلى أن طبيعة نشاط الجمعية الخيرية لتقديم المساندة القانونية يدخل في صميم "الخدمات الإنسانية".