سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أحكامي كانت خاطئة في بعض القضايا بسبب ضعف التأهيل وبعضها تم تأييدها من هيئة التدقيق!! القضاء التجاري لا يتماشى مع طبيعة النزاعات التجارية.. القاضي السابق في ديوان المظالم.. الجذلاني ل«الرياض»:
طالب قاضٍ سابق بضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في القضاء، مشيراً إلى أن ذلك وسيلة ٌ للنهوض وإيجاد الحلول لكل ما يعترضه من مشاكل وعقبات. وأكد أن هناك تشابهاً في التجارب التي تمر بها الدول وتشابهاً في احتياجات البشر عموماً ، وخاصة ً في جانب الأنظمة والقضاء ، لأن الدول الحديثة أصبحت تمتلك إرثاً كبيراً من الاجتهادات القضائية والقواعد القانونية وشبكة ً من الأنظمة والتشريعات التي تعالج كافة تفاصيل الحياة ، وبالإمكان الإفادة منها بعد تنقيحها واستبعاد ما يعارض الشريعة الإسلامية منها . ورغم رأيه المؤيد في الاستفادة من تجارب الآخرين في القضاء إلا أنه عارض فكرة الاستعانة بقضاة من خارج المملكة، مكتفياً بإشراكهم بالاستشارة والتدريب مباشرة لتأهيل القضاة السعوديين للارتقاء بمستوى القضاء وبالأحكام القضائية. وشخَّص القاضي السابق في ديوان المظالم محمد الجذلاني واقع القضاء التجاري في المملكة مؤكداً ان مجلس الأعلى للقضاء تأخر في إعلان عن إنشاء محاكم تجارية وانتقد ضعف تأهيل القضاة وخاصة قضاة التجاري، مضيفاً ان القضاء التجاري في المملكة لا يتماشى مع طبيعة النزاعات التجارية. وقال في حواره مع " الرياض" ان الفترة الماضية لم يشهد فيها القضاء بشكل عام أي انجاز ملموس من المجلس الأعلى للقضاء و ديوان المظالم باستثناء وزارة العدل التي اتخذت خطوات تطويرية لمسها الجميع. القاضي السابق اوضح ان قناعاته في القضاء التجاري كانت لديه منذ ان كان قاضياً وليس بعد تركه مجال القضاء .. وبين ان هناك جوانب ضعف وتأهيل غير كافٍ لقضاة التجاري ولا احد يستطيع ان ينكر ذلك.. الجذلاني عمل قاضياً تجارياً مدة عشر سنوات .وكان له المشاركة في بعض اللجان التي عملت على إعداد نظام القضاء ونظام ديوان المظالم خاصة التي عالجت بعض إشكاليات المحاكم التجارية والجزائية. التفاصيل في الحوار التالي: * "الرياض" مع البدء في إنشاء المحاكم التجارية الجديدة والتوجه لتطوير القضاء التجاري ، لماذا لا يتم الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي تميزت في القضاء التجاري ؟ وهل تتوقع أن من المناسب الاستعانة بقضاة من الخارج لهذا الغرض ؟. الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في كل المجالات أمرٌ مطلوب ، ووسيلةٌ لتحقيق النهضة وإيجاد الحلول لكل ما يعترضنا من مشاكل وعقبات، وذلك لتشابه التجارب التي تمر بها الدول وتشابه احتياجات البشر عموماً ، وخاصة ً في جانب الأنظمة والقضاء ، لأن الدول الحديثة أصبحت تمتلك إرثاً كبيراً من الاجتهادات القضائية والقواعد القانونية وشبكة ً من الأنظمة والتشريعات التي تعالج كافة تفاصيل الحياة ، وبالإمكان الإفادة منها بعد تنقيحها واستبعاد ما يعارض الشريعة الإسلامية منها . أما الاستعانة بقضاة ٍ من خارج المملكة فلا أعتقد مناسبة ذلك مطلقاً لأن مما يغني عنه الاستعانة بقضاة ٍ سابقين في الدول الأخرى في أعمال ٍ استشارية وتقديم دراسات ٍ للقاضي تعينه على الفصل في الدعوى ، خاصة ً من الدول العربية التي لها تجربة ٌ طويلة ٌ في ذلك كمصر والأردن مثلاً . وقد كان للمستشارين المصريين آثارٌ حسنةٌ على عمل ديوان المظالم في السنوات الماضية أيام كان يستعان بهم في دراسة القضايا وإعداد الآراء الاستشارية للقضاة. والمرحلة الحالية قد تتطلب إعادة هذه التجربة الجميلة، لأنه لا يمكن لنا أن ندعي استغناءنا عن تجارب الآخرين وخبراتهم. ولأن في وجود هؤلاء المستشارين تدريباً مباشراً وتأهيلاً للقضاة لدينا من شأنه أن يرتقي بمستوى القضاء وبالأحكام القضائية. * "الرياض" في ظل التوجه لتطوير القضاء التجاري في المملكة ، ومع اقتصار تعيين القضاة من خريجي كليات الشريعة فقط ، هل تعتقد قدرة خريجي الشريعة على استيعاب جوانب القضاء التجاري والأنظمة التجارية الكثيرة بما تتسم به من تعقيدات وتفاصيل وصور لتعاملات وعقود جديدة غير تقليدية ؟. سبق أن أوضحتُ في أكثر من إجابة ٍ سابقة أن الواقع الحالي لمناهج كليات الشريعة وحتى مناهج المعهد العالي للقضاء لا تعتبر كافية ً لتلبية الحاجة الملحة إلى إيجاد القاضي المؤهل للنظر في الاختصاصات الجديدة للقضاء ، وأنه يجب إعادة النظر في تأهيل القضاة قبل تعيينهم وفي تدريبهم بعد تعيينهم ، وأنا أعارض بشدة ما يعتقده البعض من أن إخضاع القاضي بعد تعيينه لدورات ٍ تدريبية ٍ متخصصة أن ذلك كاف ٍ في إيجاد القاضي المؤهل الكفء القادر على فهم واستيعاب التخصصات القضائية الجديدة ، إذا لم يكن قد سبق إعداده بشكل ٍ كاف ٍ ومتأن ٍ عبر التعليم الجامعي الأساسي ، ولا أستطيع الجزم بأن خريجي كليات الأنظمة والقانون أقدر من خريجي كليات الشريعة على سد ّ هذا النقص والقيام بالعمل القضائي في الاختصاصات الجديدة ، لأنه وإن كان طلاب كليات القانون أقوى تأهيلاً من طلاب كليات الشريعة في جانب القوانين وصياغتها وفهم نصوصها ، إلا أن أساس القضاء لدينا في المملكة يجب أن يرتكز على العلم الشرعي والفقه الإسلامي والقدرة على معرفة أحكام الشريعة الإسلامية ، ومع ذلك فأرى الاستفادة من خريجي كليات القانون في الجانب الاستشاري للقضاة وأن يوضع لهم كوادر وظيفية تساعد على جذب المتميز منهم وتشجيعه على الاجتهاد والبحث ، كما أتمنى أن يعاد النظر في واقع التعليم بدمج كليات الشريعة بالقانون ، وأن لا يكون لدينا هذا البون الشاسع والتنافر بين التخصصين اللذين لا غنى للقاضي في المستقبل عنهما . كما أن من الملاحظ أيضاً أنه عند تعيين قضاة المحكمة العليا لم يؤخذ في الحسبان أن يكون من بينهم قضاة ممن عملوا في القضاء التجاري ، وهذا بلا شك قد يترتب عليه إشكالية عند رفع القضايا التجارية التي ينطبق عليها تعليمات الرفع للمحكمة العليا حيث لن يكون من بين قضاة المحكمة العليا من له خبرة ٌ سابقة في هذا النوع من القضاء. * "الرياض" من الملاحظ في واقع المحاكم في المملكة عدم وجود أي ضوابط لقبول الدعاوى وفتح الباب لكل من يرغب إقامة دعوى دون التحقق من جديتها أو توافر أركانها أو اشتمالها على أسانيد صحيحة ، مما أدى لكثرة الشكاوى والدعاوى الكيدية ، فهل تتوقع حدوث ذلك في المحاكم التجارية ؟ وما مدى تأثيره على تلك المحاكم ؟. أوافقك الرأي تماماً على أن حق التقاضي لدينا في المملكة متاح لكل أحد دون وجود ضوابط تمنع من إساءة استخدام هذا الحق ، وساعد على ذلك مجانية التقاضي لدينا ، وعدم تفعيل القضاة للتعليمات الخاصة بالحد من الشكاوى الكيدية ، وما نص عليه نظام المرافعات في مادته الرابعة من أنه إذا ظهر للقاضي أن الدعوى صورية " أي كيدية " كان عليه رفضها ، وله الحكم على المدعي بنكال . إلا أن الإشكال الحقيقي هو في ضابط التفريق بين الدعوى الصحيحة والدعوى الكيدية ، ولكن إذا أردت أن تعرف ما هو أسوأ من وجود الدعاوى الكيدية ، فإن هناك عدداً كبيراً من الدعاوى يقوم فيها أحد المتقاضين بالتهجم على الطرف الآخر والنيل منه في شخصه وأحيانا سبه أو قذفه في مجلس القضاء ، وللأسف أن كثيراً من القضاة لا يتخذ أي موقف حازم تجاه هذه الممارسات ، مع أن من واجب القاضي حفظ حقوق المتقاضين وضبط نظام الجلسة القضائية ، ومنع أي إساءة تتم في مجلس القضاء ، لكن لكثرة أعباء القاضي وكثرة ما يواجهه من مشاكل يومية ، فهو يتغاضى عن مثل هذه التجاوزات حتى لو كانت في حقه أحياناً ، وفي نظري أن ذلك أسوأ بكثير من الدعاوى الكيدية . أما حدوث الدعاوى الكيدية في المحاكم التجارية فهو أمر وارد ومتوقع جداً لما لهذه الدعاوى من طبيعة خاصة ، ولأن مجرد إقامة الدعوى على التاجر يترتب عليها تعطيل مصالحه ، وإساءة سمعته ، ولا يخفى أهمية سمعة التاجر في جانب الثقة والائتمان الذي تقوم عليهما تجارته وتعاملاته مع التجار الآخرين أو مع البنوك ، ومجرد اهتزاز هذه السمعة ، أو معرفتهم بوجود دعوى قضائية عليه ، قد يترتب عليه من الأضرار ما يفوق الوصف والاحتمال ، وقد مرّ بي أثناء عملي في القضاء التجاري بعض الدعاوى التي يأتي المدعى عليه مسرعاً إلينا ويبدي استعداده لدفع ما ادعى به خصمه من مبالغ في سبيل إنهاء الدعوى وإلغاء ما قد يكون صدر بحقه أحياناً من قرارات عاجلة قد توقعه في الخسارة والإفلاس ، أو قد تفوت عليه مصالح وفرصاً تجارية أكبر من الدعوى ، كما مرّ بي أيضاً في بعض الدعاوى أن التاجر حصل له ضرر بالغ في تعامله مع البنوك وثقتها فيه لمجرد قيام القاضي بإرسال خطابات ِ طلب الإفادة عن رصيده في البنك ، كما أن في الدعوى على التاجر تكليفه مصاريف المحاماة التي قد تكون باهضة لعدم قدرته على الحضور والترافع بنفسه . وهذه الأضرار كلها أو بعضها قد تكون هدفاً مقصوداً لمن يقيم الدعوى الكيدية على التاجر ، وهذا مما يوجب على القضاة في المحاكم التجارية ، أن يكونوا أكثر فطنة ودقة وحرصاً في بذل وسعهم للتفرقة بين الصادق من الكاذب والجاد من المتلاعب والمظلوم من الظالم في الدعاوى التجارية ، وأن يحرصوا على عدم الإضرار بمصالح المدعى عليه أو سمعته أو ثقة التجار والبنوك فيه ، وعدم إصدار قرار يعرضه لخسائر أخرى ، إلا بالقدر اللازم والضروري إذا ما تحقق للقاضي تلاعب واستهتار المدعى عليه بالقضاء ، أو مماطلته لغريمه التي تحلّ عرضه وعقوبته كما في الحديث النبوي الصحيح . لأنه إذا ما فتح الباب ُ على مصراعيه لكل مدع ٍ في المحاكم التجارية فلا شك أن ذلك سيقود إلى أضرار بالغة بحقوق طائفة كبيرة من التجار الذين قد يصبح القضاء وسيلة يستخدمها بعضهم للإضرار ببعض . وفي هذا الجانب أقترح إعادة النظر في مجانية التقاضي للقضايا التجارية ، إذ من المصلحة الظاهرة أن يتم فرض رسوم على التقاضي في المحاكم التجارية حسب حجم المطالبة . * "الرياض" في القضايا التجارية خاصة المتعلقة بالشركات يحدث أحيانًا أن يعين القضاء حارساً قضائياً لإدارة الشركة أو الشيء المتنازع عليه ، فهل تعتقد أنه يتوفر الأشخاص ذوو الكفاءة والمقدرة على تولي مثل هذه المهام الجسيمة وإدارة كافة أنواع وأوجه الأنشطة الاقتصادية ؟ وكيف تتعامل المحاكم مع هذه الحالات ؟. يشهد الواقع الحالي للنزاعات التي تقع بين الشركاء في الشركات التجارية التي يتولى الشركاء فيها إدارتها ، أن يكون النزاع بينهم شديداً بحيث يؤثر سلباً على مصالحهم ومصالح الشركات ومصالح العاملين فيها ، ويواجه القضاء التجاري صعوبة بالغة في التعامل مع هذه الحالات ، لأن القضاة يدركون تماماً أن اللجوء إلى وضع الشركة تحت الحراسة القضائية يترتب عليه كثير من المحاذير التي من أبرزها عدم وجود الكفاءات المؤهلة والمتخصصة القادرة على إدارة شئون الشركات، وحتى في حال اضطر القضاء إلى وضع الشركة تحت الحراسة القضائية فإنه قد يلجأ لتعيين مجلس حراسة قضائية مكون من عدة أشخاص مؤهلين بحيث تكون قراراتهم تصدر بالأغلبية ، ويتوخى فيهم الحياد وعدم وجود مصالح خاصة تربطهم بالشركة أو أحد الشركاء . محمد الجذلاني ثم إنه ينبغي التأكيد على أن صلاحيات الحارس القضائي على الشركة لا تتجاوز حد الإدارة اليومية لأعمالها ، بما يضمن عدم توقفها عن العمل ويكون وفقاً لعقد تأسيسها وما جرى عليه العمل فيها من لوائح داخلية وقبل ذلك نصوص نظام الشركات ، أما في حال القرارات التي يترتب عليها أي إلتزامات أو حقوق على الشركة أو الشركاء أو إجراء أي تعديلات جوهرية فيها فهذه لا يجوز أن يباشرها الحارس القضائي وإنما يكون مرجعها عند الضرورة للمحكمة التي عينت الحارس . وأخيراً أوضح أن الشركات المساهمة أو غيرها من الشركات التي تكون الإدارة فيها مفصولة تماماً عن الملكية لا تحتاج عند نزاع الشركاء إلى الحارس القضائي. * "الرياض" في حال بدأ العمل في المحاكم التجارية مع استمرار العمل في الدوائر التجارية في ديوان المظالم ألا يكون في ذلك ازدواجية في الجهات المختصة بنظر القضايا التجارية ؟. إذا بدأ العمل في المحاكم التجارية التي أنشأها المجلس لابد أن يتوقف استقبال القضايا التجارية الجديدة في ديوان المظالم وهذا أمر بدهي وإلا فسيكون هناك ازدواجية بلا شك . * "الرياض" هل تتوقع أن تؤثر إجراءات نقل القضاء التجاري من ديوان المظالم إلى المحاكم الجديدة التابعة لوزارة العدل على سير القضايا المنظورة لدى هذه الدوائر حالياً ؟. من المؤسف جداً القول إنه من المتوقع أن يؤدي نقل القضايا التجارية المنظورة حالياً في ديوان المظالم إلى المحاكم التجارية إلى حالة من الارتباك والتعطيل في نظر هذه القضايا ، إلا أن ما أرجوه أن يبادر المجلس الأعلى للقضاء لوضع خطوات عملية وجادة تخفف من هذا الارتباك والتعطيل ، وأن يراعي ما يتطلبه هذا النوع من النزاعات من الاستعجال والمرونة لارتباطه بحركة الاقتصاد والتجارة والاستثمار . وإلا فبالنظر إلى تأثير ما كان يحدث في السابق في الدوائر التجارية عندما يعاد تشكيل الدائرة فتتعطل بذلك القضية وقد يتطلب القضاة الجدد في الدائرة وقتاً طويلاً لاستيعاب القضايا والسير فيها ، فمن باب أولى أن يحدث هذا التأثير عند انتقال القضاء التجاري من الديوان إلى المحاكم الجديدة . * "الرياض" ما مصير اللجان شبه القضائية الكثيرة التي تزاول حالياً الفصل في بعض أنواع القضاء التجاري ، وهل سيتم دمجها مع المحاكم التجارية الجديدة ؟ وما هي أبرز الإشكالات التي قد تواجه هذا الدمج في نظركم ؟. اللجان شبه القضائية فصلت فيها الآلية التنفيذية لنظام القضاء في البند " تاسعاً " حيث قررت أن نقل اللجان شبه القضائية التي تنظر في قضايا جزائية أو منازعات تجارية أو مدنية إلى القضاء العام لا يكون إلا بعد تعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية وصدور نظام المرافعات أمام ديوان المظالم والعمل بموجبه ، وقد استثني من هذه اللجان ثلاث لجان هي " لجنة البنوك – المصرفية – والسوق المالية والقضايا الجمركية " فقد أوكلت الآلية التنفيذية إلى المجلس الأعلى للقضاء دراسة وضع هذه اللجان الثلاث ورفع ما يتم التوصل إليه بشأنها خلال مدة لا تتجاوز سنة ، وهذا يؤكد أمرين هامين : أ- أنه يجب الاستعجال في إصدار التعديلات الجديدة للأنظمة المشار إليها وإصدار نظام المرافعات أمام ديوان المظالم لما يترتب عليها من تصحيح كثير من الإشكالات القائمة حالياً والمتمثلة في حرمان المتقاضين أمام هذه اللجان من حق التقاضي أمام محاكم طبيعية مشكلة وفقاً للقانون ومشتملة على ضمانات التقاضي المعروفة . وأن واقع هذه اللجان يشهد بضعف أدائها وضياع كثير من الحقوق ووقوع كثير من المظالم تحت مظلتها . ب- أنه ينبغي أيضاً على المجلس الأعلى للقضاء أن يسعى بكل جد إلى تهيئة القضاة القادرين على العمل في الاختصاصات القضائية الجديدة التي ستنتقل إليه بعد انتقال هذه اللجان ، وهذا جانب خطير وحساس لأن من الإشكالات التي قد تقع في حال نقل هذه اللجان ظهور حالة من التخبط في الأحكام وضعف الأداء لعدم توفر الكفاءات القادرة على استيعاب هذه الأنواع الجديدة من الاختصاصات القضائية القائمة على تطبيق الأنظمة والقوانين الخاصة بكل نوع من هذه الاختصاصات سواء في القضاء الصرفي أو المصرفي أو المالي أو قضايا التأمين أو غيرها الكثير الكثير. * "الرياض" طالب منتدى التنافسية الذي عقد قبل عامين بضرورة الإسراع في تطوير أداء المحاكم وإيجاد محاكم تجارية ، فما علاقة المحاكم التجارية بالاستثمار الأجنبي والعولمة ؟. كما أوضحت لك في بداية حديثي أن مبادرة المجلس الأعلى للقضاء إلى إعلان إنشاء المحاكم التجارية قبل إنشاء المحاكم المتخصصة الأخرى مع أنها جاءت متأخرة ً من حيث الترتيب في الآلية التنفيذية لنظام القضاء، أن ذلك يؤكد قوة التأثير ومدى الارتباط الوثيق بين نمو الاقتصاد الوطني وازدهار التجارة المحلية والقدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية وبين وجود أهم ضمانات ذلك وهو وضوح التشريعات والأنظمة التجارية التي يعمل بها في القضاء التجاري ومرونتها فأهم شروط ازدهار الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية وحتى المحلية ثلاثة شروط: أ- وجود منظومة ٍمتطورة وواضحة من الأنظمة والقوانين التجارية المتوافقة مع الأعراف التجارية الدولية التي تتجه نحو التوحد. ب – وجود القضاء التجاري المتخصص الكفء المستوعب لمتطلبات التعاملات التجارية الحديثة وعقود الاستثمار والقادر على الفصل في نزاعاتها وإيجاد الحلول العادلة والعاجلة التي تحفظ حقوق المتعاملين والمتعاقدين بها. ج- القوة والجدية في تنفيذ ما يصدر عن القضاء من أحكام ٍوقرارات بحيث لا يكون تنفيذ الأحكام مشكلة ًأخرى تواجه التاجر والمستثمر وتضيع فائدة الحكم القضائي الذي صدر لصالحه. *"الرياض" بحكم عملك السابق في القضاء التجاري ما هي أبرز الصعوبات التي تواجه القاضي التجاري؟ وهل هناك مقترحات لحل هذه الصعوبات ؟ أبرز الصعوبات التي تواجه القاضي عموما والقاضي التجاري على وجه الخصوص هي في كثرة وتنوع القضايا التي ينظرها مع ضعف تأهيله وعدم تسلحه بالقدر الكافي من العلم والإحاطة بأصول القانون التجاري وطبيعة الأعمال التجارية وأعرافها وأحكام العقود المستجدة، وكذلك ضعف الأنظمة وقلة المراجع التي يرجع إليها القاضي في قضائه، إضافة ً إلى المستوى المتدني جدا من الثقافة الشرعية والقانونية لدى كافة التجار والشركات والمستثمرين، بحيث ينوء القاضي بنظر نزاعات ناشئة عن عقود تمت صياغتها على أسوأ شكل وبطريقة لم يراع فيها شرع ٌولا نظام، طريقة بدائية وبصياغة ٍركيكة لا يتضح منها المقصود للعاقدين، إضافة لكثرة التصرفات والعقود الصورية التي لا يراد بها ظاهرها، وإهمال كثير من التجار لجانب التوثيق والإثبات لحقوقهم. ومن أسوأ ما يواجه القاضي التجاري عدم وجود المستشارين والأعوان المؤهلين الذين يسهمون في التخفيف عن القاضي من أعباء نظره للقضايا، وفي تحضيرها ودراستها وتقديم الاستشارة المتخصصة له إلى غير ذلك من صعوبات. ومن أبرز المقترحات لتخفيف هذه الصعوبات: أ- توفير الكوادر المؤهلة التي تساعد القاضي على دراسة القضايا وتحضيرها وغير ذلك من أعمال مساندة. ب- إلزام التجار خصوصاً بأن تكون عقودهم عن طريق مكاتب المحاماة المتخصصة والمرخصة للحد من النزاعات التي تنشأ عن العقود المكتوبة بطريقة مخالفة للشرع أو النظام، وحتى يكون المحامي الذي كتب العقد شاهداً على طرفي العقد عند تنازعهما في المقصود من العقد أو ادعاء صوريته. ج- إلزام التجار خصوصاً بتوثيق ديونهم وحقوقهم تجاه بعضهم بطريق الكتابة والإشهاد عليها، وأنه لا يلتفت إلى أي دعوى ًبحق ٍ يتجاوز مثلاً عشرين ألف ريال دون وجود دليل كتابي يثبته. وذلك لأنه يوجد لدى الدوائر التجارية حالياً دعاوى بمئات الملايين لا يملك المدعي على دعواه أي إثبات معتبر شرعاً ومع ذلك تخوض الدوائر التجارية في مثل هذه الدعاوى سنوات طويلة وهذا من أشد العجب!!. د- أن يلزم التجار عند قيامهم بأي عقد أو تصرف صوري لا يقصدون حقيقته أن يثبتوا صورية هذا العقد بعقد آخر يكتبونه بينهم وهو ما يسمى ورقة الضد، وألا يلتفت بعد ذلك إلى أي دعوى بالصورية يتقدم بها أحد ٌ للطعن على عقد وقع عليه بطوعه واختياره أو تصرف قانوني أقدم عليه. وهذا الإجراء سيقضي على كثير جداً من النزاعات التي أشغلت القضاء وهي تدور على دعوى إثبات صورية عقد، إذ يقوم بعض التجار بتوقيع عقود بيع أو شراكة أو ضمان أو غيرها بمئات الملايين، ثم ينقلبون على هذه العقود ويدعون صوريتها ويشغلون المحاكم بذلك ويسيئون إلى أطراف العقد الآخرين دون أي إثبات معتبر شرعاً، وهذا أيضا من أكثر المزعجات التي تواجه القضاء التجاري ، وكان المفترض في مثل هذه الدعاوى أن تعامل بحزم ، وألا يفتح الباب فيها لإشغال القضاء ، بل يكون المرجع في ذلك إلى القاعدة الشرعية المعتبرة : " من سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود ٌ عليه " . وبهذا يستريح القضاء وتستقر التعاملات وتحترم العقود وهذا هو مقصود الشريعة . *"الرياض" أيضاً بما أنه سبق لك المشاركة في بعض أعمال اللجنة التي درست إشكاليات نظام القضاء الجديد ، وبحكم عملك في القضاء سابقاً وفي المحاماة حالياً ، ما تقييمك لمستوى تنفيذ ما تضمنه نظام القضاء ونظام ديوان المظالم الجديد من واقع عمل المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وديوان المظالم؟. من وجهة نظري هناك جهود ٌحثيثة ومتواصلة تبذلها الجهات القضائية لإنفاذ ما تضمنه نظام القضاء ونظام ديوان المظالم الجديدين، إلا أن الذي ألحظه على هذه الجهود في جانب المجلس الأعلى للقضاء وديوان المظالم أن ما تم إنجازه إلى الآن لم يظهر له أي أثر على الواقع العملي في المحاكم وفي ديوان المظالم، وأن هناك الكثير من الخطوات التي كان بالإمكان إنجازها مما تضمنه نظام القضاء ونظام ديوان المظالم الجديد، أما فيما يخص وزارة العدل فقد لاحظ الجميع أن ما أنجزته من خطوات تطويرية كان لها أثر واضح في الواقع وبدأ الناس فعلياً يستفيدون منها ويحسون بها خاصة في الجوانب التنظيمية لكتابات العدل أو في إنجاز بعض الخطط التي أعلنت الوزارة عن قرب تطبيقها وهي مما يعتبر إنجازات متقدمة وطموحة جدا مثل إصدار الوكالات عن طريق مكاتب المحاماة، ومثل أن يتم إفراغ أي عقار من أي كتابة عدل في المملكة دون الحاجة إلى التقيد بالولاية المكانية لكاتب العدل. في حين ما زال القضاة في المحاكم يعملون على نفس الأوضاع السابقة دون أي تطوير يذكر أو يحس به المراجع لهذه المحاكم وكذلك الحال في ديوان المظالم. *"الرياض" بصراحة، هل قناعتك بضعف واقع القضاء التجاري الحالي كانت موجودة لديك وقت عملك في القضاء التجاري؟ أم أنها قناعة حالية وصلت إليها بعد عملك في ميدان المحاماة ؟ - وأنا أجيبك بصراحة بأن هذه القناعة كانت لدي منذ كنت قاضياً في الدوائر التجارية بديوان المظالم، ولا أعتقد أن قاضياً تجارياً منصفاً وواقعياً يقول إن تأهيل القضاة في ميدان القضاء التجاري يعتبر كافياً وأنه ليس هناك جوانب ضعف، وأنا لا أدعي أني من أفضل القضاة في القضاء التجاري كما أني لست ُ الأضعف بينهم، وكنت أبذل قصارى جهدي في عملي القضائي ومع ذلك فقد حكمت في بعض القضايا أحكاماً خاطئة وكان السبب هو ضعف تأهيلي حيث تكون القاعدة القانونية التي كان الواجب علي الحكم بها لم يسبق أن تعلمتها أو مرت بي في دراستي أو بعد عملي في القضاء، ومثال ذلك أني حكمت في قضية نزاع بين شركتين إحداهما كانت شركة وطنية استوردت قطع غيار من شركة أجنبية لكن هذه القطع تأخر وصولها إلى الشركة المشترية تأخيراً أدى لخسارة كبيرة لحقت بها، فأقامت الدعوى على الشركة الناقلة لأن هذه القطع كانت مشحونة عبر شركة نقل بحري، وحين رأيت أن اتفاقية النقل كانت بين الشركة الصانعة وبين الشركة الناقلة وليست الشركة المستوردة طرفاً في الاتفاق حكمت بعدم قبول الدعوى لإقامتها من غير ذي صفة، وذلك بناءً على ماهو مستقر في قناعتي من أن النزاع ناشيء عن عقد والمدعية ليست طرفاً في ذلك العقد. وبعد أن حكمت بهذا الحكم ووافقني عليه زملائي أعضاء الدائرة تم تأييده من هيئة التدقيق. إلا أني اكتشفت بعد ذلك خطأي، ووجه الخطأ أن بوليصة الشحن في القانون البحري الدولي تنشىء رابطة ً بين الطرف المشحون إليه ومتعهد الشحن وتجيز له مقاضاته عند حدوث أي خلل أو تأخير في البضاعة. ولكن كيف يوجه اللوم إلي وأنا عملت ُ قاضياً تجارياً دون أن يمر بي في دراستي أي شيء يتعلق بالقانون التجاري أو بقانون التجارة البحرية أو النقل البحري أو الأعراف الدولية ؟!. ومن هذا المنطلق ومن واقع تجربة أدعو إلى إعادة النظر في واقع القضاء التجاري بما يجعله مؤهلاً لا أقول لمواكبة التطورات الاقتصادية والتجارية فقط بل حتى لمواكبة القوانين التجارية التي يعمل بها العالم منذ عشرات السنين ويوشك أن تتغير وتتطور وما زالت مجهولة لدينا. *"الرياض" ختاماً هل لديك مقترحات تساعد على نجاح المحاكم التجارية الجديدة؟. من أبرز المقترحات التي أتمنى أخذها في الحسبان في المحاكم التجارية الجديدة ما يلي : أ- ضرورة الحرص على استقرار الاجتهادات والأحكام القضائية السابقة وأن يكون ما يطرأ عليها من تغيير وتعديل بشكل ٍسلس ومتأنٍ ونابع عن اجتهاد وإعادة نظر ودراسات وأبحاث مستفيضة. ب- كذلك ينبغي أن يختار لهذه المحاكم التجارية مواقع مناسبة لطبيعة عملها فبما أنها تجارية ينبغي أن تكون قريبة من المواقع التجارية في كل مدينة ففي مدينة الرياض تكون في شمال المدينة بدلاً من وسط المدينة المكتظ بالزحام والذي يصعب الوصول إليه للمترافعين من محامين وتجار ووفود أجنبية من المتوقع كثرة مراجعتها لهذه المحاكم. ج- كذلك أتمنى لو تم تقسيم كل محكمة تجارية إلى دوائر متنوعة حسب الاختصاصات الجزئية إذ إن القضاء التجاري يشتمل على كثير من الاختصاصات وبذلك نحقق التخصص والخبرة والجودة في الأحكام، فتكون دوائر لقضايا العلامات التجارية ودوائر لنزاعات الشركاء في الشركات ودوائر لقضايا الشركات التي ليس فيها نزاع بين الشركاء ودوائر لأعمال عقود المقاولات من الباطن وهكذا.