فى مشهد يتكرر فى مثل هذا التوقيت من كل عام , تحولت قرية دوميتوه التابعة لمركز دمنهور بمحافظة البحيرة الى ثكنة عسكرية لتأمين احتفالات اليهود بمولد يعقوب ابو حصيرة الذى يعتقد عدد من اليهود انه شخصية مباركة, بالرغم من صدور أحكام سابقة من القضاء الإدارى بمنع الاحتفال بالمولد بصورة نهائية , واعتراض اهالى وقوى سياسية . وشهد مطار القاهرة الدولي توافد المئات من اليهود من فرنسا وإسرائيل و المغرب . ووصل امس وفق تقارير 230 يهوديا من جنسيات مختلفة على متن شركة العال الإسرائيلية وسط إجراءات أمنية مشددة , من بينهم 40 حاخاما إسرائيليا ليصل اجمالى من وفدوا الى البلاد حوالي 600 يهوديا خلال اليومين الأخيرين , ويتوقع ان تزيد الأعداد فى الأيام القادمة حتى يوم 10 يناير موعد انتهاء المولد. وفرضت الأجهزة الأمنية حظر التجوال فى القرية وحصارا مشددا على الضريح كما تم تكثيف الإجراءات الأمنية على مداخل ومخارج القرية , ما أصاب حركة المرور من والى وداخل شوارع القرية بالشلل التام . وقد اتخذت الأجهزة الأمنية هذه الإجراءات الاستثنائية لتأمين زوار قبر \"أبو حصيرة\", فى إعقاب تصاعد الغضب و الاستياء بين اهالى القرية بعد ان اذاعت صحف اسرائيلية نبأ موافقة الرئيس مبارك على زيارة اليهود للقبر خلال زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نيتنياهو الأخيرة لمصر , وتأكيد قوى وطنية على رفضهم لزيارة اليهود ومنعهم بالقوة من دخول القرية والوصول الى قبر ابو حصيرة . وابو حصيره هو حاخام يهودي من أصل مغربي يدعى يعقوب بن مسعود , تذكر رواية شعبية يهودية أنه غادر المغرب لزيارة أماكن مقدسة في فلسطين إلا أن سفينته غرقت في البحر، وظل متعلقا بحصيرة قادته إلى سوريا ثم توجه منها إلى فلسطين وبعد زيارتها غادرها متوجها إلى المغرب عبر مصر وتحديدا إلى دميتوه في دمنهور ليدفن في القرية في 1880 . ووعدت قوى تنتمي الى المعارضة المصرية بالتصدي لقدوم اليهود للاحتفال المولد ودعت الى تنظيم تظاهرات احتجاجية على عدم السماح لهم \"فى وقت لم تجف فيه دماء الفلسطينيين \" بحسب بيان صدر عنهم . وقال جمال منيب منسق حركة \"فوق أرضى لن يمروا\" ان القوى الوطنية ستتصدى لهذه الزيارات بكل قوة مهما كانت النتائج و\"سنمنع الأتوبيسات بأجسادنا\". بيد ان الأمن نجح فى إحباط تظاهرة أمس , كان من المقرر ان تعقد فى مدينة دمنهور , واضطر ائتلاف من القوى الوطنية , التجمع وكفاية و الإخوان المسلمين , الى إلغاء التظاهرة فى أعقاب إلقاء الأمن القبض على ثلاثة من أعضاء حركة كفاية بتهمة توزيع منشورات تحض المواطنين على إقامة تظاهرات . وجاء سماح الحكومة المصرية لليهود بإقامة المولد ليزيد اوجاع اتباع الطرق الصوفية الذين منعوا من إقامة موالدهم بدعوى الوقاية من أنفلونزا المكسيك . وحظرت الدولة إقامة الموالد فى وقت سابق كإجراء احترازي لمواجهة أنفلونزا ايه اتش1 ان1 , وهو قرار اثار حالة من الجدل فى الشارع الداخلي , ووصفه صوفيون بان \"ورائه أبعاد سياسية\". ويمارس اليهود خلال مولد ابو حصيره طقوس دينية يهودية مع تناول الفاكهة المجففة وزبده وفطير, ويشمل الاحتفال أيضا الجلوس عند المقبرة، والبكاء وتلاوة أدعية دينية يهودية وذبح الأضحيات عند الضريح حسب الشريعة اليهودية. وكان الإسرائيليون قد طالبوا بعد توقيع معاهدة السلام مع مصر عام 1979 بتنظيم رحلات لهم للاحتفال بالمولد الا ان هذه الاحتفالات تواجه رفضا شعبيا ومن بعض التيارات . وقد صدر حكمين من القضاء الادارى ضد عقد المولد , ففي العام 2001 قضت المحكمة الإدارية بمنع الاحتفال لأن ذلك قد يساعد على إثارة الاضطرابات ويعكر الأمن بسبب شعور المصريين بالغضب مما يجري من عدوان إسرائيلي على الشعب الفلسطيني. وفي 2004 أيدت المحكمة الإدارية العليا هذا الحكم، رافضة استئنافا في هذا الشأن تقدم به رئيس الحكومة ووزيرا الداخلية والثقافة ومحافظ البحيرة.