في المملكة تتعامل الغالبية مع المغامرين بالسيارات أو من يطلقون عليهم شعبياً "المفحطين" بأنهم ضحايا مجتمع، ذلك لأنهم غالباً من المراهقين والأغلب أن حياته تنتهي إما كقتيل على الإسفلت اثر حادث سيارة أو كقاتل جماعي، أو في سجن ليقضي شطراً من حياته أسير القضبان. من داخل السجون قال أحد أشهر هؤلاء"المفحطين" ممن كان شهيرًا بإجادته المغامرة وتجميع المتابعين المراهقين، فتحدث عن كل شيء تقريباً، من ظروف هذه الهواية القاتلة، ومن داعميها وأجوائها المليئة بالمخدرات واللواط، حسب تعبيره. الشاب (س.ل.ط) البالغ من العمر 33 عاماً يقول: إن التمرد كان وراء غياب محبته لوالديه اللذين لطالما حاولا في إعادته إليهما، "كنت أدرس في الجامعة ، ولكنني لست بذلك الطالب الجاد فعلاً بالحصول على الدرجة الجامعية، فقد كنت أعتبرها تضييع وقت لا أكثر (وين رايح .. الجامعة.. منين جاي .. من الجامعة). في ظل امتلاكه لسيارة آخر طراز لم يستطع الشاب المذنب أن يشرّف أسرته الميسورة الحال وأن يرفع رأسها على حد قوله، "والدي رجل فاضل.. أتعبته كثيراً .. كان ناصحاً جاداً في متابعتي، وكنت أتفنن في مراوغته وسعيداً بتمردي عليه، ووالدتي ايضاً حاولت في تعديل سلوكي والدعاء لي، وأنا أضحك من جلدها وحرصها"، ويؤكد "ببساطة أنا شاب عاق متمرد لا أستحق محبتهما لي". وأضاف: "كانت لدي رفقة وأنا قائدها لدروب الردى والفجور، رغم تواجد من هم أكبر سناً مني، ولكنني كنت أجيد التأثير فيهم وقيادتهم لطريق الهلاك". التفحيط.. هواية "نتنة" كأفضل تسمية أطلقها عليها حتى اللحظة وصف (س.ل.ط) التفحيط بالهواية "النتنة"، فهو حتى وإن كان يبرع فيها إلى درجة وجود "جماهير غفيرة تتمنى أن تراني أتلاعب بالسيارة أمامها"، يرتعد من تلك الأيام التي ولت ثم يستطرد قائلاً: "كنت أجد التصفيق والثناء عند معارفي". الشاب الذي أحس بتأنيب الضمير قرر كشف خفايا تلك الهواية: "التفحيط عبارة عن ثلاث جرائم في جريمة، وهي السرقة والمخدرات واللواط ويغلفها التفحيط"، مشيرًا إلى أن مجتمع التفحيط "لن يخلو من هذه الجرائم والسلوكيات"، معترفًا بأنه لطالما "فحطت في أحيانٍ كثيرة وأنا تحت تأثير المخدر، وأتطلع إلى إعجاب الزبون بي حتى تتسنى لي الفرصة لأستحوذ على ألبابهم وبالتالي الركوب في رحلة تفحيط ومن ثم فعل الفاحشة بهم، كما أن أغلب السيارات التي نمارس عليها هذه الهواية النتنة مسروقة أو سيارات إيجار". ولعل الغالب أن من يمارس هذه الهواية يبقي تفاصيلها في خبايا عقله ومن يعرفهم فقط إلا أن (س.ل.ط) ناقض الأعراف مواجهًا ماضيه: "مجتمع التفحيط (عفن)، فأنا بما أنني اصبحت مطلباً جماهيرياً، مطلباً لتجار المخدرات"، باختصار؛ تحول ذلك الشاب إلى مسوق وصف نفسه بالفتلة لبضاعتهم، إلا أنه في الوقت ذاته لا يعتبرها مهنة صعبة أمام ذلك الانجذاب الجماهيري الذي يتمتع به: "بسهولة فائقة أستطيع تصريف هذه البضاعة للأصدقاء والمعجبين والمدمنين الذين يتواجدون على الدوام في المناطق التي ستكون مسرحاً للتفحيط". الشللية.. السبب ؟! (س.ل.ط) نوّه إلى أن نهاية المرحلة المتوسطة شكلت تحولاً مفصليًا سلبيًا لحياته عندما تعرف على شباب محبين للتفحيط حيث أقدم على سرقة "الهايلكس" من والده مرات عدة عندها تعلم حركات في فن التفحيط جعلت نجمه يلمع: "كنّا ننشط في مواسم الاختبارات، حيث تعرفنا على بائع حبوب مخدرة (الكبتاجون) والذي كان يبيعنا إياها مقابل مبالغ مادية يسيرة". ولم يقتصر الأمر على هذا فقط بل تطور الأمر إلى الحشيش المخدر، كما "انتقلنا إلى (الشراب) أو (العرق) الخمر كما يسمى، وكنت بعد انتهائي من الاختبار أخذ رفقتي ونبحث عن الفتيان الذين يهتمون بالتفحيط وخاصة (إذا كان مزيوناً)ثم نخطط على إغوائه وفعل الفاحشة به سواءً كان برضاه أو رغماً عنه". ما بدأ على أنه تفحيط تطور إلى شهوات مجنونة دفعتهم لسرقة" سيارات متعارف على جودتها في التفحيط" وأخذها الى مسارح التفحيط: "كنّا نحضر وتسلط الأضواء علينا، وبالتالي يزداد معجبونا، ونصبح هدفاً لتجار المخدرات، وهكذا بتنا نسرق ونروج ونمارس اللواط ونفحط". قصة نهايتها.. سجن مظلم "شخصياتنا ليست معروفة في المناطق التي نسكن فيها، فهذا جزء من اللعبة، لأنه بمجرد معرفتنا ستبدأ المشاكل، ومن ثم تقيّد الحريات". هكذا عبر (س.ل.ط) عند سؤال "ايلاف" له عمّا إذا كانت أسرته على علم بما يفعله: "شاء رب العالمين أن نفضح ففي السنة الثانية في الجامعة كنت قد خرجت مبكراً بعد اختبار، وعلى موعد مع الرفقة الفاسدة حيث كانت في حوزتي بعض المواد المخدرة الممنوعة". فقد أنهت مراقبة لهم إلى القبض عليهم عندما كان مع شلته يحاولون تصريف بضاعة مخدرات بسيارة مسروقة: "اجتمعنا سوياً متلبسين حتى تمت مداهمتنا والقبض علينا، وها أنا أمامك أحكي لك الحكاية بعد ما يقارب الست سنوات"، فكانت النتيجة "أنني مذهول وغير مستوعب لما يحدث وكأنني في حلم هكذا كان دونما أية مقاومة: "ولم أتفوّه بكلمة واحدة إلا في قسم الشرطة عندما تم سؤالي". وعن والديه يوضح قائلاً: "إنهار أبي وأمي، وأدخلا المستشفى، ولم أرهما لمدة طويلة قاربت على السنة، أخي من كان يزورني وينقل لي أخبارهما "إلا أن الحال لم يدم طويلاً وقلوب الآباء لا بد وأن تلين يوميًا تجاه الأبناء: "نقل لهم أخي أخبار التغيّر الذي طرأ عليّ، بحمد الله وفضله، ثم بفضل إدارة السجن، وحضرا لزيارتي والأسى يرافقهما ، ولكن مؤخراً الأمور أصبحت تسير إلى الأفضل". وحول السجن يؤكد "بطبعي ولله الحمد ذكي وأستطيع التأقلم مع الأجواء الجديدة بسرعة وهذا ما حدث هنا، هو بالفعل مجتمع صعب، ولكن إدارة السجن تبذل جهوداً فتشكر من خلالها نستطيع التأقلم واستغلال الفرص التي تساعد على الصلاح بعون الله". وسط نظرة المجتمع السلبية يتهرب (س.ل.ط) من التفكير في ذلك عند الخروج من السجن، "ولكن الله سبحانه هو المعين، عليّ في هذه الأوقات إرجاء التفكير في الخروج، والاهتمام بحفظ كتاب الله والاستفادة من البرامج الكثيرة هنا، ووقت الخروج يحلها ربك بألف حل وحل". المفحطون.. صانعو إرهاب ؟ (س.ل.ط) لم يتوانَ عن توجه رسالة للحكومة عامة ووزارة الداخلية خاصة متسائلاً في الوقت ذاته عن سبب عجزهم عن الإرهاب وصانعيه: "لكم الفضل بعد الله في تجفيف مواطنه وإبادته من هذه الأرض الطاهرة، ولا يمكن لهذه الظاهرة التفحيط أن تزعجكم ولا تستطيعون إيقافها.. أرجوكم أولوها اهتمامكم فهي خطر كبير على شباب هذا البلد،" خاتمًا حديثه بمناشدتها "أبيدوها مثل ما أبدتم الإرهاب لاسيما وهي ايضاً صورة من صور الإرهاب".