انتهت معاناة الفتاة السعودية ريما نواوي (28 عاما) مع سرطان الرئة بوفاتها الخميس الماضي ودفنها في مقبرة المعلاة في مكةالمكرمة، بعد أن صلّى عليها حشدٌ كبيرٌ في الحرمِ المكيّ، بعد أن قاومت المرض الخبيث لفترة طويلة ونشرت الأمل بين مرضى السرطان في مختلف العالم العربي بتغريداتها في تويتر. وكانت آخر تغريدة لها بتاريخ 19 نوفمبر قالت فيها: "ادعيلي.. جسمي تنافض.. ونفَسي بيكتمني على هرجة رحلتي". وريما او كما تحب أن يطلق عليها (ريكس توما نواتو) فتاة سعودية تعمل مساعدة طبيب أسنان، وهي أيضا رسامة كرتونية أصيبت بالسرطان بعد تخرجها من المرحلة الثانوية واستمر معها لسنوات تخللتها عمليات جراحية وفترات نقاهة وعلاجات كيماوية وإشعاعية وهرمونية بعدها قررت الذهاب إلى الصين للعلاج، بعد السفر وإجراء الفحوصات تبين من خلالها بأن الرئة اليسرى لم تعد تعمل وسيتم استئصالها بعد بداءة العلاج بالنانو الكيميائي، ولكن الموت لم يمهل الأطباء لعلاجها. وتعرض "العربية.نت"من خلال هذا التقرير، فيديو من انتاج جمال عاصم، يوضح مشاعر الحب والشعبية التي كانت تحظى بها الراحلة، خلال عودتها في إحدى المرات من الخارج بعد فترة علاج قضتها في الصين. فتاة غير عادية لم تكن ريما فتاة عادية.. بل كانت تملك ارادة خارقة فتحدت السرطان لسنوات طويلة، وكانت مبدعة في الرسم وتعبر به في بعض الأحيان عن تحديها لمرضها. كان شعارها (لا يأس مع الحياة) لهذا أنتجت الكثير من الكاريكاتيرات والقصص والوسائل التعليمية، كما صممت الشعارات للشركات المبتدئة ودخلت في مسابقات للرسم والتصميم. كما ألفت كتيباً تحت فكرة رئيسة قسم الأسنان بالكلية التي درست بها.. تعلمت العديد من اللغات اليابانية الفرنسية والإسبانية والألمانية والكورية والإندونيسية، إضافة إلى لغتي برايل والإشارة للصم والبكم. دعم كبير نشطت العديد من الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر لمساندتها، كان أهمها حملة (كلنا نحبك) التي سعت لتقديم الدعم المعنوي لريما من خلال رسائل وكلمات الأعضاء.. وردت ريما على هذه الحملات بقولها: "لم أكن أشعر أن تويتر، سيجعل بين القلوب هذه العاطفة العميقة.. أن يربطَ بين القلوب، كأنّها قلب واحد.. ولم أتخيّل أن رحيل أحدهم- ولو كان متوقعاً- سيُخلفُ لدى الجميعِ جرحاً غائراً، وأنّ الجسدَ كلّه سينتفض لهذا الفقد". لهذا عندما رحلت ليلة الخميس في العاشرة وخمسين دقيقة بكاها الآلاف من مسانديها في رحلة تحدي المرض.. يقول أحد المشاركين في الصفحة: "وجدتني مع الباكين، لأنّها لم تكن إنسانةً عادية.. كانت من أولئك الذين يُكافحونَ في حياتهم، ويمشونَ على ألمهِم ليعلموا الآخرين، أنّ المرضَ لم يكُن يوماً عائقاً لأحد.. لتُخبرنا، أنّ حياتنا تستحِقُ أن نعيشها، ولو على حسابِ أوجاعنا، وآلامنا، فتسعُ سنواتٍ من المرض، كانت في حسابها، مغامرةً تستحِقّ التسجيل، وسُجّلت". وفي مدونة متجر ندى الإلكتروني الذي أطلق على نفسه اسم (ملهمون ريما نواوي ريكس توما نواتو).. تقول مديرته: "تعرفت إليها في اليوم الذي أرسلت لي رسالة بالبريد الإلكتروني تسألني عن شركات الشحن، كان لديها طموح أن تبدأ مشروعها الصغير.. حينها لفتت نظري رسالتها الجميلة والمميزة في التصميم فبادلتها السؤال وأجابتني، وعرفت أنني سأستفيد منها عندما تصفحت موقعها على الإنترنت وبهرت بفنها الجميل، فقررت متابعتها على تويتر وهي كذلك بادلتني الشيء نفسه.. وأصبحنا أصدقاء بعدها". وتضف: "شجعتني ريما كثيرا أن أعود للرسم بالقلم بعد أن نسيت كيف أرسم بسبب استخدامي للفرشاة في الرسم على القمصان.. كانت دائما ترسم حالها كيف تعاني من المرض وكيف تنجو منه.. ريما هي التي شجعتني على شراء جهاز القلم الضوئي واكوم سينتيك، ولم أندم على ذلك يوماً". ويعلق محمد، وهو أحد مشاهدي مقطع الفيديو لوصول جثمانها المنشور على يوتوب: "أنا طالب طب مكتئب على الدوام.. بعد ما شاهدت ريما تعدلت حياتي وصرت طموحا ومتفائلا". رحلت ريما.. ولكن لم يرحل معها كل ما زرعته من الأمل في قلوب المرضى الذين يسعون لإكمال الطريق.. دون استسلام، تماما كما تعلموا منها.