أكدت شخصيات مجتمع سعوديات أن قرار خادم الحرمين الشريفين بفتح الطريق أمام المرأة السعودية للمشاركة في صنع القرار السياسي من خلال الترشح لمجلس الشورى السعودي والمجالس المحلية إنما يأتي تاريخياً وتلبية لاحتياجات المجتمع، وأنه يمثل "ثقته وإيمانه بقدرات المرأة السعودية". وأشرن إلى أن القرار يجب أن يتخطى التطبيق الحرفي إلى تنفيذ روح القرار، وأن المعيار الرئيس لاختيار المرأة وترشحها يجب ألا يختلف عما يطبق على الرجل، وأن الخبرة والكفاءة والتخصص يجب أن تكون في مقدمة المعايير. وفيما رأت بعضهن أن الحصول على عدد مقاعد مساوٍ للرجل ليس ضرورياً، رأت الأخريات أن ذلك ما يجب أن يكون، مطالبات بأن تكون العضوية كاملة وألا تحصر المرأة في "مناقشة قضاياها فقط". وانتقدن في ذات الوقت أي منع من ولي أمر لأي مرشحة للقرار التاريخي الذي اعتبرنه انطلاقة حقيقية لتفكيك النظرة الدونية نحو المرأة من بعض فئات المجتمع السعودي. كما رفضن أي سؤال حول ما ستقدمه المرأة في مجلس الشورى، وأنه قبل ذلك يجب أن يطرح "ماذا قدم مجلس الشورى ورجاله قبل أن نسأل ماذا ستقدم النساء"، مؤكدات أن المرأة ستضيف الكثير إلى المجلس خصوصاً حول قضاياها. جاء ذلك ضمن حلقة جديدة من برنامج "واجه الصحافة" الذي يعده ويقدمه الزميل داود الشريان، وبثتها "العربية" مساء الجمعة، واستضاف فيها آسيا آل الشيخ الرئيس التنفيذي لمؤسسة "تمكين" للاستشارات، والمستشارة المتفرغة بمجلس الشورى والكاتبة والأكاديمية د. أميرة كشغري، والكاتبة والإعلامية د. بدرية البشر، وسيدة الأعمال ريم الرشيد. قرار تاريخي ووطني وفيما رأت آسيا آل الشيخ أن القرار جاء تلبية لاحتياجات المجتمع، طالبت د. البشر بأن يتم تنفيذ روح القرار وليس حرفيته، فيما اعتبرت سيدة الأعمال ريم الرشيد أن القرار يأتي تجسيداً لثقة الملك عبدالله "وإيمانه بقدرات المرأة السعودية"، وقالت د. أميرة كشغري: "القرار وطني وأعطى المرأة أهليتها الكاملة". وأكدت آل الشيخ أن معايير اختيار المرأة للترشح ل"الشورى": "يجب أن تكون نفس معايير اختيار الرجل"، وأن الكفاءة والتخصص يأتيان في مقدمة ذلك. هذا في حين انتقدت د. البشر الحديث عن طلب مؤهلات عالية لدى المرأة، متسائلة كيف أن الرجل في نفس الوضع لا يشترط منه سوى الحد الأدنى؟ مستشهدة بالمترشحين للمجالس البلدية الذين طلب منهم فقط إجادة القراءة والكتابة، في حين أن المرأة الآن يكثر الحديث عن اشتراطات الحد الأعلى عليها، مؤكدة أن المعايير يجب أن تكون نفسها. هذا فيما قالت د. كشغري إن "الخبرة والكفاءة هما الأهم، والتمثيل العادل للمناطق وفتح الفرصة أمام شرائح الأعمار الصغيرة مطلب". وفي جانب آخر لم ترَ آل الشيخ أهمية لأن يكون عدد المقاعد التي ستمنح للنساء نفسه الممنوح للرجال، إلا أن د. البشر قالت إن "المرأة لا تقل في خبراتها عما يوجد لدى رجال الشورى الآن"، وأيدتها الرشيد قائلة: "حتى بالنظر إلى التعداد السكاني لِمَ لا يكون للمرأة نفس عدد مقاعد الرجال؟!". أولويات المرأة في "الشورى" واتفقت آل الشيخ ود. كشغري على أن تجربة المرأة السعودية في العمل مستشارات غير متفرغات في "الشورى" خلال الفترات الماضية (12 مقعداً) تعد مشجعة، وأن ما تحتاجه هو الدعم لتحقق حضوراً أكبر. وأضافت د. كشغري أن روح القرار يجب أن يؤدي إلى تغيير نظرة المجتمع السعودي نحو المرأة، فيما أضافت د. البشر أن "القرار جاء من أعلى سلطة في الدولة وبذلك يؤهل المرأة حتى لدخول القضاء". مؤكدة أنه "لا يوجد مبرر ديني يتيح لولي أمر أي مرشحة أن يمنعها من الترشح"، مطالبة بأن القرار يجب أن تتبعه جوانب مثل السماح بقيادة السيارة وحرية التنقل دون شرط موافقة ولي أمرها. وفيما أكدت الرشيد أن وجود المرأة في "الشورى" سيسهم في دفع قضاياها وحلها، أشارت إلى أن القرار منحها أيضاً عدم انتظار موافقة الرجل لدخولها المجال السياسي. هذا وفيما رأت آل الشيخ أن القرار سيغير نظرة المجتمع السعودي إلى المرأة إيجاباً، قالت د. كشغري إن "ما قيل من طرائف وتهكم على المرأة بعد القرار من فئات معينة يعكس نظرة دونية نحوها"، مؤكدة أن القرار يشكل "انطلاقة حقيقية نحو تفكيك تلك النظرة"، وأن القرار الملكي جاء ليؤسس لذلك بطريقة غير صادمة. في حين رأت د. البشر أن الطرائف الساخرة والتعليقات والرسوم الكاريكاتيرية المتهكمة تظهر الجانب السلبي من المجتمع، ولذلك أيضاً فائدة في قراءة جوانب معينة. مطالبة بأنه "يجب ألا تحصر المرأة في "الشورى" في نطاق قضاياها، وإن كانت الأخيرة يجب أن تكون أولوية لها". الدوائر التلفزيونية مرفوضة وانتقدت د. كشغري أن يكون هناك فصل في القضايا التي تهم الطرفين، مؤكدة أنه "لا يجب أن تكون هناك قضايا تهم المرأة أو الرجل دون الآخر"، مضيفة "المرأة في مجلس الشورى يجب أن تكون ممثلة في جميع اللجان". ورفضت د. البشر كثرة الأسئلة حول ما الذي ستقدمه المرأة في "الشورى"، متسائلة في ذات الوقت: "ماذا قدم الشورى للمجتمع قبل أن نسأل ماذا ستقدم النساء؟!"، فيما طالبت الرشيد بعدم "مقارنة أداء المرأة بالرجل في الشورى". هذا فيما أضافت د. كشغري أن دخول المرأة إلى مجلس الشورى "لا يعني أن قضاياها ستحل، وإنما الأهم أن ذلك يعني حصولها على أهلية كاملة هي حق لها كمواطنة". أين ستجلس؟ وحول نقطة أين ستجلس عضوة مجلس الشورى القادمة تباينت الآراء، ففي حين قالت د. كشغري إنها تتوقع أن يكون ذلك من خلال الدوائر التلفزيونية المغلقة بالنظر لمفردة "الضوابط الشرعية"، رفضت د. البشر ذلك، مؤكدة أن "الضوابط الشرعية تقول إن الخلوة هي المحرمة وليس الاختلاط"، في إشارة إلى رؤيتها أن تكون المرأة في نفس القاعة التي فيها الرجل. هذا فيما رأت الرشيد "أنه ليس المهم أين ستجلس المرأة بقدر أهمية مشاركتها في صنع القرار".