قبل عام كانت أولى رحلات برنامج "دليل العافية" الى اليابان عندما حظي بمتابعة أحدث كشف طبي لعلاج فشل القلب، حيث نجح الفريق الطبي في جامعة أوساكا، ومن ضمنه السعودي صفوق الشمري، في استخدام الخلايا الجذعية لإعادة النشاط الى قلوب 10 أشخاص في حينه، وبعد مرور عام عاد البرنامج ليتابع عن كثب التطور الجديد، حيث وقع اختيار الفريق الطبي بالفعل على مريض عربي - وتحديداً سعودي يعاني الفشل القلبي، للذهاب الى اليابان والخضوع الى العلاج بالخلايا الجذعية، بعد أن تواصل الكثيرون مع البرنامج رغبة في الخضوع لهذا العلاج. ويستعد الدكتور صالح الشريدة للسفر في رحلة علاجية قد تكون طويلة وبعيدة، فهو في أشد الحاجة الى العلاج خاصة بعد أن بلغه النبأ المُقلق من الأطباء بشأن ضعف جدي في عضلة قلبه، فعضلة قلب الدكتور صالح تعمل بنسبة 25% فقط فيما الحد الأدنى المقبول هو 50%. وسمع الدكتور صالح عن العلاج بالخلايا الجذعية في اليابان وتوافق مع الفريق الطبي في أوساكا كي يسافر الى اليابان، ولكن بالطبع كانت هناك بعض المخاوف والقلق خاصة من ناحية عائلته، فلم يصارحهم بشكل كاف بحقيقة ذهابه لإجراء العملية الجراحية، مقرراً الاكتفاء باصطحاب ابنه معه في هذه الرحلة العلاجية وودع أهله وخرج متجهاً الى المطار. وأول خطوة بعد الوصول كانت أخذ عينات من الخلايا الجذعية من المريض، أي الدكتور صالح، وكانت التقنية المستخدمة تبدو معقدة وهي تختلف عن المتبع والشائع حالياً، حيث الشائع هو حقن القلب المصاب بالخلايا الجذعية على أمل أن تبني خلايا جديدة وتجدد نفسها، ولكن نسبة نجاح هذا الأسلوب 5% فقط، وذلك لأن 5% فقط من الخلايا الجذعية تبقى في القلب، والبقية تخرج مع حركة الدم أو تموت نتيجة ضعف القلب، أما التقنية الجديدة التي توصل اليها فريق جامعة اوساكا فلا يكشف الفريق المسؤول عن سرها ولكن في الإجمال فإنها تقوم على أخذ عينة من الخلايا الجذعية وسمكها ربما لا يتعدي سنتيمتراً واحداً، وذلك عن طريق الفخذ أو الخلايا الدهنية في الجسم، ومن ثم يتم تنمية العينة من خلال بروتوكول معين تبقيه جامعة أوساكا سراً في المعمل. وهكذا تتحول الخلايا التي سبق وأن تم سحبها من الجسم الى أنسجة تتوافق مع القلب ويمكن زراعتها فيه، ومن ثم يتم تصنيع طبقة رقيقة بمساحة خمسة سنتيمترات تبدو كالنسيج، ومن ثم يتم وضع طبقة ثانية وثالثة ورابعة حتى يتم الحصول على عينة تشكل غشاءً قابلاً للزراعة من خلال وضعه على عضلة القلب الضعيفة، ثم يقوم الأطباء بوضع هذا الغشاء الرقيق على عضلة القلب، حيث تلتصق من تلقاء نفسها الأنسجة الجديدة وتبدأ بالعمل فور التصاقها بجدار القلب، وتبدأ آثارها في الظهور بعد أربعة الى ستة أسابيع، إذ تقوم بإعادة بناء عضلة القلب الآيلة للموت وتجديدها. فالعينة تستبدل الخلايا الميتة وتكون شعيرات دموية جديدة دون أي تدخل جراحي جديد، ما يضمن تجدد القلب وعند نجاح العملية فإن عضلة القلب عملياً تستعيد شبابها وقوتها تحتاج العملية الى فتحة صغيرة في القلب. وتشكل هذه التقنية الحديثة أملاً جديداً بالنسبة إلى 15 مليون إنسان يواجهون خطر الموت سنوياً بسبب الفشل القلبي، منهم 8000 في العالم العربي تحديداً، وبسبب ندرة زراعة الأعضاء خاصة في دول كالسعودية يشكل هذا النوع من العلاج حلاً فعالاً خاصة اذا ما أخذنا في الحسبان أن 15 حالة زراعة قلب تتم في السعودية سنوياً، ويبقى المرضى الآخرون على قائمة الانتظار او الموت وحالة قلب الدكتور صالح لم تعد تسمح له بالانتظار فقرر خوض التجربة لإعادة الشباب الى عضلة قلبه. وقام الفريق الطبي بأخذ عينة الخلايا الجذعية وتنميتها في المختبر، وقبل العملية بيوم واحد قامت الزميلة سارة الدندراوي بمقابلة الدكتور صالح في اليابان بعد التنسيق مع الدكتور صفوق الشمري وأكدت أنه كان متفائل بشكل كبير. وكانت "العربية" القناة الوحيدة التي تمكّنت من التقاط تفاصيل هذه العملية، وتصوير الخلايا الجذعية المصنعة في المعمل فور وصولها الى غرفة العمليات وقبل زرعها على عضلة قلب الدكتور الشريدة، وبعد انتهاء العملية تم نقل الدكتور صالح الى غرفة العناية المركزة، واجتمع الفريق الذي عمل على العملية لمناقشة الحالة، والتقطت كاميرا "العربية" بعض اللقطات للدكتور صالح ولكن لم يسمح بالاقتراب أكثر من ذلك، وبعد انتهاء العملية أكد البروفيسور سوا رئيس قسم أبحاث الخلايا الجذعية أنه "عادة ما تتحسن وظائف القلب بعد ثلاث الى ستة أشهر وبعد ثلاث الى ست سنوات يعود القلب كما كان ويظهر كل علامات التحسن. سيصبح صالح أنشط وسيعود ويعيش حياة أفضل في السعودية". وكان الدكتور سوا سعيد جداً بالهدية التذكارية التي قدمها له صالح والتي تعبر عن شكره وعرفانه باهتمام الفريق الطبي الياباني. وبعد مرور تلك الأشهر الأولى ظهر الدكتور صالح مفعماً بالحيوية نجماً على شاشة التلفزيون الياباني NHK يشرح شعوره بعد باستعادة قلبه الشباب.