أوضح أستاذ العقيدة في جامعة أم القرى في مكةالمكرمة الدكتور عبدالعزيز الحميدي أن فساد التيارات الفكرية وسوء فهمها وضلال أهدافها دعاها إلى تعسف النصوص، وتوجيه الأدلة، لتأكيد ما يؤمنون به من عقائد فاسدة. وأشار إلى أن هذه التيارات تناقض السنَّة الإلهية في مسألة الاستخلاف، التي هي أصل الاجتماع الإنساني، وأن للجماعةِ والياً يأتمرون بأمره ويعقدون له الطاعة. وقال الحميدي - في الحلقة الثامنة من برنامج «همومنا» التي بثها التلفزيون السعودي - إن كتاب «الكواشف الجلية» فاسد الأدلة، ويخلو من المنهجية العلمية، وإن واضعيه لهم أهداف خفية، خصوصاً أنهم ليسوا من المجتمع السعودي، إذ يقيمون في الخارج. وأشار إلى أن الحجج التي ساقها منظّرو الفكر المتشدد في كتاب «الكواشف الجلية» تدل على مرض النفوس، وحب الظهور. واستغرب كيف يختار واضع هذا الكتاب المجتمع السعودي ليشنّ عليه هجوماً كهذا في حملة شعواء؟ واستشهد بمسألة تكفير المجتمع، بأن يأتي شخص ويحكم على أمة كاملة، بولاةِ أمرها ومشايخها ومجتمعها، وهذا قرار خطير يصل إليه الإنسان في حالة قدوم «وحي خاص»، وإذا شعر بفقدان الحجة القوية فيتعمد أسلوباً يعرف عند أرباب ما يسمى بالتيار «الغنوصي»، وهو تيار فكري له أهداف خفية، وكل شخص له أهداف خفية لا يظهرها إلّا في مراحل معينة، ويضع أهدافاً أخرى تُسوق له وتُروج له، حتى يصل إلى مبتغاه، فإذا وصل إلى مبتغاه أظهر أهدافه الخفية الحقيقية، ويسلك هذا دعاة باطنية كثيرون، وتنظيمات سرية مجهولة، وبعض المجرمين بأهداف إجرامية معينة. وذكر أن التيار الغنوصي فيه «غموض» وأنه تيار «هلامي خفي، لا يُعْرَفُ ظاهره من باطنه، ويعتمد على الضبابية». وأضاف: «هذه الحملة اضطر أصحابها للوصول إلى مراحل لم أتصور أن متحدثاً يصل إلى هذا المستوى، سواء في الاستدلال على التكفير الذي أرادوه، أو في مقاصدهم وإراداتهم والحلول المطروحة»، خصوصاً أن هذا الكتاب يخلو من أي منهجية علمية». وعن كيفية تطبيقه لكتاب «الكواشف الجلية»، قال الحميدي: «تهويل العبارات، يضخم العبارات، ويضطر تحت تأثير تضخيم العبارات إلى أن يطعن في كل عالم أو مفكر أو مسلم آخر يخالفه الرأي، ليسقطه بالعبارات العظيمة الفخمة، كما صنع الخوارج الأولون الذين أسقطوا حتى الخلفاء الراشدين كعثمان وعلي». ولفت أستاذ العقيدة إلى أن كتاب «الكواشف الجلية» متوافق مع طرح وفكر الخوارج الأولين، مستنكراً في الوقت نفسه من جرأة صاحب الكتاب على تكفير قادة المسلمين الذين أبرموا معاهدات وقبلوا هدايا وهي أمور فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم. وأضاف: «يعمدون إلى أمور هي مباحة في الشرع، واندهشت عند قراءتي هذا الكلام، ولم أتصور أن كاتباً يصل إلى مرحلة خطيرة في قضايا هي مباحة، فعلها النبي فيبني عليها، ويجعلها مؤاخذة مكفرة، مثل تبادل الهدايا مع رؤساء الكفار، فيجعله صورة من صور أو دليلاً يبني عليه قضية».