أظهرت المملكة العربية السعودية أداءً جيداً في التصنيف العالمي الجديد لرأس المال البشري الذي طورته وكالة "ميرسر" بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي. وتم إدراج مؤشر رأس المال البشري في أول تقرير لرأس المال البشري العالمي الذي صدر هذا الأسبوع من قبل "ميرسر" والمنتدى الاقتصادي العالمي، لاتخاذه وسيلة لتحديد الدول التي تحتل أفضل المراتب للمساهمة في التنمية الفاعلة للقوى العاملة وإمكانات النمو والنجاح الاقتصادي. وجاءت المملكة في المرتبة (39) من بين 122 بلداً يعيش فيها أكثر من 90 بالمئة من سكان العالم، ولتحتل بذلك مكاناً متقدماً على الكثير من الدول الكبرى، مثل الصين وروسيا، كما أنها تقدمت على كل من تايلند وبولندا وإندونيسيا. أما دولة قطر المجاورة، فقد احتلت المرتبة (18)، لتكون الأفضل أداءً مقارنة مع جميع دول المنطقة، وجاءت متقدمة على أستراليا وأيرلندا وفرنسا. أما دولة الإمارات العربية المتحدة فقد احتلت المرتبة (24)، لتتفوق بذلك على إسبانيا والبرتغال وإيطاليا. ويقول توم أوبايرن الرئيس التنفيذي لوكالة "ميرسر" في المملكة: "إن الهدف من هذه الدراسة ومؤشر رأس المال البشري واضح تماماً، حيث إنه يوفر نظرة شمولية لحالة تنمية رأس المال البشري هنا في المملكة العربية السعودية والعالم عموماً، إضافة إلى صلة هذا العامل مع تحقيق النمو الاقتصادي والأهداف المجتمعية". وأضاف أيضاً: "إننا نعرب عن فخرنا البالغ لإقامتنا علاقة شراكة مع هذه المبادرة، ونحن واثقون بأن عملاءنا وشركاءنا الاستراتيجيين في المملكة والمنطقة عموماً، يرون في هذا المؤشر مقياساً صحيحاً على حالة رأس المال البشري". وكانت النتيجة الإجمالية للمملكة العربية السعودية قد تفاوتت بين العناصر المختلفة، حيث جاءت في المرتبة (21) في عامل "البيئة المساعدة" وصولاً إلى المرتبة (72) في عامل "الصحة والعافية"، وهو أدنى ترتيب تحصل عليه المملكة مقارنة مع العوامل الأخرى المدرجة في هذا المؤشر. واحتلت المملكة المرتبة (55) على القائمة في الجانب المتعلق بالتعليم، وفي المرتبة (61) في عامل "قوة العمل والتوظيف". وتم تقييم كل بلد في 51 عاملاً وضعت في 4 فئات محددة باستخدام البيانات التي تم تجميعها من مؤسسات عالمية تتمتع بسمعة مرموقة، بدءاً من منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية والبنك الدولي والأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو، إلى جانب المنتدى الاقتصادي العالمي والبيانات التي تجمعها "ميرسر" والإحصاءات الوطنية التي تكشف عنها الدول. وكان هذا المشروع ثمرة جهد مشترك بين المنتدى الاقتصادي العالمي وفريق "ميرسر" المتخصص بعلوم القوى العاملة الذي قام بإدراج المملكة العربية السعودية في قاعدته عملائه العالميين. وجاءت دول الخليج الأخرى على النحو الآتي: البحرين (40) وسلطنة عمان (41) والكويت (59)، إذ يلاحظ أيضاً مدى التقدم الذي تحرزه مقارنة مع دول أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا، ولكن تبقى في مراتب أدنى من الدول الأوروبية التي استحوذت على ثماني مراتب بين المراتب العشرة الأولى. وتمكنت سويسرا من احتلال الموقع الأول في الترتيب العالمي الإجمالي، وتلتها فنلندا، ثم حلت سنغافورة في المرتبة الثالثة، بينما استحوذت هولندا والسويد على المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي. وأشار أوبايرن إلى أن النتائج التي كشف عنها هذا المؤشر من شأنها أن تساعد الدول والشركات في التخيط لأولوياتها المتعلقة برأس المال البشري. وأضاف: "في الوقت الذي تخوض فيه الدول، مثل المملكة العربية السعودية، منافسة مع بعضها بعضاً لجذب المواهب على الساحة العالمية، فإن مؤشر رأس المال البشري سيساعدها حتماً في إثراء التخطيط والسياسات التي تدعم الدول في مساعيها لاستقطاب المواهب المناسبة التي تحمل المهارات المطلوبة لتلبية الاحتياجات المستقبلية من القوى العاملة في الشركات". ويقول أيضاً: "يمكن للشركات اتخاذ القرارات الخاصة بكل بلد حول الاستثمار بالمواهب العاملة لديها عن طريق الاعتماد على مؤشر رأس المال البشري، ومن شأن ذلك أن يؤثر على نمو الأعمال والنجاح على المدى الطويل". وتقول سعدية زاهدي المدير العام لمشروع رأس المال البشري في المنتدى الاقتصادي العالمي: "تواجه بعض الدول مشكلة ارتفاع نسبة المتقدمين بالسن أو شيخوخة سكانها، بينما تواجه دول أخرى ازدياد أعداد الشباب، وهناك عدد قليل من الدول تواجه المشكلتين معاً. ويعني هذا بالنسبة إلى بعض الدول أنه يتعين عليها مواجهة أزمة كبرى قادمة تتعلق بالمواهب، بينما يعني ذلك لآخرين تطوير الآليات التي تتيح لها الاستفادة من إمكانات سكانها، حتى لا تتفاقم المشكلة وتصبح عبئاً عليها. وعلى ضوء ذلك، يعتبر مؤشر رأس المال البشري أداة لفهم المراتب التي تحتلها الدول في الوقت الحالي، بحيث يمكن للحكومة وقطاع الأعمال الدخول في علاقة شراكة مع بعضها بعضاً في التخطيط للقوى العاملة لضمان مستقبل أفضل". وفضلاً عن تلك الدول الأوروبية التي استحوذت على ثماني مراتب ضمن المراتب العشرة الأولى، نجد أن فرنسا هبطت إلى المرتبة (21) وإسبانيا (29)، ورغم حصولهما على درجات عالية في عامل "الصحة والعافية"، كان أداؤهما متدنياً في عامل "القوى العاملة والتوظيف". ومع ذلك، فقد تقدمتا على إيطاليا (37) واليونان (55) وصربيا (85). وعند الانتقال إلى الأمريكتين، تظهر الولاياتالمتحدة في المرتبة (16) بسبب القوة العاملة القوية لديها وقدرتها على جذب المواهب. بينما تفوقت عليها كندا التي حلت في المرتبة (10) بسبب تصنيفها القوي في مجال التعليم، وهو العامل الذي احتلت فيه المرتبة الثانية على مستوى العالم. ومن بين دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، جاءت بربادوس في المرتبة (26) لتتفوق على شيلي (36) وبنما (42) والمكسيك التي حصلت على المرتبة (58). وعلى مستوى قارة آسيا، جاءت اليابان في المرتبة (15) لتكون الأقرب إلى سنغافورة مستفيدة من نتيجتها العالية في عاملي "الصحة والعافية" و "القوى العاملة والتوظيف". وجاء بعدهما ماليزيا (22) وكوريا (23). أما الصين التي جاءت في المرتبة (43) والهند (78)، فقد حصلتا على تقدير متدنٍ في عاملي "الصحة والعافية" و "التعليم".