على ارتفاع 2700 متر عن سطح البحر، باتجاه الجنوب الغربي من المملكة، تقع محافظة النماص، التي يخيم الضباب على أرضها عدة أشهر تمتد ما بين فصلي الشتاء والربيع، فتمتلئ الأرض بعبق نسمته وتكتسي الطبيعة بلون بياضه الأخّاذ، ليرحل عنها في الخريف، ويعود بالصيف معانقًا قمم الجبال، في منظر بديع ينجذب إليه المصطافين الذين يفدون إلى المحافظة من شتى أنحاء المملكة وخارجها في إجازة الصيف، للاستمتاع بأجواء الضباب العليلة التي تخفي معالم الصيف الحارة. وتتربع "محافظة النماص" في جنوب غرب المملكة على سلسلة جبال السروات ، مبتعدةً عن مدينة أبها 140 كيلو متراً شمالاً، وترتفع عن سطح البحر مسافة تتراوح ما بين 2200 م إلى 2700 م ، في حين يخترقها طريق رئيسي يصل بين الطائف وأبها ، ويحدها من الجهة الشمالية محافظة بلقرن، ومن الجهة الجنوبية مركز تنومة ، ومن الجهة الشرقية محافظة بيشة، ومن الناحية الغربية محافظة المجاردة . وتنتمي خصائص طبيعة محافظة النماص الجيولوجية إلى الدرع العربي المتكون من الصخور النارية المتحولة ، وتوصف أرض النماص بأنها طبيعة بكر ، حيث لم تعبث يد الإنسان وأدواته الحديثة بمدخراتها المكنونة، متميزة بكثافة الغطاء النباتي المتنوع من الأشجار والأعشاب الطبيعية المختلفة. وعُدّت النماص من أجمل المناطق السياحية بالمملكة لوقوعها على قمم جبال السروات، واحتضانها للغابات المعروفة بالغطاء النباتي الكثيف والمتوسط ، إضافة الى وجود الأعشاب والنباتات العلاجية، وإطلالها على منحدرات السروات وسهول وأودية تهامة. والنماص منطقة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، ودل على ذلك تلك القرى القديمة والآثار التي وجدت فيها ويرجع تاريخها إلى أزمان خلّفتها الحضارات السالفة ومن أشهرها : الجهوة ، والظهارة ، والميفا ، وصدريد ، بالإضافة الى جبل الضور الذي يوجد به آثار لمناجم الحديد، ومقابر وادي ترج، و رسوس طلاح، و وادي نكب، والحفريات والكتابات والنقوش الأثرية الموجودة في جبل ذي العين، وجبل السجين، وجبل عيمة الخطيفة، وموقع قرن الغلة، وموقع الذلايل، ومحافر الخيل، ووادي عوص . ونشأت النماص على أنقاض مدينة الجهوة التي ورد ذكرها في أكثر من مصدر تاريخي، حيث بدأ ذلك بهجرة القبائل العربية القديمة إلى مناطق الجزيرة العربية المختلفة ، وأدّى موقعها على طريق الحج القديم إلى ازدهارها وتطورها كمركز تجاري ، أما في وقتنا الحالي فقد أسهم الطريق الرئيسي بين الطائف وأبها إلى انتقال السكان إليها مما زاد في رقعتها العمرانية. وتشتهر محافظة النماص بالقلاع والحصون التي تمثل شاهداً على طبيعة الحياة السائدة قديماً ، وما زالت هذه المعالم قائمة حتى الآن، حيث تتميز بإبداع البناء ، وتناسق لولبية الحصون أو تربيعها وميولها ، كما تتميز بتعدد طبقاتها وكبر أحجارها، واستراتيجية الموقع ، بالإضافة إلى البيوت التي ما زالت تتمتع بروعتها في التوزيع العمراني التقليدي. ولأرض النماص، جمال طبيعي آخر، حيث تكثر فيها الحدائق العامة والمتنزهات ومنها حديقتي المجمع الحكومي المزودتان بالإضاءة وألعاب الأطفال، وحديقة العتمة بالقرب من مستشفى النماص العام، ومتنزه بدعة الذي يطل على تهامة غرب النماص وله عدة مداخل أحدها بالقرب من مبنى الدفاع المدني، والثاني قرب سوق الثلاثاء والثالث من وسط المدينة ، ومزود بألعاب الأطفال والمظلات، ومتنزه شعب العين، ويقع على شفا النماص، مطلا على تهامة، ومتصلا بخطوط متنزه عناق. كما يوجد فيها: متنزه آل وليد، ومتنزه شعف صدريد، وشعف آل زيدان، ومتنزه شحر، ومتنزه العقيقة وآل جميرة، وجبل مرير آل قحطان، ووادي الغرب، ووادي العطف ، ووادي شعبان، ووادي ترج، ووادي بدوة ، وفرعة سلمان، ووادي مدار، إضافة إلى المتنزهات التي تتدفق منها المياه الجارية وبها أشجار العرعر والطلح وأهمها: العطف وتضم شط رافي، ثم الدغل، والمضباع، وشط الخبار، وماء لسله، والموبل، وغدير مضحي، وعيمة مخرز . ولعل ما يميز محافظة النماص إضافةً إلى طبيعتها الخلابة، طبيعة ريف النماص الجميل الذي يحمل في طياته عادات وتقاليد أهالي المحافظة ، ومن ذلك ما يتم خلال مواسم الأعراس التي ما زالت تحمل في طياتها عبق الماضي بثوب قشيب من الأصالة والعراقة، حيث يجتمع الأهالي فرحين، ويؤدون مع بعضهم البعض الألوان الشعبية التراثية مثل : المدقال، والعرضة ، واللعب ، والربخة، والخطوة ، والقرص. ويحرص المصطافون والزوار عند زيارتهم للنماص على تذوق الأكلات الشعبية المعروفة في محافظة النماص مثل : المشغوثة، التي تتكون من الذرة والبر والسمن والعسل ، وتوضع في إناء كبير يسمى الصحفة مصنوعة من شجر الغرب، ويشارك في تناولها 15 شخصاً في آن واحد، كما يحرصون على تناول المعصوبة التي تصنع من طحين البر فقط ويوضع عليها السمن في موقع خاص وبجانبها العسل والمرق في آن ولحد، وتناول العصيدة المصنوعة من طحين الذرة فقط، وكذلك تناول خبز الملة، والفطير، والعريكة، والقرص. ومن المؤكد أن الزائر لمحافظة النماص، سيجد بحول الله تعالى المتعة في زيارته للمحافظة، حيث وفّرت الحكومة الرشيدة العديد من الخدمات الضرورية والمساندة التي تضفي على المكان متعة إضافية إلى جانب متعة الطبيعة ، ليستمتع مع أسرته بالمكوث في النماص، وسط وفرة الاحتياجات الضرورية لكل إنسان من الطعام، والكهرباء، والمياه، والطرق المعبدة، والمتنزهات، والاستراحات، وملاعب الأطفال. وتحظى هذه الخدمات بمتابعة واهتمام من قبل صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير، الذي لايألو جهداً في سبيل تقديم ما هو أفضل لزوار ومصطافي منطقة عسير. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل