اعتبر سياسيون وعلماء دين وكُتّاب أن الأمير محمد بن نايف، الذي عُيّن اليوم وزيراً للداخلية في السعودية، لعب دوراً ملموساً في القضاء على الإرهاب، بصفته من رجال الأمن الذين يملكون حنكة وذكاء وحسن تصرف وشخصية قيادية. وأشادوا ببرنامج "المنصاحة" الذي يُشرف عليه الأمير بنفسه، والذي أطلق لإعادة تأهيل ودمج أصحاب الفكر "المتطرف" في المجتمع، بعد إعلان توبتهم، عبر التركيز على الجوانب الشرعية والفقهية النافية لفكر تنظيم "القاعدة"، ويشمل البرنامج إحاطة متابعيه بعناية اجتماعية مركّزة تتواصل حتى بعد انتهاء البرنامج فضلاً عن تزويج المستفيدين منه. وقال تركي السديري رئيس تحرير صحيفة "الرياض" ل"العربية.نت": "التعبير الذي نقوله هو بالتأكيد: هو الرجل المناسب في المكان المناسب، وأجزم أنه ينطبق تماماً على تعيين الأمير محمد بن نايف"، مضيفاً: "الرجل في تاريخه الشخصي لم يتوافر لأيٍّ كان مثلما توافر له من خبرة وحنكة وقيادة في إدارة الملفات الأمنية خصوصاً تجفيف الإرهاب". وأشار إلى أن "الأمير محمد بن نايف ظهر جلياً عندما اشتد خطر الإرهاب واستهدف مقدرات الوطن وأبناءه، واستطاعت الداخلية السعودية بقيادة والده (رحمه الله)، ثم بجهود الأمير الشاب أن تردع وتهزم تنظيم القاعدة وتجفف الإرهاب وتقدم تجربة حظيت بتقدير عالمي، كما أنه لا يمكن تجاهل أن الحدود السعودية هي حدود جغرافية طويلة ويسهل عادة في مثيلاتها التسلل والتهريب، ولكن يقظة الأمير محمد كانت بالمرصاد". وأضاف السديري: "هذا التميز للأمير كاد أن يدفع حياته ثمناً لخدمة وطنه وتحقيق أمنه بعدما استهدفته محاولات الاغتيال الواحدة تلو الأخرى، ولكنها فشلت بحمد الله، الأمير محمد بن نايف رجل له تجربة فريدة وقدرة مستفيضة، وكل مواطن سعودي سيحتفي به بكل تأكيد، ولعله من اللافت أيضاً أن الرجل لم يأتِ للمنصب بشكل مفاجئ، ولا تقديراً، بل له سيرته الجلية المعروفة، وهو صاحب كفاءة عالية ومجيئه سيحافظ على المكتسبات التي قادها في تحقيق منظومة الأمن السعودي". وعلّق خالد المالك، رئيس تحرير صحيفة "الجزيرة" السعودية، ل"العربية" على قرار اختيار الأمير محمد بن نايف وزيراً للداخلية، بقوله إن القرار يعكس رغبة في تكليف وزير متمكن، حيث كان الأمير محمد يعمل على مدى سنوات طويلة وتحت ظروف صعبة. وأكد المالك أن الأمير محمد ليس طارئاً ولا جديداً، وأنه ليس في محل اختبار في تحمل مسؤولياته في هذه الوزارة، بل إن دوره معروف ومشهود في مواجهة عناصر متطرفة، ما عرّض حياته للخطر أثناء محاولة اغتياله. وأضاف أنه لهذا يأتي اختياره للاستفادة من خبرته وكفاءته وجديته في العمل. وشدّد الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء قسم الفقه المقارن عضو لجنة المناصحة بوزارة الداخلية، الدكتور عقيل العقيل، على أهمية دور الأمير محمد بن نايف في الحرب على الإرهاب، واعتبر أنه رجل كفء للوزارة. وقال ل"العربية.نت": "الأمير محمد بن نايف رجل كفء لوزارة الداخلية.. فهو من رجال الأمن القدماء وكان مساعداً لوالده للشؤون الأمنية، وله دوره الملموس في القضاء على الإرهاب، وكلنا يعرف أنه تعرض لأذى الإرهاب والإرهابيين أكثر من مرة". وتابع معدداً صفات الأمير محمد: "عُرِفَ الرجل بمصداقيته وديانته واستقامته وحنكته ورحابة صدره، واحتوائه للأمور وحسن التصرف وبُعد النظر، ودقته في اتخاذ القرارات.. فدائماً ما تكون قراراته مناسبة وتنبئ عن حنكة.. لهذا كان الاختيار في محله". وأضاف متحدثاً عن الدور المتوقع للأمير في الحرب على الإرهاب مستقبلاً: "سيواصل الأمير محمد عمله، فالحرب على الإرهاب لن يكون جديداً عليه فهو من كان يحمل هذا العبء من فترة طويلة ولكن تعيينه وزيراً سيمنحه المزيد من القوة والتمكين لمواصلة عمله وأيضاً نفوذاً وصلاحية ليواصل عمله". وأكد خطيب جامع العريجاء بالرياض الشيخ فهد السبيعي سلامة نظرة الملك عبدالله الثاقبة في اختياره للأمير محمد بن نايف وزيراً للداخلية. وقال السبيعي ل"العربية.نت": "لن تكون آراؤنا أكثر رجاحة من رأي خادم الحرمين الشريفين الذي اختار الأمير محمد بن نايف للوزارة، فهو يرى أن الأمير محمد أهلاً لهذا الثقة خلفاً لوالده ولعمه الذي أدى هذه الرسالة وطلب الإعفاء من منصبه.. عين الملك عبدالله كانت ثاقبة وذات رأي سديد". وتابع: "قام الأمير محمد بن نايف بجهد جبار في الحرب على الإرهاب شهد له الأعداء قبل الأصدقاء في القضاء على الفئة الضالة وقمعها وأقام الأمن بشكل لمسه الجميع". فيما أكّد الناشط في الفكر الإسلامي عضو التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي بادحدح أن وجود الأمير محمد بن نايف على رأس وزارة الداخلية سيكون فعالاً أكثر في حرب السعودية على الإرهاب. وقال بادحدح ل"العربية.نت": "تعمل الدولة بشكل متناغم بسياسة واحدة.. وكان للأمير محمد دور فاعل في الحرب على الإرهاب منذ أن كان مساعداً لوزير الداخلية، وكونه المسؤول الأول الآن فهذا فيه إضافة أكثر من ناحية التصورات العامة والتكامل والتوافق بين الأجهزة الأخرى". وتابع: "وزارة الداخلية جهاز واحد متكامل كلٌّ يؤدي دوره فيه بشكل فعّال ضمن المنظومة العامة". وشدد الدكتور بادحدح على أن الأمير محمد بن نايف يملك شخصية قيادية من الدرجة الأولى، مضيفاً: "الأمير محمد شخصية قيادية من الدرجة الأولى، واشتهر داخلياً وخارجياً بتولي ملف الإرهاب، والنظرة المتوازنة تشهد بأن هناك دوراً ملموساً له في القضاء على هذه الفئة الضالة، ونجح في وضع حد للقلاقل الأمنية التي كانت تسببها". وتابع: "الداخلية ليست جهاز أمن فقط، بل هي جهاز أمن وخدمة مدنية للمواطنين بشكل كبير، فهي تتعلق بالأحوال الشخصية والجوازات أيضاً، وهي تحتاج للتطوير والعمل وفق النظرة الشاملة للتطوير". وختم: "الأمير محمد بن نايف لن يكون غريباً على الوزارة بحكم وجوده فيه منذ فترة طويلة". ومن جهة ثانية قالت أستاذة التاريخ د. هتون الفاسي: "ما من شك في أن تعيين الأمير محمد بن نايف بعد استقالة الأمير أحمد يأتي نتيجة لإثباته كفاءة عالية، وهو طيلة عمله كمساعد لوزير الداخلية حقق منجزات كثيرة وتعيينه يعني حصوله على ثقة كبيرة من القيادة لم تأتِ من فراغ". وأضافت الفاسي أن الأمير محمد متمرّس وخبرته مبنية على فترة طويلة من العمل في القطاع الأمني، كما أنه من المهم ملاحظة أن تعيينه يعني أيضاً منح الثقة لتقديم الصف الثاني مرحلة جيل الشباب في الأسرة الحاكمة، وبالتأكيد الأيام ستثبت أن الجيل الأول تسامح ووثق أيضاً في منح هذه الثقة، وهو ما يؤكد أن القيادة في هذا البلد الكريم تختار الأنسب، كما تضع الأمير محمد بن نايف في مواجهة صفحة جديدة وتحديات أكبر للموازنة بين تحقيق الأمن والتفاعل مع توجّه القيادة والملك عبدالله تحديداً، والإصلاحات الكبيرة والمتزايدة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين". ومن جهة ثالثة قال الباحث في الشؤون السياسية د. سعود السرحان إن "تعيين الأمير محمد بن نايف هو خيار منطقي بعد استقالة الأمير أحمد بن عبدالعزيز، كما أن الأمير محمد من أبرز مَنْ يعرف كواليس الداخلية السعودية، ومن أبرز مَنْ قاد أخطر ملفاتها خصوصاً ضد الإرهاب". ويضيف د. السرحان: "التعيين هو تأكيد على أن الأجدر يصل للمنصب، ومنذ سنوات طويلة والأمير محمد يدير ملفات مكافحة الإرهاب، وقد اكتسب خبرة طويلة بلا شك". وأشار إلى أن للأمير محمد "مهارات إدارية عالية أيضاً بخلاف ذلك فتجربة "المناصحة" هي تجربة رائدة أشرف عليها ومازال يقودها وتقدم نموذجاً فريداً". أما الدكتور عبدالله العسكر، أستاذ التاريخ الحديث، فيؤكد أن "الأمير محمد بن نايف بلا شك رجل يمتلك جدارة عالية في عمله ومتميز في مجاله ولديه تجارب تراكمية قوية جداً"، مضيفاً: "هو يعتبر مَنْ طليعة الجيل الثاني من أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه)، وبالتأكيد تعيينه سيكون له مردود إيجابي جداً، وأجدني شخصياً مطمئن جداً لذلك وأعتقد أن السعوديين بمجملهم لا يختلفون على ذلك". ويقول د. العسكر: "الدولة السعودية الثالثة أو الحديثة، كما يصفها الغربيون لا نقول الجيل الثاني، فهي مستمرة ولكن هناك بالتأكيد تجديد في الفكر، خصوصاً أن عهد الملك عبدالله فيه انفتاح كبير وإصلاحات واسعة، وأعتقد أن الأمير محمد سيكون صاحب مواكبة كبيرة لذلك، لما يمتلكه من قيادة وحنكة، والمرحلة تحتاجه بالفعل".