في جو بهيج احتفت سفارة خادم الحرمين الشريفين بمقرها في لندن بتكريم مجموعة من الطلبة المبتعثين المتميزين الذين نالوا جوائز تقديرية استثنائية أو فازوا ببراءات اختراع أو قدموا أعمالاً علمية مميزة في دراساتهم و أبحاثهم خلال مسيرتهم العلمية في المملكة المتحدة و آيرلندا. وجاء هذا التكريم بمبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة تزامناً مع حفل استقبال كبير أقامته السفارة بمناسبة اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية أمس الإثنين. وقد بدأ حفل التكريم بالقرآن الكريم تلاه الطالب محمد بن عبد الغني الحربي ثم ألقى هاني شودري المبتعث من جامعة الملك عبد العزيز و طالب الدكتوراة في جامعة أكسفورد كلمة المكرمين أشار فيها إلى هذه اللفتة الكريمة من لدن سمو السفير، ثم أشاد ببعض إنجازات المبتعثين قائلاً:" تعددت إنجازات المبتعثين المتميزين في دولتي بريطانيا و آيرلندا في مختلف المجالات العلمية ... حيث كان من بينها اكتشاف جينات مسببة للسرطان غير معروفة مسبقاً والإسهام في إيجاد علاجات جديدة وفعالة في تسريع التئام الجروح وتطوير تقنية البصمة الإلكترونية لاستخدامها في إدارة نظم الإنترنت، بالإضافة الى حصول عدد من الطلبة المبتعثين على براءات اختراع وجوائز تميز في المحافل والجمعيات العلمية الدولية كالجمعية الدولية للطاقة الهيدروجينية ومعرض إيينا الدولي للاختراعات والمجلس العلمي للحائزين على جائزة نوبل في الطب، وغيرِها من الانجازات الواعدة بمستقبل باهر لمبتعثي هذا الوطن". و ختم المبتعث شودري كلمته بالشكر لله ثم لولاة الأمر في المملكة حيث قال: " باسمي وباسم كل مبتعث ومبتعثة أتوجه برفع أسمى آيات الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ولولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز حفظهما الله ولولاة الأمر على ما نجده نحن المبتعثين من دعم ومتابعة وتشجيع". كلمة الملحق الثقافي ثم ألقى الملحق الثقافي السعودي في لندن الدكتور فيصل بن محمد المهنا أبا الخيل كلمة بهذه المناسبة أشاد فيها بمبادرة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز ، و أشار إلى جهود وزارة التعليم العالي بقيادة معالي الوزير الدكتور خالد بن محمد العنقري و الجامعات السعودية في تهيئة هذه العقول و صقلها قبل الابتعاث لتدخل ميدان المنافسة عالمياً من خلال برامج الابتعاث. و ختم الملحق الثقافي كلمته بالإشارة إلى إسهام الجامعات البريطانية و الآيرلندية في تعزيز مواهب الطلبة و إطلاق العنان لتفوقها العلمي، كم أشار إلى إسهام الملحقية الثقافية و العاملين فيها الذين سخّروا طاقاتهم من أجل أن تتكلل مهمة جميع طلابنا و طالباتنا بالنجاح. فالملحقية تبذل قصارى جهدها من أجل تذليل الصعاب التي تقف أمام المبتعث و تشجعه على التفوق و تقدم له المكافآت المادية و المعنوية في هذا السبيل بشكل دوري. و أشار إلى أمل أن يتكرر يوم التفوق والتميز هذا في كل عام. وأن تكون هذه الكوكبة المشرفة من المتميزين طليعة لأخواتٍ لها متميزات تلتحق بها في الأعوام القادمة. الجميع يقدر مبادرة سمو الأمير محمد بتكريم المميزين من المبتعثين كل عام بعد ذلك ألقى راعي الحفل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز كلمة ضافية بين فيها أهمية العلم في المملكة و إسهامه في نهضتها. كما أشار إلى اليوم الوطني و ما يعنيه لأبناء المملكة حيث كان التاريخ على موعد مع الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الذي كان يحلم بتوحيد المملكة تحت راية التوحيد. وعبر عن سعادته بمشاركة حفل تكريم الطلبة والطالبات المتفوقين وامتزاجها بفرحة ذكرى اليوم الوطني للمملكة ، مهيبا بما حققوه من التميز و التفوق العلمي في أرقى الجامعات والمعاهد في المملكة المتحدة و أيرلندا. وقال سموه : " إن اكتساب العلم والمعرفة هي الوسيلة المثلى لنقل المكتسبات الحضارية بين الأمم وهو الطريق إلى الإسهام الفاعل في دعم واستمرار تقدم مسيرة الحضارة الإنسانية. ولكم في أسلاف أمتنا خير مثلٍ فقد أطلقت رسالة الإسلام التي هي رسالةُ الإيمان والعلم والسلام كوامنَ قدراتهم وطاقاتهم فسعوا جادين لنيل العلم حيثما وجدوه وفي كل التخصصات دون استثناء ثم انطلقوا بعد ذلك يعززون ما اكتسبوه من علوم الحضارات التي سبقتهم بإبداعاتهم وابتكاراتهم وأفكارهم حتى بات إرثهم العلمي كنزاً ثميناً من كنوز الحضارة الإنسانية". و حض سمو الأمير المتميزين على أن يحملوا همة العلماء التي لا يقف طموحها عند الحصول على شهادة التخرج وإنما يتجاوز ذلك إلى التميز والإبداع بتسجيل براءات الاختراع وتحقيق الاكتشافات العلمية ، وإحراز أرفع مراتب التفوق العلمي في سعيٍ حثيثٍ نحو بناء مستقبلٍ باهرٍ لوطنكم وللإنسانية جمعاء ، وإبراز الصورة المُشرقةٍ والمُشرِّفةٍ لديننا ووطننا. و في ختام كلمته أشار سمو الأمير محمد إلى أن هذا التكريم سيكون تقليداً سنوياً تقيمه السفارة للمتميزين من المبتعثين بإذن الله. ثم قدم سمو راعي الحفل الهدايا التذكارية و الجوائز بهذه المناسبة، و منها عضوية "الفرسان" المقدمة من مكتب الخطوط العربية السعودية في لندن و معها رصيد 25000 ميل لكل واحد من الطلبة المكرمين. حفل استقبال اليوم الوطني من جهة أخرى أعقب هذا التكريم حفل استقبال بمناسبة اليوم الوطني للمملكة أقامته السفارة حضره عدد كبير من المدعوين من كبار رجال الدولة في بريطانيا وأعضاء البرلمان بمجلسيه والسفراء المعتمدين لدى المملكة المتحدة و كبار مسؤولي الجالية الإسلامية بالإضافة إلى عدد كبير من أعضاء الجالية السعودية في بريطانيا والإعلاميين. و قد تقدم المستقبلين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف سفير خادم الحرمين الشريفين في لندن و شارك في الاستقبال صاحب السمو الأمير سلطان بن فهد بن عبد الله، رئيس القسم السياسي في السفارة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن محمد بن نواف بن عبد العزيز، والقائم بالأعمال في السفارة عبد الرحمن السحيباني، والملحق العسكري اللواء طيار ركن داود السليم. كلمة سمو السفير و خلال الحفل ألقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز كلمة باللغة الإنجليزية قال فيها إن التطلع إلى المستقبل يجعلنا نمعن النظر إلى أكثر من ثمانين عاما مضت، فبفضل الله ثم حكمة وبعد نظر مؤسس المملكة العربية السعودية ومثابرة أبنائه من بعده وولاء شعبه جرى تجاوز التحديات بكل حكمة وحنكة، وتمت الاستفادة من الفرص والموارد لصالح المواطن السعودي. وأضاف سموه قائلا : "لذلك، فإننا ننظر إلى الماضي بكل اعتزاز على انجازاتنا، كما أننا ندرك كيف نستفيد من تجاربنا السابقة بشكل أفضل للمحافظة على الموارد والفرص من أجل الغد. وخلال تلك الأعوام الماضية، انتقل مجتمعنا من مجموعة منقسمة من القبائل إلى دولة موحدة وآمنة ومستقرة واقتصاد مزدهر لعشرات الملايين من المواطنين". وأكد سموه أن المملكة العربية السعودية أصبحت مركز العالم الإسلامي، وكسبت من خلال ثقلها الاستراتيجي ثقة العالم كشريك لقاطرة النمو الاقتصادي والمالي واحد أهم موردي الطاقة على مستوى العالم ودولة نشطة ومعتدلة سياسيا حيث يبرز قادتها في طرح المبادرات الأممية الهامة والمشاركة في تمويل وتقديم القروض الميسرة لمشاريع التنمية في العديد من دول العالم. وأشار سموه إلى أن المملكة واجهت تحديات ولكن بفضل الله نجحت في استغلال الموارد وحسن إدارتها. وقال سمو السفير إن حكومة المملكة العربية السعودية في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين، حفظهما الله، تكرس كل جهدها لبناء مجتمع قائم على تعاليم الإسلام الحقيقية، فيما تكافح في نفس الوقت قوى التطرف والكراهية والانقسام". وتابع قائلا "لذلك، فقد تم وضع أنظمة تشريعية واجتماعية تحفظ ارثنا ولكننا حريصون في نفس الوقت على الاستماع للاقتراحات والآراء من المواطنين والتي تعني بالمزيد من التقدم والتطور للمجتمع. واستطاع المجتمع السعودي أن يحدث نقلة في منطقة كانت قبل أكثر من ثمانين عاما عبارة عن منطقة صحراوية نائية إلى مجتمع يضم المدن والمدارس والمستشفيات والمصانع ومعامل التكرير والنقل البحري والموانئ والمطارات والطرق السريعة. كما استطعنا تعزيز مكانة ودور المنظمات الخيرية بشكل منظم، وإنشاء شبكات الاتصالات والملاعب ومراكز التسوق والكثير من وسائل الحياة الحديثة". ومضى سموه يقول إن المملكة العربية السعودية استطاعت أن تبدأ من الصفر وأن تصل في أقل من قرن من الزمان إلى دولة حديثة فيما استلزم ذلك دولاً صناعية أخرى أكثر من قرنين من الزمن، كما عززنا مناخاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مستقراً ومتطلع بشكل دائم إلى الأمام وإلى المستقبل، وهذا لا يعني توقف العمل وعدم وجود المزيد مما يتعين القيام به بل على العكس فإن المملكة تستمر في إعطاء كل الاهتمام والتركيز على الإدارة الحكيمة لموارد البلاد. وعبر سمو الأمير محمد عن فخره بالسعوديين الذين يعملون بكل جهد وإخلاص من أجل خدمة بلادهم نحو المزيد من التقدم، وقال " أنا فخور بهم وآمل أن نكون أوفياء للإرث الكبير الذي تركه مؤسس المملكة العربية السعودية وأن نساعد على استقرار وازدهار وتقدم البلاد التي كافح المؤسس ورجاله من أجلها". قدم الحفل و أداره المستشار عبد الرحمن العنزي مدير قسم الشؤون الإسلامية بالسفارة.