فتحت نيابة نانتير (غرب باريس) الثلاثاء تحقيقا في وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بعد رفع دعوى قضائية بتهمة الاغتيال من قبل أرملة الزعيم التاريخي للفلسطينيين للاشتباه في أنه مات مسموما بمادة البولونيوم. ويأتي فتح هذا التحقيق اثر تقدم سهى عرفات بدعوى ضد مجهول بتهمة الاغتيال في 31 يوليو الفائت مع الادعاء بالحق المدني وذلك إثر العثور على اثار لمادة البولونيوم المشعة السامة في اغراض شخصية للزعيم الفلسطيني الراحل. وحسب وكالة فرانس برس قال بيار اوليفيه سور محامي سهى عرفات في باريس أن هذه الشكوى "لم تسقط بالتقادم لأنها تأتي قبل مرور عشر سنوات على الوقائع ولا تهدف سوى إلى إظهار الحقيقة". ورحبت أرملة عرفات وابنته بهذا الإجراء، وقال أحد وكلائهما الفرنسيين بيار أوليفييه سور في بيان إن "نيابة نانتير أعلنت لتوها رسميا فتح تحقيق قضائي إثر شكوى ضد مجهول تقدمت بها السيدة سهى عرفات وابنتها في 31 يوليو 2012 إن السيدة عرفات وابنتها ومحاميهما يرحبون بذلك". وأوضح البيان أن الأشخاص المذكورين "اختاروا عدم الادلاء بآرائهم بهدف افساح المجال أمام قضاة التحقيق المعينين إجراء كل التحقيقات اللازمة بحثا عن الحقيقة (..) الأمر الذي يشكل ضمانا لا غنى عنه". ولم تقدم أبدا أي معلومات طبية واضحة عن أسباب وفاة عرفات في11 نوفمبر 2004 في مستشفى بيرسي العسكري الفرنسي قرب باريس وذلك بعد فترة وجيزة من التدهور الحاد في حالته الصحية الذي استدعى نقله إلى فرنسا للعلاج. ويوجد اقتناع شديد لدى المسؤولين الفلسطينيين وأقارب عرفات بأنه مات مسموما. وهكذا سرعان ما رحبت السلطة الفلسطينية بفتح هذا التحقيق. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس "نحن نرحب بهذا القرار وكان الرئيس محمود عباس قد طلب رسميا من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مساعدتنا في التحقيق في ظروف استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات". وأعرب عريقات عن أمله في "سرعة التوصل إلى الحقيقة كاملة حول سبب وفاة عرفات ومن يقف وراء اغتياله". وأضاف "نأمل أن يسعفنا التحقيق الفرنسي بشكل جدي لمعرفة الحقيقة كاملة إضافة إلى التحقيق الدولي للوصول إلى كل الجهات المتورطة في استشهاد الرئيس الراحل عرفات". من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية يغال بلمور إن "إسرائيل غير معنية بهذا التحقيق رغم الاتهامات التي تساق ضدنا". وكان معهد الأشعة الفيزيائية في المركز الطبي الجامعي في لوزان أعلن الجمعة أنه ينوي إرسال خبراء إلى رام الله لفحص رفات الزعيم الفلسطيني بعد الحصول على موافقة أرملته، وذلك من أجل البحث عن آثار محتملة لمادة البولونيوم. واعتبر محاميا سهى عرفات وابنتها زهوة بيار أوليفييه سور وجيسيكا فينال آنذاك أن "هذا التحقيق ينبغي أن يجرى بالتعاون مع القضاء الفرنسي الذي يجب، بعد رفع الأمر إليه، أن يعين قاضي تحقيق لإجراء التحريات اللازمة". وقد ثار الجدل من جديد حول أسباب وفاة عرفات بعد أن عثر معهد للأشعة الفيزيائية في لوزان على "كمية غير عادية من البولونيوم" بعد تحليل عينات بيولوجية من الأغراض الشخصية لعرفات سلمها المستشفى الفرنسي إلى أرملته. وعلى الإثر تلقى المركز الطبي الجامعي في لوزان في مطلع أغسطس الحالي برقية من السلطة الفلسطينية تطالب بفحص الرفات. وعندها طلب المركز موافقة أرملة الزعيم الفلسطيني على ذلك. وقال المحدث باسم المركز الطبي دارسي كريستن الجمعة إن خبراء المركز على استعداد للتوجه الى الضفة الغربية "خلال أيام" مشيرا إلى أنه ينبغي التحرك بشكل سريع جدا. وقال "الوقت يضيق ويمكن أن نقول إنها مسألة أسابيع وليس أشهر لأن آثار البولونيوم تقل إلى النصف كل138 يوما". والبولونيوم كان المادة التي استخدمت خصوصا عام2006 في لندن في تسميم الجاسوس الروسي السابق الكسندر ليتفيننكو الذي تحول إلى معارض للرئيس فلاديمير بوتين. وأوضح كريستن أن الخبراء سيقومون أولا ب"مهمة استكشافية" للقاء مسؤولي السلطة الفلسطينية وفحص الضريح الذي فيه رفات عرفات ومعرفة الامكانيات التقنية والعلمية المتاحة في المكان. ومن المقرر فحص الرفات نفسها خلال مهمة ثانية.