أيدت المحكمة العليا في تايلاند الجمعة (26 ديسمبر 2014) حكم السجن لمدة عشر سنوات على ضابط سابق بالشرطة التايلاندية يدعى، العقيد "براسرت جانثرافيفات"، لإدانته باختلاس الجوهرة الزرقاء وبعض المقتنيات الثمينة الأخرى، في القضية المعروفة ب"الماسة الزرقاء" والتي كانت في حوزة الشرطة التايلاندية، بعد سرقتها من قصر الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز بالمملكة عام 1989. وذكر موقع "ناشيونال مالتيميديا" أن هذا الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا جاء إقرارًا للحكم السابق الذي أصدرته المحكمة الجنائية في يونيو 2006 وصدقت عليه- أيضا- محكمة الاستئناف في فبراير 2012. وأفادت الصحيفة بأن الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف التايلاندية عام 2012 جاء ليدين العقيد السابق "براسرت" وثلاثة ضباط آخرين بالشرطة التايلاندية، كانت المحكمة الجنائية برأتهم سابقا من التهم المنسوبة إليهم بسرقة المجوهرات السعودية أثناء وجودها بحوزة الشرطة. وأشار الموقع إلى أن المحكمة قضت بتخفيف عقوبة السجن عشر سنوات والصادرة في حق الضباط الثلاثة بعد قيامهم برد المبالغ المالية الكبيرة التي استولوا عليها، إلا أن العقيد السابق "براسرت"، الذي كان يشغل منصب قائد أحد أقسام الشرطة التايلاندية، آثر تقديم التماس للمحكمة العليا، ورفضته المحكمة وأيدت صحة الأحكام الصادرة ضد الضابط. وتعود تفاصيل قضية الماسة الزرقاء إلى عام 1989، حيث قام عاملٍ تايلاندي بسرقة أحجار كريمة تعود ملكيتها إلى العائلة المالكة في السعودية، وتسبَّبت القضية في قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وتايلاند لأكثر من 25 عامًا، ورغم ذلك، فإن الجوهرة المسروقة لم تعد حتى الآن. وكان العامل كريانجكراي تيشامونج قام بسرقة مجوهرات وأحجار كريمة أخرى من قصر الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز، حيث كان يعمل كبواب فيه، حيث دخل "كريانجكراي" إلى حجرة نوم الأمير وتمكَن من سرقة المجوهرات وإخفائها في مكنسة كهربائية في نفس القصر، وتضمَّنت المسروقات ماسة زرقاء لا تقدر بثمن ومجوهرات أخرى تمكَّن من شحنها إلى موطنه. القصة الكاملة ل"سرقة العصر" وبدأت قصة السرقة في يونيو 1989 حين أقدم العامل " كريانجكراي" من سكان قرية (بينميبا ) شمال تايلاند على سرقة كمية من المجوهرات يزيد وزنها على 90 كيلو جراما، إضافة لنصف مليون دولار ومليون ريال سعودي ونحو مائتي جنيه من الذهب وميداليات ذهبية من قصر الأمير فيصل بالرياض. وكان العامل قد حاز على ثقة مخدوميه وبات محل ثقه حراس القصر، وفى أحد أيام صيف شهر يونيو عام 1989 حضر إلى القصر وتوقف عند زميله الفلبيني الذي كان يُعنى بجهاز الانذار الأوتوماتيكي للقصر، وسأله عما يفعل، وتمكَّن من حفظ الأرقام السرية التي توقف الجهاز عن العمل، رغم جهله باللغة الإنجليزية. وحضر "كريانجكراي" مساء اليوم التالي للقصر وعطل جهاز الإنذار ودخل إحدى الغرف التي كان يشرف علي العناية بها، وفتح الخزانة الحديدية من دون أن يثير انتباه أحد، وتناول خمسة خواتم مرصعه بالماس وعاد إلى سكنه. وقال العامل- فيما بعد عند القبض عليه- إنه لم يعرف النوم في تلك الليلة لأنه لم يسرق كمية أكبر من المجوهرات، فكرر فعلته في اليوم التالي وظل يتردد طوال شهرين على الخزينة مستغلا وجود أصحاب القصر خارج الرياض. ومع نهاية شهر أغسطس من نفس العام كان الخادم التايلاندي أفرغ الخزانة من محتوياتها ونقلها لمستودع في دار مجاورة قبل أن يشحنها إلى بلاده بواسطة شركة للطرود البريدية أو بواسطة شركه للشحن الجوي. وأبقى معه نحو 20 كيلوجرامًا من المجوهرات في حوزته ونقلها معه إلى بانكوك بالطائرة، وحين أوقفه موظف الجمارك التايلاندي ليحقق معه أعطاه سبعة آلاف بات (نحو 280 دولارًا أمريكيًا، وتابع سيره نحو قريته في شمال البلاد. ودفن "كريانجكراي" فور وصوله لمسقط رأسه قسمًا كبيرًا من المجوهرات والنقود بحديقة خلف منزله، فيما أخذ يعرض قسمًا آخر على جيرانه وباع بعض القطع بمبلغ 120 ألف دولار أمريكي. وفى النصف الثاني من نوفمبر 1989 عاد أصحاب القصر من إجازتهم واكتشفوا سرقة المجوهرات والأموال التي كانت بالخزانة فابلغوا الجهات المعنية التي بادرت- بعدما حامت الشكوك حول الخادم- إلى الاتصال بالحكومة التايلاندية، التي أقدمت في 10 يناير 1990 على اعتقال "كريانجكراي" الذي اعترف فورًا بالسرقة وسلم كل ما بقي لديه من مجوهرات ونقود، وكشف بأسماء الأشخاص الذين اشتروا بعض المجوهرات منه. وأمضى عقوبة في سجن تايلاندي لمدة سنتين وسبعة أشهر، من أصل خمس سنوات، لحصوله على عفو ملكي نظرًا لحسن سلوكه في السجن. الشرطة التايلاندية تختلس المجوهرات كان على رأس رجال الشرطة الذين اعتقلوا الخادم التايلاندي اللفتنانت كولونيل كالور كيرديت، الذي أصبح اسمه لاحقًا في قائمة كبار رجال الشرطة الذين اخفوا قسمًا كبيرًا من المجوهرات. فقد أقام فريق المحققين وعلى رأسهم "كالور" وفى حوزتهم المجوهرات كاملة باستثناء بعض القطع في (فندق بلازا) على الطريق المؤدى إلى مطار بانكوك. وكان يفترض أن يسلم "كالور" المجوهرات إلى مركز الشرطة الرئيس، لكنه تقاسم القطع الثمينة مع عدد من أعوانه وشخصيات سياسية. وفى 15 يناير 1990، دعت قيادة الشرطة في بانكوك وسائل الإعلام إلى مؤتمر صحفي أعلنت فيه نصرها والقبض على السارق، وكانت بعض وسائل الاعلام بدأت تلمح إلى أن قطعًا ثمينة من المجوهرات اختفت بالفعل ولم تصل إلى خزائن الشرطة. وارتبطت أسماء 15 ضابطًا في الشرطة التايلاندية بقضية المجوهرات، حيث يوجد شريط فيديو صورته الشرطة لعدد المجوهرات التي وصلت الخزانة الحديد في بانكوك في الأيام الأولى، وأن الماسة الزرقاء لم تكن بين المجوهرات. واعترف رفاق "كالور" بأنه صادر 48 ألف دولار أمريكي من "كريانجكراي" ومجوهرات أخرى إلا أنها لم تسلم إلى اللجنة المكلفة بمتابعة القضية. وفى نهاية أغسطس أدرج اسم "سواسدى امورنويوات" رئيس الشرطة التايلاندية بين عامي 1991 و1993 في ملف المتهمين بتحويل مجرى التحقيق في السرقة من خلال مساعدته أحد تجار المجوهرات على رغم ادعائه البراءة، معترفًا بأن كثيرين من ضباط الشرطة الذين يرتدون الزى الرسمي هم لصوص ؟ وعندما أصدر وكيل وزراء الداخلية انذارًا إلى الضباط المتورطين في القضية بوجوب تسليم انفسهم تراجع "سواسدى" عن اقواله ووضع نفسه قيد التحقيق، لكن نشر احدى الصحف التايلاندية صوره لزوجته وهى تلبس عقدًا من الماس أثار ضجة كبيرة فى الأوساط الرسمية والشعبية بعدما تعرف السفير السعودي في حينه وآخرين على العقد. وقال "سواسدى" إن اللصوص الحقيقيين هم الذين فبركوا الصورة ليحولوا مجرى التحقيق. وتسببت القضية في قطع العلاقات بين البلدين لمدة 20 عاما، وخسارة تايلاند ل 10 مليارات دولار سنويا من العمالة في المملكة والسياحة السعودية التي امتنع مواطنوها عن دخول تايلاند. وإلى الآن لا يعرف أحد مصير "الماسة الزرقاء".