قال إمام وخطيب المسجد الحرام بمكةالمكرمة، الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، إن التاريخ يعيد نفسه وكما لم تسلم خير القرون من نزغات الشياطين فظهرت أول بدعة في الإسلام في نهاية الخلافة الراشدة، فإن فئة من الخوالف ساروا على درب أسلافهم ممن قصرت أفهامهم وطاشت أحلامهم ففهموا النصوص الشرعية فهمًا خاطئًا مخالفًا لفهم الصحابة والسلف الصالح. وأضاف: "إن هذه الفئة شوهت صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته وانحرفوا بأفعالهم عن سماحته ووسطيته"، مشيرًا إلى أن الغيور من أهل الإيمان ليعجبوا من هؤلاء لأشباههم يسلكون طرائق الباطل وينهلون من مشارب البطش، أرخصت لديهم الأعمار فقامت بسفك الدماء وقتل الأبرياء وجلب الدمار وإلحاق العار والشنار وخراب الأوطان والإساءة إلى خلاصة الشرائع والأديان. وبيَّن أن هذه الدعوات التي تستهدف المجتمع الإسلامي عامة وتختطف عقول الشباب خاصة، ليس وراءه إلا هدم المجتمع وتفككه والإخلال بأمنه واستقراره. وتابع: "والمصطلحات الشرعية التي يستخدمها هؤلاء لجر شبابنا إلى الويلات باتت واضحة مكشوفة الأهداف لكل ذي عين ولا تزال أفعالهم الباطلة الرديئة وأقوالهم المنمقة تفضح مكنون ضمائرهم وتكشف مضمون سرائرهم، لأنهم اتخذوا الدين مسلكًا لأهوائهم الطامة". ولفت إلى أنه على العلماء أن يستنهضوا العزائم والهمم ويطرحوا عن أنفسهم التواني والصمت والوهن، وأن يقولوا كلمة الحق دون مواربة لا يخشون في الله لومه لائم ويرسخوا العقيدة الإيمانية لدى النشء والأجيال في تمازح الوحدة الدينية واللحمة الوطنية وفق الضوابط الشرعية والمقاصدية والوقوف صفًا واحدًا في وجه كل من يحاول اختطاف وتشويه الإسلام. وأفاد الدكتور السديس أنه يرى دماء إخواننا في فلسطين وغزة وبلاد الشام تسفك في مجازر جماعية وجرائم حرب ضد الإنسانية دون وازع ديني أم إنساني أو أخلاقي حتى أصبح للإرهاب أشكال مختلفة كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر المجتمع الدولي بكل مؤسساته ومنظماته مما يخشى معه أن يوجد ذلك جيلًا لا يؤمن إلا بالعنف والإرهاب وصراع الحضارات، مبينًا أن الحاجة ملحة إلى وضع ميثاق شرف عالمي يؤدي فيه القادة والعلماء رسالتهم ويضبط الشباب فيه فكرهم ويضبط فيه مسار الإعلام الجديد. وفي المدينةالمنورة، تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي عن مرض النفاق وشعبه، وقال: إنه مرض خطير وشر كبير وهو أعظم الأمراض إذا استولى على القلوب أماتها فصار صاحبها حيًا كميت وصحيح البدن مريض الروح، قال الله تعالى (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون). وأضاف الحذيفي: "أإن النفاق داء عضال وداء قتال لا يبتلى به إلا المسلم أما الكافر فلا يوصف بالنفاق لأنه مجاهر بكفره، والكفر مشتمل على أنواع النفاق كله ومن نجى من النفاق فقد نجى من شرور الدنيا وعذاب الآخرة ومن وقع في شرك النفاق خسر الدنيا والآخرة مستشهدًا بقول الله تعالى عن المنافقين ((فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون)). وأوضح أن النفاق نوعان: الأول نفاق اعتقاد وهو مخرج من ملة الإسلام ويراد به اعتقاد المرء كل ما يضاد الإسلام جملة وتفصيلا أو يضاد بعد أحكام الإسلام التي يكفر من لم يؤمن بها ويلتزمها وإن عمل بأركان الإسلام بجوارحه؛ لأن الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان مبنيا على الإيمان مبينا أن نفاق الاعتقاد هو إظهار الإسلام وإبطان الكفر قال الله تعالى (( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين (8) يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون (9) في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون)). وتابع: "إن المحققين من أهل العلم قد تتبعوا الأدلة من القران الكريم والحديث فوجدوا أن النفاق الاعتقادي هو بغض الرسول صلى الله عليه وسلم وبغض ما جاء به وتكذيبه عليه السلام فمن أبغضه وكذبه وكره ما جاء به عليه الصلاة والسلام فقد كفر ولو عمل بأركان الدين فصاحب هذا النفاق الاعتقادي في الدرك الأسفل من النار سواء اجتمعت فيه هذه الأنواع كلها أو وقع في واحد منها إلا أن يتوب إلى الله قال تعالى ((إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُم ْنَصِيراً (145) إِلا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَع َالْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عظيماً )). وأفاد أن النوع الثاني من النفاق هو النفاق العملي وهو عمل المرء بخصلة من خصال النفاق وهو مع ذلك يؤمن بالله واليوم الآخر ويحب الإسلام ويعمل بأركانه، فهذا مرتكب للمعصية ولا تكفره مستشهدًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَر وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)).