يعيش الإنسان في هذه الحياة متقلباً بين الصفو والكدر, وبين اليسر والعسر, وبين الفرح والترح "فمن سره زمن ساءته أزمان!!"ولكن يبقى للإنسان بريق أمل يضيء له الطريق, وينير له الدرب, و يحمل في طياته الأمل ألا وهو التفاؤل, فهو الخير, ولا يأتي إلا بخير وقد قيل "تفاءلوا بالخير تجدوه". وهو الصورة الإيجابية التي تنقلنا من واقع الحياة البائسة إلى الحياة الهانئة. فالتفاؤل علاج لمن غرق في وحل اليأس والقنوط؛ فيُشغل نفسه برؤيةٍ لمستقبلٍ واعد؛ لذا فهو ينظر إلى المحن على أنها منح, وإلى المصائب على أنها مكاسب؛ فلا يتأثر بما يعتريه من كوارث, ولا يسمح لحبال اليأس أن تلتف حول عنقه. والتفاؤل يزيد الدافعية, ويوقد الهمة, ويطرد الكآبة, وعندما نشعر بالظلمة وفقدان الأمل سيشع نور ليخبرنا باقتراب الفرج؛ لذا لا نيأس من فرج, وانبلاج صبح قريب. فاليأس يجلب الكسل ويحبط العمل وقد قال تعالى (لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ) (يوسف:87) وكان النبي _صلى الله عليه وسلم_ يُعمل التفاؤل بتطبيقه كما يؤكد عليه بقوله ففي الحديث قال عليه الصلاة والسلام : " لاعَدْوَى وَلا طِيَرَةَ ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ : الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ " (رواه مسلم) وتفاءَل عليه الصلاة والسلام في الأسماء كما في غزوة الحديبية عندما جاء سهيل بن عمرو يفاوض عن قريش، فتفاءل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال " قد سَهُلَ لكم من أمركم "(رواه البخاري).وفي الحديث الذي رواه جابر بن عبدالله أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- دخل على أمِّ السائبِ ، أو أمِّ المُسيَّبِ . فقال: " مالَكِ يا أمَّ السائبِ ! أو يا أمَّ المُسيَّبِ ! تُزَفْزِفينَ ؟ " قالت : الحمَّى . لا بارك اللهُ فيها . فقال: " لا تسُبِّي الحُمَّى . فإنها تُذهِبُ خطايا بني آدمَ , كما يُذهبُ الكِيرُ خبثَ الحديدِ " (رواه مسلم) وقد غير عليه الصلاة والسلام اسم حَزن إلى سَهل تفاؤلاً بالاسم الجديد, واسم عاصية إلى جميلة, وما فعله صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستسقاء, عندما قلب رداءه تفاؤلاً بتقلب الأحوال إلاّ صورة جميلة من صور التفاؤل الذي بجب أن يكون منهجاً لنا في الحياة. قال الشاعر : ألا إنما بشر الحياة تفاؤل ** تفاءَل تعش في زمرةالسعداء فالنظرة المشتملة على التفاؤل هي من أهم عوامل النجاح, وقد تغير واقعاً, وتبني مستقبلاً, ويَقشُب ثوب الحياة معها؛ لذا من فََقَدَ التفاؤل فإنه سيرضى باليأس الذي يعيق تقدمه في حياته. فهد بن علي أباالخيل المشرف التربوي بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الرياض[email protected]