الحديث عن ملتقى نادي القصيم الأدبي السابع تتطلب منا نوعا من الهدوء لكي نكشف أو نحاول الكشف عن النسق الثقافي الذي يمكن رصده في مسار أي مجتمع ، وبالأخص مجتمعنا النجدي = القصيمي، وهذه القراءة لا تمثل نقدا أو تقييما ، إنما هي قراءة وصفية. اجتماعيا يمكن وصف الموقف الاجتماعي من النادي بأنه موقف غريب وعجيب ، فكثيرون غردوا أو كتبوا أو تكلموا دون أن يدركوا أن ( عبدالله القصيمي ، وعبدالرحمن منيف ) قد ماتا من زمن بعيد أو قريب فهما ليسا حيين، حيث اعتقد أفراد من المجتمع أنهما قد حضرا الملتقى ، وهذا بحد ذاته أمر غريب فهما من أبناء المنطقة وينتسبان لها رضي بذلك من رضي أو لم يرض!. هؤلاء عاطفيون تنسج مشاعرهم وتقود أفكارهم أقوال الآخرين ، فهم لم يحاولوا أن يكتشفوا أو يعلموا أو يبحثوا عن هذين الرجلين، حتى لو كان من باب العلم بالشيء !. اجتماعيا ثمة أفراد يعرفون أن ( القصيمي ومنيف ) قد ماتا إلا أنهم ما زالوا يقفون موقفا واحدا لم يتسع أفقهم لتناولوا هذه الشخصيات أو قراءة فكرها أو محاورة آرائها المتناثرة في كل وسائل الإعلام الحديثة ، يقفون موقفا واحدا لا يتغير ، لأنهم لا يقبلون بالمناقشة أو الحوار ، ويعتقدون أن مجرد الحديث عنهم أو قراءة أفكارهم إنما سرفٌ ثقافي لا قيمة له ! وهؤلاء – أيضا – أحترم وجهة نظرهم لو أن هذا الموقف صادر عن وعي وفهم وقراءة لفكر الرجلين ( منيف والقصيمي ) . اجتماعيا – أيضا – حاول بعض الناس الترويج لفكرة ( مقاطعة ملتقى التحولات الثقافية في المملكة العربية السعودية ) هذه التحولات التي لا يمكن أن تخفى على مشاهد أو مطلع أو مسؤول، الكل يؤمن بوجود التحولات في العالم كله سواء على جميع المستويات وفي جميع المجالات ، وهذا ما سعى إليه الملتقى حيث رصد وأبرز هذه التحولات ، ولكن كثيرون لا يرغبون أو لا يدركون أن هذه التحولات القائمة في حياتنا يجب أن نتعامل معها بشكل واضح وجلي كي نستطيع أن نعالج سلبياتها وندرك إيجابياتها ، وأنّ عملية المنع والرفض من قبل أفراد من المجتمع لن تجدي مهما حاولنا، فالقافلة تسير، والعالم يتغير، والناس أو الإنسان يتطور ! وهؤلاء واقفون دون حراك . أما ثقافيا، فإني قرأت آراء بعض المثقفين الذين وقفوا ضد النادي في طرح أو مناقشة آراء ( منيف والقصيمي ) والغريب أن هؤلاء المثقفين يدركون ( أو هذا ما أرجوه ) أن مثل هذا الطرح هو نقاش وتجلية وإيضاح لأفكار هؤلاء وغيرهم، ولسنا مسؤولين عن آراء الباحثين أو أفكارهم، بقدر ما يهمنا الجانب الموضوعي العلمي في البحوث والأوراق المقدمة حتى لو اختلفنا معها في رؤاها وطرحها. إن مجتمعنا وثقافتنا تدخل تحت المنظومة العالمية الإنسانية التي لا يمكننا أن ننفرد عنها بأي شكل من الأشكال، على الرغم من أننا - ونحن ندرك ذلك جيدا - نملك خصوصية تميزنا عن غيرنا لكنها لا تفصلنا عنهم أبدا، إن هذه الملتقى يعكس تلك التحولات في مجالات مختلفة وفي أبحاث متنوعة فهو يرصد (مفهوما) للتحول الثقافي ، ويبحث عن أسبابه ونتائجه، ويرصد من جانب آخر أثر هذا التحول في عدد من الاتجاهات الأدبية والفكرية والثقافية، ويقدم عددا من الشهادات التي أبرزت هذا التحول في أفراد من هذا المجتمع لا يمكن أن يغفل عنهم مهما حاولنا. فاصلة : الحكم على الشيء فرع من تصوره!. فلا يمكن أن نحكم على شيء حتى ندركه جيدا ونفهم خفاياه! أحمد اللهيب