رياح التغيير التي تهب على منطقتنا العربية فرصة للتغيير والتحول من دولة الديكتاتور إلى دولة الديمقراطية والعدالة والمساواة، ففرصة للشعوب في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ؛ أن يبنوا دولتهم العادلة على أنقاض دولة الظلم والاستبداد. والشعوب العربية مسلمة والعرب هم لب المسلمين وأساس دولة الإسلام ، ولاشك أن الأحزاب الإسلامية بحكم خبرتها ونضالها وكفاحها في العمل السياسي مثل حزب النهضة والأخوان ستفوز في سباق الانتخابات كمالنهضة وكما أن الأخوان هم المرشح القوي لقيادة الحكومة في مصر فالشعوب تريدهم وتطمئن إليهم ، وهم من خلال برامجهم المقدمة والمعروضة في ميدان الانتخابات ، وأما م الناخبين يبشرون بدولة العدالة والحرية والتنمية والمساواة أي نسخة من التجربة التركية الناجحة ، فهم بمثابة الملك العادل لهذه الشعوب المحتقرة والمقهورة والمظلومة منذ أمد بعيد ونجاحهم شبه مؤكد ؛ لكن عليهم أن ينتبهوا أن تركيا ليست كمصر وليست كتونس وليست كليبيا . وأيضا عليهم أن يقرؤوا التجربة التركية جيدا منذ بدايتها وأن يمروا على مراحل الاصطدام والمعوقات التي مرت بها قبل أن تنهض ، فالنجاح الذي تقطف ثماره تركيا الآن لم يتحقق بسهولة فليس من السهل أن تقيم دولة ناجحة عادلة على أنقاض دولة ظالمة فاسدة ، وحزب النهضة وحزب الأخوان والحزب الإسلامي في ليبيا وكذلك بقية الأحزاب الإسلامية عندهم من المعرفة والنضال والكفاح ما يفوق الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا ؛ لكن لم يمروا بتجربة قيادة ومرحلة حاسمة مثل هذه المرحلة ، فهناك معوقات كثيرة أمامهم وهناك أعداء كثر لهم ويحاولون استفزازهم والإثارة حولهم وتخويف الخارج منهم فعليهم أن يعوا وان ينتبهوا وأن يصبروا وأن يحسبوا خطواتهم وأن لا يتصوروا الدرب سهلا مذللا فهناك من سيضايقهم في طريقهم. هناك بعض المعوقات لكن عليهم أن يصمدوا وأن يستمروا في درب النجاح ، وأن يتقدموا للجمهور ببرنامجا عادلا يحفظ الحقوق وينمي البلد ويحترم المواطن ويجعله يحيا حياة الرقي والرفاه هذه الأحزاب كلنا متفائلون بنجاحها وقيادتها ونقل هذه البلدان الفقيرة المهزومة إلى بلدان ناهضة متطورة واعدة ونهوض هذه البلدان هي نهوض للأمة المسلمة ، والحياة فرص والتغيير قدر إلهي والعالم ومنطقتنا تمر بأحداث واهتزازات فالكون مقبل على تشكل وتغير ولابد نحن المسلمين عن طريق هذه البلدان وغيرها من البلدان الإسلامية الناهضة أن نختط لنا موقعا على ظهر الخريطة الجديدة وأن نؤسس لدول راقية منتجة متعلمة متحضرة يحسب حسابها ويؤخذ برأيها ويسمع لقولها في مستقبل العالم الجديد . فأمريكا التي جعلت من الإسلام عدوا ومهددا لحضارتها بعد سقوط الاتحاد السفيتي الآن تتألم من أزماتها ويمر اقتصادها بمراحل عصيبة ولا ندري هل ستعالج أزماتها وستحل مشاكل ديونها وتعود إلى سيطرتها وقوتها كما نهضت بعد خسارة أسواقها المالية في الكساد الكبير بين الحربين العالميتين عام 1929م أم أن ألمها سيعصرها ومرضها سيزداد ولن تقوى على إدارة إمبراطوريتها وستتلخص وستنكفئ على ذاتها ، فتسقط أمريكا الإمبراطورية وتبقى أمريكا الدولة الغنية القوية وهذه المرحلة هي فرصة للنهوض وخاصة الدول الإسلامية فالمرحلة المقبلة هي مرحلة تعدد الأقطاب وانشغال كل دولة ببناء اقتصادها وتطوير نفسها وهذه الدول العربية مصر وليبيا وتونس واليمن إن خرجت من عسرتها ونجحت هذه الحكومات المنتخبة في قيادتها فإنها مع دول الخليج ستحدث أثرا وستخط لنفسها موقعا ملائما ومنافسا في تشكيلة الدول الناهضة الجديدة.. نأمل أن يتحقق ذلك وأن توفق أمتنا بدول منافسة رائدة سطور أخيرة: أمريكا وإسرائيل بمساعدة الديكتاتور سخروا كل إمكانياتهم لتقطيع أوصال الشعوب العربية وتفريقهم وتأجيجهم وجعلهم أحزاب وفرق متنافرة لكن قدر الله أن تهب رياح الثورة وأن تجتث عروش الاستبداد وأن تدمر كل مؤامرات ومخططات الأعداء وأن توحد الصفوف وتجعل الأمة العربية رجلا واحدا يصرخ في وجه كل ظالم متكبر جبار .. فعلى الثوار أن يجعلوا من الانتخابات فرصة لتتويج ثورتهم لا فرصة للمغرض بأن يشق صفهم ويضعف قوتهم . خالد عبدالعزيز الحمادا