سأسجل خلال هذه السطور اعترافاً تاريخياً .. قد يكون هو الأول من نوعه ! وقد تنهال عليّ العروض التلفزيونية والإذاعية و (الصُّحُفيّة) .. ! وقد لا أستطيع تلبية جميع تلك العروض .. فأستميحكم عذراً أيها الإعلاميون ! من باب الولاء لهذا الوطن المعطاء .. ذي الأيادي الأخطبوطية في الكرم والجود .. الذي تعدى الحدود ونال من جوده كل موجود ! .. فقد قررتُ أن أكون "فاسداً" .. !! نعم .. لقد فكرتُ بذلك جدياً ! .. فبعد أن استقرأتُ بٍعقلي "الراجح" وفكري "المتفطن" أحوالَ الناس في هذا البلد .. وجدتُ أن الفسادَ فيه محل رعاية وترحيب ! وأن الفاسدَ يتقلد فيه مناصب طويلة الأجل ! .. لا ينقرض فيها مالُه ولا يتمرمرط فيها بالشوارع عيالُه !! .. سلطته فضفاضة ومنصبه لا يسقط بالتقادم ! لذلك فقد قررت أن أتحول بعقلي إلى مستوى "جارح" و بفكري إلى "متقطّن" .. ! فبعد ست سنوات عِجاف من الادخار والتقشف في عملي الحكومي .. استطعتُ - بفضلٍ من الله - "اقتراضَ" مبلغ عشرة آلاف ريال من صديقٍ أردتُ أن أضع حداً لصداقتي معه فأشار عليّ إبليس بهذه الفكرة .. فأُعجبتُ بها ! وكانت هذه بدايتي المتواضعة في طريق الفساد ! وبهذا المبلغ الضخم "تقبّلتُ" إحدى "البوفيهات" القريبة من مدرستي كي أمارس من خلالها هوايتي الجديدة "الفساد" ! خطوتُ أولى خطواتي الضخمة والكبيرة من خلال إبرام صفقة شيطانية مع أحد المعلمين الزملاء كي يخرج بطلابه إلى "بوفيهيتي" بعد أن وعدهم بجائزة ترضية عقب خسارتهم في الدوري بنصف درزن من الأهداف التي جاء نصفُها بتبرعات سخية من الدفاع الباسل ! .. تناول الطلاب في مطعمي الفاخر سندويشاتهم الشهية التي تعبق برائحة "الفساد" .. ! ولقد كانت هذه أولى أرباحي التي أجنيها في مغامرتي هذه ! سالت على إثرها أوديةٌ من "سعابيل الفساد" - أعزكم الله - على أنيابي الدامية ! .. حتى أنني اضطررت لأن تمتلئ جيوبي بالمناديل كي يتسنى لي مسح تلك "السعابيل" !! ولكن سرعان ما "مغصني بطني" بعد أن علمتُ أن المستشفى قد احتفل باستقبال بعضهم ! عند ذلك .. خطوتُ خطوتي الفاسدة الثانية .. واستخدمتُ علاقاتي الأخطبوطية و وسائل الضغط المُتاحة إضافةً إلى ما أتمتع به من محبة شريحة واسعة من الناس ! .. فتم الضغطُ على ضيوف المستشفى من الطلاب وإقناعهم بعدم ذكر مصدر تسممهم لأي أحد .. وتم تهديدهم باستخدام سلاح الدرجات ضدهم وتخويفهم بشبح الرسوب ! .. وهم ليسوا بحاجة إلى شبح آخر يُضاف إلى شبح "الهبوط" الذي عانوا منه في الدوري ! .. وقد ساهم هذا في "تهجيد" بطني من المغص الطارئ ! وقد لعبت هذه الخطوات المتلاحقة دوراً مهماً في "استملاس جلدي" و تقوية قلبي في سبيل الوصول إلى مرتبةٍ من الفساد قد تلفت أنظار المسئولين ليتم تكريمي باختياري لمنصب فساديّ شاغر ! قد تكون الوزارة ! .. ولم لا ؟!! فجاءت الخطوة الأضخم التي ستجعل مني مثار إعجاب هيئة رعاية الفساد !! عزيزي القارئ عزيزتي القارئة : إذا كنتما ترغبان في معرفة تلك الخطوة الأضخم ، ولمعرفة خطوات أخرى أكثر نكايةً وأعمقَ تشبُّعاً برائحة الفساد .. فما عليكما سوى الاتصال على الرقم 7000000000 أو إرسال رسالة تحمل الرمز (ف س د) إلى ذات الرقم السابق .. وستتمتعون بنصائح "فسادية" قيمة ! (أووووه .. يالغبائي ! .. لقد أفصحتُ لكم للتوّ عن خطوتي الأضخم تلك !!) . . عبدالرحمن بن صالح الحمادي تعليم الجوف