الحديث عن الفساد والفاسدين لا ينقطع بسبب عدم وجوده ظاهراً للعيان، سواء كان ماليّاً أو اداريّاً أو غير ذلك من أوجه الفساد التي نعرفها او التي نجهلها. فهناك من يتقن في ابتداع طرق وأساليب لا تخطر بالبال. محاربة الفساد كآفة اجتماعية تنخر اينما حلت وحيثما وجدت، أجمعت عليه الأمة من رأس الهرم الإداري وحتى القاعدة العريضة للمجتمع، والفاسدون موجودون في كل المجتمعات ولكن بنسب متفاوتة وقلما تجد فاسدا يمد يده على المال العام نهاراً جهاراً وبشكل مباشر، فهو يدرك أنه سوف ينكشف وينفضح أمره، وهو ليس من السذاجة بمكان كي يقدم على خطوة مكشوفة كهذه، لأن الفاسدين لهم اساليب تتسم بالدهاء والحنكة والتحوط، ويمارسون عملهم عبر الطرق الملتوية، مستغلين نفوذهم والصلاحيات الممنوحة لهم في غياب الرقابة الفعالة. ليس من السهولة بمكان كشف هؤلاء لخبثهم ومكرهم، إضافة إلى السلطة والنفوذ الذي بيدهم، وكذلك الخوف الذي يسيطر على مرؤوسيهم من صغار الموظفين والعاملين تحت إمرتهم، والخشية من إلحاق الأذى بهم وبطشهم فيما لو خطر ببال أحدهم أن يبوح بسرهم أو يكشف أمرهم، وربما تجد من هو مطلع على هذه الممارسات الخطأ أو المشبوهة، فلا يملك إلا أن يتغاضى ويغمض العيون. وعلى أرض الواقع الوظيفي يستطيع الرئيس أو المدير أو المسؤول الفاسد أن ينتقم وبكل سهولة من الموظف الذي يقف حجر عثرة أمامه. والسؤال هنا من يحمي هذا الموظف أو العامل البسيط صاحب الضمير الحي الذي لا حول له ولا قوة فيما لو تجرأ أو عارض الممارسات غير السوية، او رفض تمريرها او السكوت عليها، او رفع الأمر للمسؤول الأعلى؟!! والطامة الكبرى لو كان هذا متفقاً مع ذاك ضمن عصابة أو حلقة فاسدة يحمي بعضهم بعضاً. الأساليب والطرق التي يسلكها الفاسدون قد تبدو للآخرين وكأنها الصراط المستقيم، بل وربما تجد من يكيل لهم المدح والثناء على النزاهة والاخلاص، فهم يوهمون الغير بأن ما يقومون به جهد وتفان ما هو إلا من أجل التوفير والحرص على أموال المؤسسة وصون مقدراتها، ولكنه في الحقيقة سرقة وسمسرة. يبقى عزاؤنا كمواطنين هو في التوجيهات الملكية الصارمة لأجهزة الدولة المختلفة بالضرب بيد من حديد على أيدي الفساد ومحاكمته واجتثاثه من جذوره. مدير عام وزارة التخطيط / متقاعد فاكس 6658393