عندما كان استهداف علماء هذه البلاد المباركة من خارج بلادنا، سواء من مثقفين أو حتى من علماء وشيوخ، فإن الأمر كان أقل إيلاما ً للعلماء ، أي أقل إيلاماً من تجني وظلم كُتاب أو مثقفين من أبناء الوطن ، فظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... كما قيل . ولست بصدد الحديث عن تجني وافتراء مَن هو من خارج بلادنا، بل سأتحدث عن كل مَن تجنى عليهم في الداخل . فأحدهم يقول: إن علماءنا متشددون ، وآخر يصفهم بالمتزمتين ، وقيل عنهم: إنهم إقصائيون، ومتفردون ومحتكرون للدين! بل وصل الأمر إلى وصفهم بالمتطرفين مع أنهم أشد مَن واجه التطرف ونبذه !! والأدهى والأمَرُّ أن يُرمى علماؤنا ومعهم الأغلبية الساحقة من أبناء هذا الوطن العزيز ، الذين يُجِلونهم ويعرفون فضلهم وقدرهم، بتهمة باطلة لاأصل لها ، هذالأمر أو لنقل هذه الفرية هي قول بعض مَن يناوئ ويخالف العلماء والشيوخ الفضلاء عنهم أنهم يدَّعون العصمة أو قول البعض عنا إننا نقول : إن علماءنا من السلف والخلَف معصومون! فمَن يفتري هذه الفرية علينا وعلى علمائنا فليأتِ بقول ٍ واحد لعالم أو شيخ أو حتى من عوام أبناء هذه البلاد يثبت به هذا الافتراء. إن السابقين من علماء الأمة واللاحقين منهم لاعصمة لهم ولا قدسية لأشخاصهم ، بل العصمة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم فقط ، ثم إن المنهج الذي يسير عليه علماؤنا الربانيون ومن يسير سيرهم من علماء السُنة كافة ، وأعني به المنهج المستقى من القرآن الكريم والسنة المطهرة ، ثم ماأجمع عليه الرعيل الأول من الصحابة والتابعين الذين يُعَدّون خيرَ مَن سار على منهج الكتاب والسنة ، فهذا المنهج معصوم ، والعصمة للمنهج وليست للرجال . إن مصادمة ومهاجمة عالم من العلماء أو معارضته إن صدرت من شيخ أو حتى من طالب علم قد حفظ القرآن الكريم أو الكثير منه والكثير من أحاديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، وقرأ ودرس على يد عالم جليل تهون قليلا ً عند مَن يصادم ويعارض وتراه متخصصا ً في الزراعة أو التجارة أو المحاسبة وقد نال فيها شهادته العليا !! فلو أن أستاذا ً أو دكتورا ً في الزراعة تكلم أو أبدى رأيه في مسألة محاسبية أو العكس لاستُهجِن فعله ، ولو أن أستاذا ً في الجغرافيا تكلم في الطب للاموه وأنبوه ، ولكن عندما يخوض متعالم في مسائل عقدية جليلة وهو لايكاد يحفظ قصار السور ، ولا يأتيك بعشرة أحاديث مُسندة ، ويجادل ويخاصم شيوخ العلم فهذا أمر مشروع ، فالدين ليس حكرا ً على أحد ، وما بقي إلا أن يُقال : الفتوى ليست حكرا ًعلى أحد. إن إجلال وتوقير العلماء الربانيين ، وإضفاء هالة من التقدير والاحترام عليهم ، ليس إلا لجلال وعظيم مايَحملون من علمٍ وفقهٍ جديرَين بالاحترام والتبجيل ، ولم لايُجَل ويُحترَم ويُتأدب مع ورثة الأنبياء ؟ إنني أحترم و(أحب) أيضا ً مَن يُردِّد ويرفع شعار : أحب الصالحين ولستُ منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة وأكرهُ مَن تجارته المعاصي ولو كنا سواءً في البضاعة فمحبة العلماء الصالحين المصلحين بذرة خيرمتأصلة في روح المحب لهم، والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. *رافد: يقول أحمد بن علي بن مشرَّف التميمي: وَمَن يَكن الوَحيُ المَطَهَّرُ علمُهُ فَلا رَيبَ في توفيقِهِ وَاِهتِدائِهِ وَما يَستوي تالي الحَديث وَمَن تلا زَخارِفَ مِن أَهوائِهِ وَهَذائِِهِِ عبدالله بن إبراهيم بن حمد البريدي [email protected]