الحوار لفظ عام يشمل صوراً عديدة منها المناظرة والمجادلة ومراجعة الكلام والحديث بين طرفين, دون أن يكون بينهما ما يدل بالضرورة على الخصومة. وقد يكون جدلاً لاحواراً، حين يفترقان ويتحول الحوار إلى لدد في الخصومة, وقد يكون مناظرة, لأن المتناظرين يتراجعان الكلام في قضية ما, بعد النظر فيها بعين البصيرة. الحوار هو الجلوس مع من له فكر مغاير عن فكري ونقطة الخلاف هي الطريقة التي نصبو إليها، وهي الهدف المشترك. هذا هو الحوار الذي أصبح الكثير منا يفتقده ويفتقد القدرة على المواجهة والتعامل بمكاشفة كاملة دون خُسران الطرف الآخر لأنه معناه فُقد واستبدل بمعنى آخر في عقول الكثيرين... وبهذا الفكر أعتقدَ الأكثرية أن امتلاكه منصبا ما أو ترؤسه لمجموعة معينة يعطيه الحق في أن لغة الحوار تسلطية إجبارية ليس للطرف الآخر فيها أي خيار، لذلك أصبحت الانقسامات والحزبيات في منطقة العمل كثيرة، وأصبح الفرد العامل بها يقيس مدى احتياجات من يرأسه ومدى مفهوم الحوار لديه حتى يستطع أن يصنف نفسه بين منافق وناقل للأخبار باحتراف يعمل بلا كلل ولا ملل حتى يتم الرضا عنه.. ومن وراء الكواليس لا تجد إلا الصورة الأخرى من هذا الفرد الذي استطاع أن يتلون بشتى الألوان ليتمكن من العيش بسلام ويتفوق على زملائه .. ليس بالعمل بل لإتقانه فن التشكل والتلون كالحرباء التي ما أن تضعها على سطح ما حتى أصبحت بنفس لونه . وقد تصل بذلك الشخص الى أنه ليست لديه الإمكانية الأساسية للحوار الصريح الواضح .. فيبدأ ضرب الأمثال ويورد القصص الخيالية التي ليس لها أساس من الصحة، ليفهم من يتحاور معه أنه المقصود بذلك الحديث ولسان حاله يقول : ( إياك أعني .. واسمعي ياجارة)، وهو أحد الأسباب التي أدت إلى فقد لغة الحوار بيننا وليس فقط ذلك، بل فقدنا معها القدرة على حسن الاستماع وتفننا في لغة المدح لأتفه الأسباب وعدم إظهار الاستياء أو القبول والرفض لأمور لابد لنا من التصريح فيها بالرأي. أصبحت البشرية تفتقد لغة الحوار وحسن التعامل ووضوحه وحسن الاستماع وإحسان الظن وتقبل الفكر.. وأصبحت اللغة التهكمية التسلطية الهجومية المقللة من شأن الآخرين هي النبراس الأساس والمغلف بلغة الحوار الديمقراطي وليس لشئ بل ليقال : إن فلانا يتقن فن الحوار.. لذلك كثُرت الاصطدامات والمشاكل التي أخذنا ندفع ثمنها كل دقيقة نحياها..لكن كيف يريد أن يتقن فن الحوار من لا يستطيع التمييز بين أحرف الجر والضمائر والأسماء الموصولة، لكنه يجيد الإشارة بسبابته لإصدار الأوامر وإدارة الحوار. ( قلم / أ.هند المسند )