معضلة حقيقية حينما نرى أو نسمع عن مواطنٍ اعتلى مبنىً مكونًا من عشرة أدوار ليضع لحياته حدًا بإلقاء نفسه من ذاك الارتفاع ..! دولنا الخليجية يفد إليها المعدمون بحثًا عن لقمة العيش ، ثم يعودون إلى أوطانهم أثرياء ، بينما نجد بعض مواطنيها يقبعون تحت خط الفقر الأحمر ..! حينما لم يجد المواطن الخليجي النظام الذي يحميه ويكفل له العيش الهانئ على أرضه فتك به ( النصابون ) بالمساهمات الوهمية ، ومزقه ( الهوامير ) في الأسواق المالية ، وأكلت ( البنوك المركزية ) قوت أولاده بالتسهيلات والبطاقات الائتمانية ..! قبل فترة ، أتى إليّ أحد الأحبة في اليوم الذي تنزل فيه الرواتب يقول حسابي بالسالب ..! كيف ..؟ قال : خصم البنك مبلغ اثني عشر ألفًا مستحقات ( بطاقة ائتمانية ) وراتبي عشرة آلاف ريال ، فأصبح رصيد الحساب ( سالب ألفين ) ..! وحين رأى علامات اللوم والعتاب باديتينِ على وجهي ، قال أعرف ما يدور في نفسك لكن أقسم بمن رفع السماء بغير عمد ما أخذتُ ( البطاقة الائتمانية ) إلا من أجل علاج زوجتي في أحد المستشفيات الخاصة حين لم تتحمل كثرة مواعيد المستشفيات الحكومية ..! أي نظامٍ يسمح لهذا البنك بخصم كل الراتب دون مراعاةٍ إنسانية لحالة هذا ( العميل ) وحالة أفراد أسرته ..؟ ألا يوجدُ نظامٌ يحمي هذا المواطن من الجشع الذي مورس عليه..؟ يستغرب الكثير منّا ظاهرة محاولة الانتحار التي بدأت تظهر على سطح مجتمعنا متناسين أن الإنسان ( طاقة ) محدودة في مقاومة الضغوطات المتزايدة على كاهله من أعباء الحياة .. هي ظاهرة ( محرّمة شرعًا ) بدأت تدق أجراسها ولن يمنع من تفشيها وانتشارها إلا التفاتة من أولي الأمر - أطال الله في أعمارهم على طاعته - إلى هذا المواطن المغلوب على أمره فيمنحوه ما يحقق له الأحد الأدنى من درجات العيش التي تجعله مواطنًا صالحًا بنّاءً في وطنه بدلاً من بحثه عن الموت بأقصر الطرق ..! بلادنا بلاد ُخيرٍ ظهرتْ نعائمها على من هم خارجها ، ونحن لا نريدها أن تظهر على مواطنها إلى درجة ( الترف ) بقدر ما نريد أن يعيش معززًا مكرمًا لا يناله إذلال الفقر وضيق ذات اليد .. المواطن يحتاج إلى حماية من مسعوري الجشع حتى لا يغتصبوا منه قوت أبنائه ، فلا يجد أمامه من سبيل إلا اقتحام نطحات السحب ليترك الحياة بما فيها لمن نُزعت الرحمة من قلوبهم .. لعمري ، إن ( ابن الأرض ) إن لم يعش مكرمًا على ظهرها فباطنها أفضل له وكفى .. محمد السوادي - جدة